تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأقول يرد عليه في هذا الوجه الذين استقوا إلى ما اورده هو على من قال إن معنى الاستثناء في آية أهل النار أنهم ينقلون من عذابها إلى الزمهرير فإنه أورد عليه ما أسلفناه من أنه يقتفي أن لا يحصل العذاب بالزمهرير إلا بعد انقضاء مدة السموات والأرض فيقال عليه هذا عين ما قاله هناك أنه يلزم ان لا يخرج عصاة من الموحدين عن النار إلا بعد انقضاء مدة السموات والأرض ولا دليل عليه بل الأدلة قائمة على خلافه كما قدمناه في التثنية مما سبق فالحق مل قدمناه لك من أن إيراده غير وارد على من أورده ولا لازم له لبطلانه في نفسه.

هذا وكلام الفخر الرازي هذا هو كلام المفسرين من أئمة السنة وذكره سعد الدين في شرحه على التلخيص لأنه جعل الاسثناء في الآيتين معا لإخراج عصاة الموحدين وآن المراد بعدم خلودهم في الجنة فراقهم له ايام عذابهم وأنهم داخلون في السعداء باعتبار الايمان وفي الأشقياء بسبب المعاصي ولكن فيه ما عرفت من أن الاستثناء إنما هو من المحكوم عليهم بدخول الجنة خالدين فيها وعصاة الموحدين قبل دخولهم لا يصح في حقهم الاستثناء كما عرفته وقد نبه على هذا المحقق الشريف في حواشيه على المطول حيث قال:

أقول: الخلود إنما هو بعد دخول الجنة فكيف ينقضي بما سبق على الدخول فالصواب أن يقال الاستثناء الأول محمول على ما تقدم من أن فساق المؤمنين لا يخلدون في النار وأما الثاني فهو محمول على أن أهل الجنة لهم سوى نعيمها ما هو أجل وأكبر وهو رضوان الله عز وجل وبقاؤه لا على أن فيهم بعضا يخرج، انتهى.

ولا يخفى أن كلامه في الاستثناء الثاني هو كلام صاحب الكشاف بعينه وأنه يرد عليه ما أورده صاحب الإتحاف وقد سبق لنا رده كما عرفت وهكذا يرد عليه ما أورده صاحب الكشاف كما سبق قريبا أيضا فالأحسن أن يقال ان الاستثناء في آية الجنة من باب حتى يلج الجمل في سم الخياط تقييد بالمحال وان من دخل الجنة لا يخرج منها أبدا بدليل الاجتماع المعلوم ضرورة من الدين وبدليل قوله تعالى {عطاء غير مجذوذ} وفي آية أهل النار محمول على ما ذكر من خروج الموحدين ولا يقال أن هذا يوجب اختلاف في نظم الكلام حيث عدل بالاستثناء الثاني عما حمل عليه الاستثناء الأول مع أنهما سيقا مساقا واحدا لأنا نقول قد دفع الشريف هذا الإيراد لأنه ورد ما وينهي إليه بقوله الأول محمول على الظاهر وقد عدل بالثاني عنه بقرينة واضحة مما ذكرنا فلا إشكال ولا اختلاف.

إذا عرفت حقيقة هذه الأقوال التي حققها الاستدلال وأساطين المفسرين وعيون العيون من المحققين عرفت أن آية الاستثناء كما قال صاحب الكشاف من المعضلات وقد اختلفت فيه كما رأيت أذهان المحققين الأثبات وقد سبق قول ابن القيم في آية الاستثناء في أهل الجنة أنه على كل تقدير أن الاستثناء فيه من المتشابه وأن المحكم قوله تعالى عطاء غير مجذوذ هود 108 وظلها دائم وآيات الخلود التي وردت في الكتاب العزيز فلك أن تقول بغير هذا القول في آية الاستثناء في أهل النار انه من المتشابه وان المحكم خالدين فيها وما هم منها بمخرجين الحجر 48 والآيات المصرحة بخلود أهل النار في القرآن كثيرة جدا وسيأتي عد بعضها فيرد المتشابه وهي آية الاستثناء إلى المحكم وقد حكم الله بخلود اهل النار في النار وتواترت الأحاديث بإخراج عصاة الموحدين وقد ورد الاستثناء فلا ندري ما أراد الله هل بإخراج العصاة من الموحدين كما قال جماهير أهل السنة وهو المروي عن ابن عباس كما أسلفناه عنه أو هو قريب أو هو عين المراد أو أراد به أمرا استأثر الله بعلمه فنقول آمنا بالله كل من عند ربنا آل عمران 76 وقد اخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى إلا ما شاء ربك فإن الله أعلم ثنيته على ما وقعت وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال قد أخبرنا الله بالذي شاء لأهل الجنة فقال عطاء غير مجذوذ ولم يخبرنا بالذي شاء لأهل النار وأخرج ابن المنذر عن أبي وائل أنه كان إذا سئل عن الشئ في القرآن قال قد اصاب الله به الذي اراده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير