والثاني: تبيين فضيلته في الفقه والتخريج على أغياره.
والعين المستنبط منها عين واحدة، ولكن من عجائب قدرة اللطيف في تدبير صنعه: أن تسقى بماء واحد ويفضل بعضها على بعض في الأكل!
? ? ?
نجز الجزء – والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً – ليلة الثلاثاء تاسع عشر (1) جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وسبعمائة بالدادرلية? بمحروسة دمشق، كتبه أحمد بن علي بن عيسى الشافعي – عفا الله عنه.
ـ[ابوعبدالله العمير]ــــــــ[11 - 06 - 04, 01:30 ص]ـ
ذكر ما جاء من الفوائد في كتاب " فتح الباري "
زيادة على ما جاء بشرح ابن القاص
وذكر ابن بطال من فوائد هذا الحديث أيضاً:
استحباب النضح فيما لم يتيقن طهارته.
وفيه أن أسماء الأعلام لا يقصد معانيها.
و أن إطلاقها على المسمى لا يستلزم الكذب، لأن الصبي لم يكن أباً، و قد دعي:أبا عمير.
وفيه جواز السجع (1) في الكلام إذا لم يكن متكلفاً.
وأن ذلك لا يمتنع من النبي صلى الله عليه وسلم كما امتنع منه إنشاء الشعر (2).
وفيه إتحاف الزائر بصنيع ما يعرف أنه يعجبه من مأكول أو غيره.
وفيه جواز الرواية بالمعنى، لأن القصة واحدة وقد جاءت بألفاظ مختلفة.
وفيه جواز الاقتصار على بعض الحديث، و جواز الإتيان به تارة مطولاً، و تارة ملخصاً، وجميع ذلك يحتمل أن يكون من أنس، و يحتمل أن يكون ممن بعده، و الذي يظهر أن بعض ذلك منه، و الكثير منه ممن بعده، و ذلك يظهر من اتحاد المخارج واختلافها.
وفيه مسح رأس الصغير للملاطفة.
وفيه دعاء الشخص بتصغير اسمه عند عدم الإيذاء.
و فيه جواز السؤال عما السائل به عالم لقوله: "ما فعل النغير؟ " بعد علمه بأنه مات.
وفيه إكرام أقارب الخادم و إظهار المحبة لهم، لأن جميع ما ذكر من صنيع النبي صلى الله عليه و سلم مع أم سليم و ذويها كان غالبه بواسطة خدمة أنس له.
ومن الفوائد التي لم يذكرها ابن القاص و لا غيره في قصة أبي عمير:
أن عند أحمد في آخر رواية عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس: " فمرض الصبي فهلك " فذكر الحديث في قصة موته، و ما وقع لأم سليم من كتمان ذلك عن أبي طلحة حتى نام معها، ثم أخبرته لما أصبح، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فدعا لهما، فحملت ثم وضعت غلاماً، فأحضره أنس إلى النبي صلى الله عليه و سلم فحنكه، و سماه:عبد الله، و قد تقدم شرح ذلك مستوفي في كتاب الجنائز (1)، و تأتي الإشارة إلى بعضه في باب المعاريض (2) قريباً.
وقد جزم الدمياطي في أنساب الخزرج بأن أبا عمير مات صغيراً.
وقال ابن الأثير (3) في ترجمته في الصحابة: " لعله الغلام الذي جرى لأم سليم و أبي طلحة في أمره ما جرى "، وكأنه لم يستحضر رواية عمارة بن زاذان المصرحة بذلك فذكره احتمالاً.
ولم أر عند من ذكر أبا عمير في الصحابة له قصة غير قصة النغير، و لا ذكروا له اسماً بل جزم بعض الشراح بأن اسمه كنيته.
فعلى هذا يكون ذلك من فوائد الحديث، وهو جعل الاسم المصدر بأب أو أم اسماً علماً من غير أن يكون له اسم غيره، لكن قد يؤخذ من قول أنس في رواية ربعي بن عبد الله: (يكنى أبا عمير) أن له اسماً غير كنيته.
ـ[ابوعبدالله العمير]ــــــــ[11 - 06 - 04, 01:32 ص]ـ
وأخرج أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من رواية هشيم، عن أبي عمير بن أنس ابن مالك، عن عمومة له حديثاً، وأبو عمير هذا ذكروا أنه كان أكبر ولد أنس، وذكروا أن اسمه عبد الله -كما جزم به الحاكم أبو أحمد وغيره - فلعل أنساً سماه باسم أخيه لأمه وكناه بكنيته و يكون أبو طلحة سمى ابنه الذي رزقه خلفاً من أبي عمير باسم أبي عمير لكنه لم يكنه بكنيته والله أعلم.
ثم وجدت في كتاب " النساء " - لأبي الفرج ابن الجوزي -قد أخرج في أواخره في ترجمة أم سليم عن طريق محمد بن عمرو - وهو أبو سهل البصري، وفيه مقال - عن حفص بن عبيد الله، عن أنس .. أن أبا طلحة زوج أم سليم كان له منها ابن يقال له حفص، غلام قد ترعرع، فأصبح أبو طلحة وهو صائم في بعض شغله .. فذكر قصة نحو القصة التي في الصحيح بطولها في موت الغلام و نومها مع أبي طلحة، وقولها له: " أرأيت لو أن رجلاً أعارك عارية ... ) إلخ ـ، و إعلامها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك و دعائه لهما، و ولادتها و إرسالها الولد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحنكه.
وفي القصة مخالفة لما في الصحيح: منها أن الغلام كان صحيحاً فمات بغتة، ومنها: أنه ترعرع، والباقي بمعناه، فعرف بهذا أن اسم أبي عمير: حفص، وهو وارد على من صنف في الصحابة وفي المبهمات، والله أعلم.
ومن النوادر التي تتعلق بقصة أبي عمير: ما أخرجه الحاكم (1) في " علوم الحديث": عن أبي حاتم الرازي أنه قال: حفظ الله أخانا صالح بن محمد – يعني الحافظ الملقب: جزرة – فإنه لا يزال يبسطنا غائباً وحاضراً (2)، كتب إلي أنه لما مات الذهلي (3) – يعني بنيسابور – أجلسوا شيخاً لهم – يقال له: محمش – فأملى عليهم حديث أنس ... فقال: يا أبا عمير، ما فعل البعير! قال بفتح عين عمير، بوزن عظيم، وقال بموحدة مفتوحة بدل النون وأهمل العين، بوزن الأول، فصحف الاسمين معاً!!!
قلت: ومحمش هذا لقب، وهو بفتح الميم الأولى، وكسر الثانية، بينهما حاء مهملة ساكنة، وآخره معجمة، واسمه: محمد بن يزيد بن عبد الله النيسابوري السلمي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: روى عن يزيد بن هارون وغيره، وكانت في دعابة.
تم بحمد الله
للإمام الفقيه أبي العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري البغدادي الشافعي
المعروف بابن القاص "توفي سنة 335هـ"
تحقيق وتعليق
صابر أحمد البطاوي
¥