تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من اسمه نصيب فهو المغني حقاً، يغني طالب العلم عن كثير من كتب الفقه، ولا

يغني عنه كثير منها، فهو كتاب (في فقه المسلمين كافة) كما يقول الشيخ محمد

رشيد رضا، يذكر أقوال علماء الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار المشهورين،

كالأئمة المتبوعين وغيرهم، ويحكي أدلة كل منهم.

فقام الدكتور بحذف (التفريعات النادرة الوقوع، والأقوال الضعيفة أو الشاذة). وما كان ينبغي له أن يفعل ذلك؛ فشذوذ القول لا يبيح لنا حذفه من الكتاب، ووجوده هو الذي يثبت القاعدة الأصل. وكذلك الأقوال الضعيفة، فكم من قول ضعيف في المذهب مثلاً، نجده راجحاً عند إمام آخر في المذهب، أو عند واحد من علماء الترجيح، وكثيراً ما نجد في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ترجيحاً لواحدٍ من هذه الأقوال.

أما (الاكتفاء من الأدلة بالأصح والأصرح)، فكان يغنينا لتحقيق ذلك كتاب

مختصر في الفقه، مما يُعنى بالدليل، لأنه عندئذ لا يستدل إلا بما هو صريح غالباً، وبما هو صحيح كذلك من حيث الاستدلال، وتبقى ميزة المغني في أنه يستوعب

الأدلة الصريحة وغير الصريحة، وهذه الأخيرة تشد الدليل وتقويه كذلك.

ومن ميزات المغني كذلك: أنه يعرض لفقه مجموعة كبيرة من علماء السلف، فاكتفى فضيلة الدكتور (بذكر من قال بالمسائل من أصحاب المذاهب المشهورة

غالباً .. ) وفي هذا حرمان لطالب العلم من معرفة آراء غير المشهورين، وقد يكون

لها قيمتها ومكانتها.

عجبت للأخ الدكتور حين يقول: (أثبت نصوص الأحاديث من كتب

الأحاديث .. ). فهل معنى ذلك: أن ابن قدامة، رحمه الله، لما أثبت الأحاديث واستدل بها في كتابه أخذها من غير كتب الحديث؟ أم أنه يقصد أن فيها اختلافاً عما يجده بين يديه من كتب الحديث؟

فإن كانت الأولى، فأين الدليل؟. وإن كانت الثانية؛ فإن أقل ما يقال: إن

هذا من اختلاف النسخ والروايات، وهذا معلوم وقوعه كثيراً .. وحتى لو كان غير

ذلك فيمكن الإشارة إلى هذا في حاشية الكتاب.

وأما العناية الكبيرة والإطالة في التخريج، حتى تبلغ التعليقة أحياناً ثلثي

الصفحة بخط دقيق، فهي تتنافى مع فكرة الاختصار، وتناقضها أيضاً.

ويزداد العجب أيضاً من قول فضيلة الدكتور في مختصره: (لم أُعْنَ

بالتعريفات أو المصطلحات أو المفردات شرحاً أو توثيقاً حتى لا أخرج عن طبيعة

الاختصار) فهو قد خرج عن الطريقة قبل قليل. ولو خرج هنا لكان ذلك جائزاً،

فإني أعلم أنه أستاذ جامعي يتلقى الطلبة على يديه أصول البحث العلمي والمنهج

الصحيح، في مواد الشريعة وعلومها، بين جدران كليات الجامعة الإسلامية، ولا

أظن طالب عالم ينازع في أن المصطلحات والتعريفات - في كل علم - من أول ما

ينبغي أن نعنى بها وأن نحددها تحديداً صحيحاً واضحاً، وإلا وقع الالتباس

وضاعت المفاهيم، وتنازعنا فيما نحن متفقون عليه حقيقة.

وأما الاعتذار عن إهمال الشرح والتوثيق للمفردات حتى (لا يخرج عن

طبيعة الاختصار، هذا مع سهولة الوصول إليها، لمن أراد التوسع فيها، في كتب

شروح الفقه والحديث والغريب واللغة) هذا الاعتذار يأتي حجة على صاحبه في

القيام بالاختصار، لأنه يعيدنا ثانية إلى كتب الشروح والحديث .. فكان ينبغي أن

يخفف العناء، فيترك (المغني) لمن أراد هذا التوسع، دون المسخ والاختصار،

ومن لا يريد التوسع فأمامه المختصرات، فهي تكفيه.

إن اعتراضنا على فكرة الاختصار وأسلوبه له ما يسوِّغه، فإن كثيراً من

طلبة العلم سيقتحمون هذه المخاطرة إذا وجدوا من مشايخهم من يستدلون بعمله،

وعندها تكون الفوضى بأجلى صورها، وها نحن نسمع أن أحدهم قد شرع

باختصار (المجموع شرح المهذب)!

ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[23 - 05 - 04, 03:01 ص]ـ

جولة ثانية

في الهجوم على العمالقة

- 1 -

محمد عبد الله آل شاكر

أصبحت المختصرات الماسخة للأصول المطولات من تراثنا كثيرة كثرة

تستلفت النظر وتدعو للوقوف عندها. وأصل فكرة الاختصار هذه، وواقعها عند

أدعياء التيسير والتهذيب اليوم؛ محل نظر.

ويطول بنا الحديث لو رحنا نستقصي آثارها ومظاهرها» فحسبنا - إذن -

أن نشير إلى دراسة ممتعة في هذا، قدمها الشيخ عثمان عبد القار صافي، من

طرابلس الشام، بعنوان: (أخطار على المراجع العلمية لأئمة السلف) (طبع دار

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير