تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأقول: قال الله تعالى مخبرا عن المشركين واعترافهم المذكور وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير الملك 10 و 11 فهذا نص في اعترافهم الإعتراف الحقيقي فإنه لا يطلق تعالى على ما ليس باعتراف أنه اعتراف ثم قال فسحقا لأصحاب السعير أي بعدا لهم عن الرحمة والإغاثة والغفران فهذا نص في وجه هذا القول الذي قاله تظننا وقال تعالى لما قالوا وهم في دركات النار أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون المؤمنون 107 فاعترفوا بظلمهم وأخبروا عن عزيمتهم أنهم لا يعودون أي إن عدنا إلى ما كنا فيه من الكفر والتكذيب كما يفيده لفظ العود ولم يجب عليهم تعالى إلا بقوله اخسئوا فيها ولا تكلمون المؤمنون 108.

وأخرج الترمذي والبيهقي من حديث أبي الدرداء مرفوعا وفيه إن أهل النار ينادون خزنة جهنم ثم يدعون مالكا ثم يقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم فيقولون ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون المؤمنون 106 - 107 فيجيب عليهم الرب اخسئوا فيها ولا تكلمون المؤمنون 108 فعند ذلك يئسوا من كل خير وعند ذلك أخذوا في الزفير والشهيق والويل.

ثم يقال وقد قال الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء في آيتين من سورة النساء 48 و 116 وهو غير مقيد بزمان ولا حال فيجب الوقوف والتسليم في هذا المقام والاعتراف بالعجز عن إدراك حكمة الحكيم العلام فكيف يقول شيخ الإسلام لم يكن في حكمته أن يستمر بها العذاب وأين للعقول الاطلاع على أسرار حكمته وكيف لها الوصول إلى معرفة عجائب ملكوته وجبروته.

ثم أخذ شيخ الإسلام يستدل بأحاديث آخر الناس خروجا من النار وأحاديث أدنى الناس منزلة في الجنة وهي أحاديث واضحة في عصاة الموحدين ولا حاجة إلى سردها فهي معروفة في محالها.

ثم قال مستدلا على مدعاه أنه تعالى يخبر عن العذاب أنه عذاب يوم عقيم ووعذاب يوم عظيم وعذاب يوم أليم الزخرف 65 ولا يخبر عن النعيم أنه نعيم يوم ولا في موضع واحد.

وأقول ورد عذاب يوم عظيم في قصة صالح في قوله لقومه ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم الشعراء 156 والمراد به اليوم الذي أخذهم فيه العذاب بالدنيا وهو العقاب القريب الذي أوعدهم به في قوله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب هود 64 قال تعالى فلما جاء امرنا نجينا صالحا إلى قوله ومن خزي يومئذ هود 66 أي يوم أخذهم العذاب العظيم القريب فهو يوم من أيام الدنيا وورد عذاب يوم عظيم في قصة شعيب فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم الشعراء 189 وورد عذاب يوم عقيم في قوله تعالى ولا يزال الذين كفروا في مرية منه الآية إلى قوله أو يأتيهم عذاب يوم عقيم الحج 55 وفسر بيوم بدر كما أخرجه ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس وأخرجه أيضا ابن مردويه عن أبي بن كعب وأخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن ابي حاتم عن سعيد بن جبير واخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة فهذه كلها من أيام الدنيا وهب أنه ورد ذلك في صفة عذاب الآخرة فإنه قد ثبت بنص القرآن أنهم لابثون فيها أحقابا والحقب كما ذكره ابن تيمية في هذه المسألة خمسون ألف سنة قال أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة مرفوعا والأحقاب جمع وأقله ثلاثة يعني مائة ألف سنة وخمسين ألف سنة.

هذا وقد رد في أهل الجنة {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} يس 55 وهذا تقييد لنعيمهم لأنه وكونهم فاكهين والفاكهة المتنعم المتلذذ ومعلوم أنهم في شغل فاكهون أبدا الآباد وقال تعالى {يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون} الزخرف 68 فإن قيل اراد به مبدء زوال الخوف والحزن.

قلنا كذلك {عذاب يوم} أريد به مبدأه وحينئذ فلا دليل بالتقييد مطلق الزمان فمن ايام الآخرة ليس لها قيد به من نعيم ولا عذاب بل أريد به مطلق الزمان فإن أيام الآخرة ليس لها مقدار فمتى أطلق اليوم أطلقه على مطلق المدة هذا {يوم لا ينطقون} المرسلات 35 هذا يوم الفصل الصافات 21 {هذا يومكم الذي كنتم توعدون} الأنبياء 103 {اليوم نختم على أفواههم} يس 65 {إني جزيتهم اليوم بما صبروا} المؤمنون 111 {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} الحج 47 في يوم كان مقدراه خمسين ألف سنة المعراج 4 فليس المراد من الجميع اليوم المعروف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير