واسنده عن ستة نص قولهم
أكابر من صحب النبي الأكارم
وأراد بالثاني حمل الاستثناء في وعيد أهل النار على فنائها وانقطاع عذابها
هذا بيان مراده.
ولكنك إذا تحققت ما أسلفناه عرفت أنه لم يتم لابن تيمية ما نسبه إلى الستة المذكورين من القول بفناء النار وانه ليس بنص قولهم كما قال السيد محمد ولعله يريد نص لفظهم وإن لم يدل على مدعى ابن تيمية أو أنه نص عنده فيما ادعاه وإن كان غير صحيح ويرشد إلى أنه أراد ذلك قوله بعد ذلك البيت:
فلا تعتقد إن لم يصح مقالهم وبان ضعيفا ساقطا كفر عالم.
ثم قال ابن تيمية مستدلا لفناء النار وانقطاعها أنه قال الله تعالى لابثين فيها أحقابا إلى قول كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا النبأ 23 - 28 وقال هذا صريح في وعيد الكفار المكذبين بآياته ولا يقدر الأبدي بمدة الأحقاب.
فأفاد مفهوم الأحقاب أنه لا خلود فيها إذ الأبدي لا يقدر بزمان وأما دلالتها على أن المخبر عنهم باللبث أحقابا هم الكفار فلقوله فيهم إنهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا.
وهذه صفات الكفار
وهذا تقرير مراد شيخ الإسلام.
والعجب من استدلاله بصدر الآية وذهوله عما عقب به من قوله فلن نزيدكم إلا عذابا فإن المراد لن نزيدكم بعد لبثكم أحقابا إلا عذابا ضرورة أنهم معذبون حين لبثهم فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا فزيادة العذاب بعد الأحقاب بل خص تعالى الزيادة على العذاب وأنه تعالى لا يزيدهم بعد لبث الأحقاب إلا عذابا فانتفى مفهوم العذاب الذي أفاده الجمع الذي جعله ابن تيمية دليلا على فناء النار وعدم أبديتها مع أنه استدلال بمفهوم العدد وهو من اضعف المفاهيم على هذه المفاهيم على هذه المسألة المعظمة الذى لا يعتمد عليه محقق وكيف يجعل اقوى من التأييد المصرح به في عدة آيات من آيات وعيد أهل النار فلو عارض مفهوم العدد منطوق التأبيد لكان الحكم للمنطوق اتفاقا.
هذا وذكر البغوي أنه قال مقاتل بن حيان هذه الآية منسوخة يريد لابثين فيها أحقابا نسختها فلن نزيدكم إلا عذابا النبأ 30 يعني أن العدد قد ارتفع والخلود قد حصل هذا لفظه.
ومراده بالنسخ أن لا حكم لمفهوم العدد وإلا فإنه لا يجري النسخ المصطلح عليه في الأخبار.
وقال الحسن ليس للأحقاب عدة إلا الخلود وذكره عنه البغوي.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال الأحقاب ما لا انقطاع له كلما مضى حقب جاء بعده حقب.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن لابثين فيها أحقابا قال ليس فيها أجل كلما مضى حقب دخل في الآخر وبهذا تعرف رواية ودراية ضعف استدلال شيخ الإسلام على فناء النار وانقطاعها بمفهوم الأحقاب.
ثم استدل ابن تيمية على فناء النار وذهابها بقوله تعالى في سورة الأنعام قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم آية 128.
وبقوله تعالى في سورة هود {خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد} آية 107 وقرر كون آية الأنعام في المشركين بقوله تعالى في صدرها {يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس قال فإن أولياء الجن من الإنس} يدخل فيه الكفار قطعا يريد أنه لا يقال الآية في عصاة الموحدين فقط ثم أبان أن الاستثناء عائد إلى الفريقين الكفار وعصاة الموحدين والكفار بفناء النار والعصاة بالخروج منها وقرر هذا التقرير في آية الاستثناء في سورة هود.
وأقول قد اختلف العلماء من الصحابة ومن بعدهم من أئمة الرواية والدارية في هذا الاستثناء ولنذكر ما وقفنا عليه من ذلك وقد ألم به ابن القيم في هذا الكتاب أعني حادي الأرواح وألم به شيخه شيخ الإسلام في كلامه في هذه المسألة وفاتهما بعطى ما قيل في الآية قال ابن القيم في الباب السابع والستين.
واختلف السلف في هذا الاستثناء فقال معمر عن الضحاك هو في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة فقوله تعالى {خالدين فيها ما دامت السموات والأرض} إلا مدة مكثهم النار.
¥