تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السبب الثالث: أنه أخرج لرواة متهمين، بل إنه قد يذكر أحد الرواة في كتبه، كتاريخ نيسابور والضعفاء والمدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم، ويتهمه بالكذب، ومع ذلك يخرج له في المستدرك، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

§ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، حيث ذكره في كتابه (المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم)، وذكر أقوال أهل العلم في تضعيفه، ومع ذلك أخرج له حديث في التوسل، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب.

§ سهل بن عمار العتكي.

ونقل الشيخ عبد الرحمن الفقيه حفظه الله، كلاما نفيسا للشيخ المعلمي رحمه الله، في التنكيل (1/ 457):

والذي يظهر لي في مواقع في ((المستدرك)) من الخلل أن له عدة أسباب:

الأول: حرص الحاكم على الإكثار وقد قال في خطبه ((المستدرك)): ((قد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على الألف جزء أو أقل أو أكثر كلها سقيمة غير صحيحة)) فكان له هوى في الإكثار للرد على هؤلاء.

الثاني: أنه قد يقع حديث بسند عال أو يكون غريبا، مما يتنافس فيه المحدثين فيحرص على إثباته، وفي ((تذكرة الحفاظ)) ج 2 ص 270 ((قال الحافظ أبو عبد الله الأخرم استعان بي السراج في تخريجه على ((صحيح مسلم)) أتحير من كثرة حديثه وحسن أصوله، وكان إذا وجد الخبر عاليا، يقول: لا بد أن يكتبه ((يعني في المستخرج)) فأقول: ليس من شروط صاحبنا يعني مسلما فشفعني فيه، فعرض للحاكم نحو هذا، كلما وجد عنده حديثا يفرح بعلوه أو غرابته اشتهى أن يثبته في المستدرك.

الثالث: أنه لأجل السببين الأولين ولكي يخفف عن نفسه من التعب في البحث والنظر لم يلتزم أن لا يخرج ما له علة وأشار إلى ذلك، قال في الخطبة: ((سألني جماعة ... أن أجمع كتابا: يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها ولا سبيل إلى إخراج مالا علة له فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسهما)) ولم يصب في هذا فإن الشيخين ملتزمان أن لا يخرجا إلا ما غلب على ظنهما بعد النظر والبحث والتدبر أنه ليس له علة قادحة، وظاهر كلامه أنه لم يلتفت إلى العلل البتة.

الرابع: أنه لأجل السببين الأولين توسع في معنى قوله: ((بأسانيد يحتج ... بمثلها))، فبنى على أن في رجال الصحيحين من فيه كلام فأخرج عن جماعة يعلم أن فيهم كلاما، ومحل التوسع أن الشيخين إنما يخرجان لمن فيه كلام في مواضع معروفة:

أحدها: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلام لا يضره في روايته البتة كما أخرج البخاري لعكرمة.

الثاني: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلالم إنما يقتضي أنه لا يصلح للاحتجاج به وحده، ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقرونا أو حيث تابعه غيره ونحو ذلك.

ثالثها: أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه، أو برواية فلان عنه،، أو بما سمع منه بعد اختلاطه، أو بما جاء عنه عنعنة وهو مدلس ولم يأت عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس، فيخرجان للرجل حيث يصلح ولا يخرجان له حيث لا يصلح، وقصر الحاكم في مراعاة هذا وزاد فأخرج في مواضع لمن لم يخرجا ولا أحدهما له بناء على أنه نظير من قد أخرجا له، فلو قيل له: كيف أخرجت لهذا وهو متكلم فيه؟ لعله يجيب بأنهما قد أخرجا لفلان وفيه كلام قريب من الكلام في هذا ولو وفى بهذا لهان الخطب ولكنه لم يف به فأخرج لجماعة هلكى.

الخامس: أنه شرع في تأليف (المستدرك) بعد أن بلغ عمره اثنتين وسبعين سنة وقد ضعفت ذاكرته، وهذا ما أشار إليه أيضا الحافظ رحمه الله، واعتذر به عما وقع للحاكم من أوهام، وكان فيما يظهر تحت يده كتب أخرى يصنفها مع (المستدرك) وقد استشعر قرب أجله فهو حريص على إتمام (المستدرك) وتلك المصنفات قبل موته، فقد يتوهم في الرجل يقع في السند أنهما أخرجا له، أو أنه فلان الذي أخرجا له، والواقع أنه رجل آخر، وقد رأيت له في (المستدرك) عدة أوهام من هذا القبيل يجزم بها فيقول في الرجل: قد أخرج له مسلم، مثلا، مع أن مسلما إنما أخرج لرجل آخر شبيه اسمه، يقول في الرجل: فلان الواقع في السند هو فلان بن فلان. والصواب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير