تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يدخلها يسحب إليها فهؤلاء لما رضوا بتعذيبهم و بادروا إليه لما علموا أن فيه رضى ربهم و موافقة أمره و محبته انقلب في حقهم نعيما و مثل هذا ما رواه عبد الله بن المبارك حدثني رشدين قال حدثني ابن انعم عن أبي عثمان انه حدثه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله قال أن رجلين ممن دخلا النار يشتد صياحهما فقال الرب جل جلاله أخرجوهما فإذا أخرجا فقال لهما لاي شيء اشتد صياحكما قال فعلنا ذلك لترحمنا قال رحمتي لكما أن تنطلقا

فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار قال فينطلقان فيلقي أحدهما نفسه فيجعلها الله سبحانه عليه بردا و سلاما و يقوم الآخر فلا يلقي فيقول له الرب تبارك و تعالى ما منعك أن تلقي نفسك كما القى صاحبك فيقول رب إني أرجوك أن لا تعيدني فيها بعدما أخرجتني منها فيقول الرب و تعالى لك رجاؤك فيدخلان الجنة جميعا برحمة الله و ذكر الاوزاعي عن بلال بن سعد قال يؤمر بإخراج رجلين من النار فإذا خرجا و وقفا قال الله لهما كيف وجدتما مقيلكما و سوء مصيركما فيقولان شر مقيل و أسوا مصير صار إليه العبد فيقول لهما بما قدمت ايديكما و ما أنا بظلام للعبيد قال فيؤمر بصرفهما إلى النار فأما أحدهما فيغدوا في أغلاله و سلاسله حتى يقتحمها و أما الآخر فيتلكا فيؤمر بردهما فيقول للذي غدا في أغلاله و سلاسله حتى اقتحمها ما حملك على ما صنعت و قد خرجت منها فيقول إني خبرت من وبال معصيتك و ما لم اكن أتعرض لسخطك ثانيا و يقول للذي تلكأ ما حملك على ما صنعت فيقول حسن ظني بك حين أخرجتني منها أن لا تردني إليها فيرحمهما جميعا و يأمر بهما إلى الجنة الوجه الثاني عشر أن النعيم و الثواب من مقتضى رحمته و مغفرته وبره كرمه و لذلك يضيف ذلك إلى نفسه و أما العذاب و العقوبة فإنما هو من مخلوقاته و لذلك لا يسمى بالمعاقب و المعذب بل يفرق بينهما فيجعل ذلك من أوصافه و هذا من مفعولاته حتى في الآية الواحدة كقوله تعالى ^ نبئ عبادي إني أنا الغفور الرحيم وان عذابي هو العذاب الأليم ^ و قال تعالى اعلموا ان الله شديد العقاب وان الله غفور رحيم إن ربك لسريع العقاب و انه لغفور رحيم و مثلها في آخر الأنعام فما كان مقتضى أسمائه و صفاته فانه يدوم بدوامها و لا سيما إذا كان محبوبا له و هو غاية مطلوبة في نفسها و أما الشر الذي هو العذاب فلا يدخل في أسمائه و صفاته إن ادخل في مفعولاته لحكمة إذا حصلت زال وفنني بخلاف الخير فانه سبحانه و تعالى دائم المعروف لا ينقطع معروفه أبدا و هو قديم الإحسان ابدي الإحسان فلم يزل و لا يزال معاقبا على الدوام غضبان على الدوام منتقما على الدوام فتأمل هذا الوجه تأمل ففيه في باب أسماء الله و صفاته يفتح لك باب من أبواب معرفته و محبته يوضحه الوجه الثالث عشر و هو قول اعلم خلقه به و اعرفهم بأسمائه و صفاته و الشر ليس إليك و لم يقف على

المعنى المقصود من قال الشر لا يتقرب به إليك بل الشر لا يضاف إليه سبحانه بوجه لا في ذاته و لا في صفاته و لا في أفعاله و لا في أسمائه فان ذاته لها الكمال المطلق من جميع الوجوه و صفاته كلها صفات كمال و يحمد عليها و يثنى عليه بها و أفعاله كلها خير و رحمة و عدل و حكمة لا شر فيها بوجه ما و أسماؤه كلها حسنى فكيف يضاف الشر إليه بل الشر في مفعولاته و مخلوقاته و هو منفصل عنه إذ فعله غير مفعول ففعله خير كله و أما المخلوق المفعول ففيه الخير و الشر و إذا كان الشر مخلوقا منفصلا غير قائم بالرب سبحانه فهو لا يضاف إليه و هو لم يقل أنت لا تخلق الشر حتى يطلب تأويل قوله و إنما نفى إضافته إليه وصفا و فعلا و أسماء و إذا عرف هذا فالشر ليس إلا الذنوب و موجباتها و أما الآخر فهو الإيمان و الطاعات و موجباتها و الإيمان و الطاعات متعلقة به سبحانه و لاجلها خلق الله خلقه و أرسل رسله و انزل كتبه و هي ثناء على الرب تبارك و تعالى و إجلاله و تعظيمه و عبوديته و هذه لها آثار تطلبها و تقتضيها فتدوم آثارها بدوام متعلقها و أما الشرور فليس مقصودة لذاتها و لا هي الغاية التي خلق لها الخلق فهي مفعولات قدرت لامر محبوب و جعلت وسيلة إليه فإذا حصل ما قدرت له اضمحلت و تلاشت و عاد الأمر إلى الخير المحض الوجه الرابع عشر انه سبحانه و تعالى اخبر إن رحمته وسعت كل شيء فليس شيء من الأشياء إلا و فيه رحمته ولا ينافي هذا انت ترحم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير