تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عنهما، كما حصل للنسائي رحمه الله، لما سئل عن ذلك، فقال: وأي شيء أخرج في فضائل معاوية، (لا أشبع الله بطنه)، مع أن بعض العلماء تأول هذا الحديث بما يقتضي جعله من مناقب معاوية رضي الله عنه، وقال الشيخ محمود مهدي الإستانبولي، مخرج أحاديث العواصم من القواصم للقاضي أبي بكر بن العربي المالكي رحمه الله، بأن هذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم غير مقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله صلى الله عليه وسلم لبعض نسائه: تربت يمينك، ويمكن أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلم بباعث البشرية، التي أفصح عنها في أحاديث كثيرة متواترة، منها حديث عائشة رضي الله عنها: (… أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته أو سببته، فاجعله له زكاة وأجرا) رواه مسلم.

والشيخ الحميد حفظه الله، يميل إلى أنه لم يصح شيء في فضل معاوية رضي الله عنه.

ويؤكد الشيخ الحميد حفظه الله، على أن موقف الحاكم رحمه الله من معاوية رضي الله عنه، لا يبلغ درجة الرفض، ولكن تشيعه أشبه ما يكون بتشيع أهل الكوفة، كوكيع والأعمش، وتشيع بعض كبار علماء أهل السنة، كالنسائي وابن عبد البر وابن جرير الطبري، والفرق بينه وبين الرفض كبير، فالأول أصحابه لا يقدحون في الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا في عثمان رضي الله عنه، ويقدمون الشيخين رضي الله عنهما في الفضل والخلافة، ويقدمون عثمان رضي الله عنه في الخلافة ونقطة الخلاف الوحيدة بينهم وبين أهل السنة الخلص أنهم يقدمون عليا رضي الله عنه على عثمان في الفضل، وهذا وإن كان مما يخالف فيه هؤلاء إلا أنه لا يوجب تفسيقا أو تضليلا، وإنما الذي يوجب الفسق والتضليل هو تقديم علي رضي الله عنه في الفضل أو الخلافة على الشيخين رضي الله عنهما، أو تقديمه رضي الله عنه على عثمان في الخلافة لا الفضل كما نبه إلى ذلك شيخ الإسلام، وأما الثاني فهو مذهب خبيث يقتضي الطعن في الشيخين رضي الله عنهما وعثمان رضي الله عنه والقدح في إمامتهم وهو الذي يوجب التفسيق والتضليل، بل إن الحاكم أحسن حالا من شيعة أهل السنة، لأنه لا يقول بتقديم علي رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه.

السبب الثاني: تخريج الحاكم رحمه الله، لأحاديث ضعيفة، بل وموضوعة، في فضائل آل البيت، ومن أبرزها حديث الطير، و (أنا مدينة العلم …)، و (النظر إلى علي عبادة).

والشيخ الحميد حفظه الله، يعلق على هذا السبب بقوله، بأن التساهل الذي وقع للحاكم رحمه الله في تخريج أحاديث الفضائل، لم يقتصر على أحاديث آل البيت فقط، وإنما تعداه إلى أحاديث الفضائل الأخرى، ويقول حفظه الله، بأن أحاديث الفضائل التي خرجها الحاكم رحمه الله، وانتقدت عليه، يمكن نقدها كالتالي:

قسم منها، ظاهر الوضع، كالحديث الذي خرجه عن محمد بن حيوية الهمذاني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن أبيه عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: خذوا عني قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل، وذكر حديث: (أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائر ذلك في سائر الجنة)، وهو حديث واضح البطلان، ورغم ذلك قال عنه الحاكم: متن شاذ، وإسحاق صدوق وعبد الرزاق وأبوه ثقتان، وميناء بن أبي ميناء سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم. اهـ، وقد شدد الذهبي رحمه الله النكير على الحاكم لتخريجه هذا الحديث في المستدرك على الشيخين، فقال: ما قال هذا بشر سوى الحاكم، وإنما هذا تابعي ساقط (أي ميناء)، قال أبوحاتم: كان يكذب، وقال ابن معين: ليس بثقة، وأظن هذا وضع على الدبري فإن ابن حيوية متهم بالكذب، أفما استحييت أيها المؤلف أن تورد هذه الأخلوقات من كلام الطرقية، فيما يستدرك على الشيخين اهـ.، ولا شك أن هذ مما يؤخذ على الحاكم رحمه الله، لأن شيخه كذاب، وراوي الحديث الأعلى كذاب.

وقسم منها، حدث فيه الخلاف بين أهل العلم، وأبرز الأمثلة على ذلك، حديث الطير، وقد سبق ذكره، والراجح فيه أيضا، رغم وجود الخلاف، أنه باطل، والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير