ـ[الدرعمى]ــــــــ[05 - 08 - 04, 08:18 ص]ـ
لم نقل أخى الكريم بتعارض فناء النار مع رحمة الله تعالى وكرمه وإنما هو يتعارض مع ظواهر النصوص ولم يثبت فيه شىء والمسائل المتعلقة بالسمعيات أخى الكريم لا مجال فيها للعقل.
والموضوع متعلق بنسبة ذلك إلى ابن تيمية وليس فى كون ذلك هو مذهب أهل السنة وأنت تقول إن هناك مخطوط قد عثر عليه يؤكد ذلك فما هى معلوماتك عنه أخى الكريم.
أما إقرار ابن القيم بفناء النار فليس صحيحًا وإنما هو أورد هذا المذهب ونقله عن بعض السلف والروايات عن عمر رضى الله عنه وابن مسعود وغيرهما لم تثبت ولا يهمنا تقدم تلك الكتب عن الوابل الصيب أو تأخرها لأنه كما قلت لك لم يقر بذلك.
ـ[جمال خان]ــــــــ[05 - 08 - 04, 03:50 م]ـ
أخي الفاضل الدرعمي حفظه الله وتولاه
ما قلت هو صحيح أن مثل هذه المسائل لا تقاس بمقياس العقل وحده، أي لا نخوض في تفاصيلها وكيفيتها، إلا أنه ليس معنى ذلك أن ما جاء به الاسلام قد يتعارض مع العقل وليس له صلة بالعقل، أو ليس فيه الطابع العقلاني. فما جاء به الاسلام يمكن ألا تفهمه عقولنا إلا أنه فعلا يتلاءم مع العقل السليم وليس ضده. مثال ذلك أن لا محدودية الكون والفضاء والزمن كلها معقولة ولو لم تفهمه عقولنا. إلا أن المسألة قيد البحث ليست من هذا القبيل. فتعذيب الكفار لذنب محدود مهما عظم إلى ملايين وبلايين سنة وبدون نهاية لا يقال فيه أنه الجزاء من جنس العمل أو انه من الحكمة. فهذا لا يتصور من الله سبحانه تعالى مع ما يتصف به من رحمة وكرم وعدل وحكمة. فالعذاب مهما طال لا بد أن ينتهي.
ثانيا القول بأن فناء النار يتعارض مع ظواهر النصوص أيضا لا يصح. مثلا الخلود ليس بصريح في معنى الدوام والأبدية إلى ما لا نهاية له. الخلود وحده وكذلك المقرون بالأبد جاء في حق المؤمن والمسلم أيضا كما لا يخفى عليكم، وبين معناه المكث الطويل كثير من المفسرين وعلماء أهل السنة. معناه أن الخلود يختلف معناه بقرينة تحدده. مثلا في أهل الجنة معناه الدوام إلى ما لا نهاية له وفي حق المسلمين معناه المكث الطويل وإخراجهم من النار وهي نار وفي حق الكفار معناه المكث الطويل وبقاءهم في النار ما دامت باقية.
ثالثا جاء في القرآن ما يشير إلى عدم دوام النار وذلك في ثلاث آيات حيث جعل الله سبحانه مبلغ ومنتهى عذابه بحق الكفار إلى مشيئته. ولم يجئ مثل ذلك في حق المؤمنين. بل جاء فيهم مثل عطاء غير مجذوذ؛ أكلها دائم وظلها؛ فلهم أجر غير ممنون وآيات كثيرة فيها الدوام وعدم الانقطاع في حق المؤمنين أصرح ما لا يدع أي مجال للشك.
رابعا أن هذه المسألة خلافية وليس شيخ الاسلام وابن تيمية رحمهما الله فحسب ذكروا هذا الخلاف، بل وسبقهما المفسر الشهير الطبري رحمه الله والمفسر عبد بن حميد رحمه الله وآخرون خاصة عند ذكر آيات الاستثناء في سورة الهود والأنعام وكذلك عند تفسير لا بثين فيها أحقابا. وتفريقهم بين الجنة والنار واضح وضوح الشمس. ما اختلفوا في دوام الجنة وأبديتها واختلفوا كثيرا في دوام النار. فدوام الجنة أمر مفروغ منه ولا خلاف فيه أصلا إلا من شذ بخلاف النار. فبعضهم تركوا منتهى عذاب الكفار إلى مشيئة سبحانه وتعالى, وبعضهم صرحوا بأن عذابهم فيها يكون إلى مدة الأحقاب وغير ذلك. أليس هذا يثبت انهم لم يتفقوا أبدا على دوام النار وأبديتها وعدم انقطاعها. والقول بأن الروايات عن عمر رضي الله عنه وابن مسعود وغيرهما لم تثبت لا يصح. يكون بعض هذه الروايات لا كلها ضعيفة. بعضها مع الانقطاع يصح وبعضها قد يدعمها بعض الآثار الأخرى. ومن قالوا بفناء النار لا يعتمدون على هذه الآثار والأقوال فقط بل يستدلون له بالقرآن والسنة ويوردون هذه الآثار والأقوال تقوية لموقفهم.
خامسا المخطوطة قد عثر عليها الشيخ السمهري والآن هي مطبوعة كما ذكره الأخ ابن رجب وفيها رد ابن تيمية رحمه الله على القول بفناء الجنة والنار وإثبات فناء النار وحدها وهو مصنف ابن تيمية الذي أشار إليه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه شفاء العليل. والذي يقرأها يتضح له جيدا أن شيخ الاسلام رحمه الله يقرر فناء النار.
أخي الكريم كذلك من يقرأ كتاب حادي الأرواح وكذلك شفاء العليل يتضح له وضوحا تاما أن العلامة ابن القيم رحمه الله لا يميل إلى القول بفناء النار فحسب بل يقرره ويبرهنه من وجوه وأدلة نقلية وعقلية كثيرة. فليس من الأمانة والانصاف القول بأنه فقط ينقل هذه المسألة. نعم يمكن أن يقال يراه شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولكن ليسوا معصومين ويمكن أن يصدر منهم أخطاء. ولكن القول بأن نسبة فناء النار إليهما خطأ عار من الصحة. وإنني أرى أن الصواب معهما في هذه المسألة.
أخي الكريم ما دام أن ابن تيمية رحمه الله وابن القيم رحمه الله وكذلك صاحب شرح العقيدة الطحاوية عز الدين رحمه الله وكذلك ابن الوزير رحمه الله كلهم يثبتون هذا الخلاف بين أهل السنة والجماعة وأن في المسألة قولان معروفان عن السلف والخلف، فكيف يمكن أن يقال أنه ليس من مذهب أهل السنة أو على الأقل أحد قولي أهل السنة.
وشكرا
ايه ايم جمال
¥