الشرط السابع من شروط المحقق: على المحقق أن يجمع المصادر الرئيسية اللازمة لمنهج التحقيق؛ لأن كل عمل من الأعمال حتى خارج نطاق البحث العلمي له أدواته، وله عدته وآلياته التي يحتاج لها كل عمل، فكذلك أيضًا مجال التحقيق له عُدة، وله آلية، يجب على المحقق أن يكون جامعًا لهذه العدة ولهذه الآليات؛ حتى يتمكن من النص، فالمصادر تعتبر هي العدة الأساسية للمحقق، فينبغي على المحقق أن يقوم بمسح شامل للمخطوط؛ لاستخراج مصادره المباشرة التي رجع إليها المؤلف وأحال إليها، لأن هذه المصادر تكون مقصودة بذاتها، لماذا؟
لكي يوثق المحقق النصوص التي نقلها منها المؤلف، يقوم المحقق بتوثيقها من هذه المصادر التي ورد ذكرها في المخطوط، من خلال مقابلة هذه النصوص بأصولها في مصادرها الأصلية، التي اعتمد عليها المؤلف، ربما يكون أن المؤلف قد لخص النص، أو ربما تصرف فيه، أو ربما أخطأ في نقل النص أو ربما أنه نقله نقلًا مباشرًا، فكل ذلك يبينه لنا المحقق من خلال الرجوع ومقارنة النص بمصدره الأصل.
وكذلك أيضًا مما يدخل في إطار المصادر: الدواوين الشعرية، عندما يقول المصنف: قال فلان من الشعراء مثلًا، فعلى المحقق أن يرجع إلى ديوان الشاعر الذي ذكره، أو إذا كان المصنف لم يذكر شعرًا، فعلى المحقق - قدر الإمكان- أن يحاول نسبة هذا البيت إلى صاحبه، ويوثقه من ديوانه إن كان له ديوان.
هناك أيضًا بعض المصادر لا مفر ولا ملجأ للمحقق لا بد وأن يتعامل معها، مثلًا: كمؤلفات التراجم، عندما يحقق كتابًا لا بد أن يكتب عن صاحب هذا الكتاب، فإذن هذه تعتبر أيضًا مصادر، لابد أيضًا أن تكون متوفرة ومباحة لدى المحقق، إما أن تكون في مكتبته، أو عن طريق أقرب المكاتب المتاحة بالنسبة له.
من المصادر أيضًا مصنفات كتب الأمالي: أمالي الزجاجي، أمالي أبي علي القالي، وغيرهما، كتب المجالس مثل: (مجالس ثعلب)، كتب النوادر مثل: كتاب (النوادر) لأبي زيد الأنصاري، كتب الغريب، وما أكثر كتب الغريب في الحديث وفي اللغة، وكذلك كتب الأعلام، والرجال، والأنساب، والتراجم، والطبقات، والبلدان، والمواقع؛ لأن مثل الأعلام والأماكن والبقاع وغير ذلك، كل هذه الأعلام التي ورد ذكرها في الكتاب على المحقق أن يقوم بتعريف موجز لهذه الأماكن وهذه الأعلام التي أوردها المؤلف في حديثه؟.
وكذلك أيضًا الآيات والقراءات القرآنية، على المحقق أن يقوم بإخراجها ونسبة القراءات إلى أصحابها من خلال كتب القراءات، وكتب التفسير.
وكذلك أيضًا كتب التاريخ، والمصنفات الشعرية، إذا وقعت بعد الأحداث التاريخية، فعلى المحقق أن يرجع إلى كتب التاريخ ويثبت صحة هذا الحدث، ويحيل عليه في مراجعه الأصلية.
إذن: ينبغي أن يجمع المحقق مصادره، وأن تكون مكتبته على هدي بأصول المخطوط ومراجعه، وأن يضيف إليها ما له اتصال مباشر أو غير مباشر في ميدان النص الذي يعمل على تحقيقه.
الشرط الثامن من شروط المحقق: هو التعرف على العصر الذي عاش فيه المؤلف، وطريقة ظروفه المتنوعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وغير ذلك، وخاصة الظروف الثقافية، وملامح الفكر في هذ العصر، مع الإلمام بثقافة المؤلف نفسه وشيوخه ومؤلفاته ... إلى آخره؛ لأن هذا أيضًا يساعد على كثير من التعرف على فكر ومنهج الثقافة التي تأثر بها أو التي تعلمها صاحب الكتاب.
هناك شرط أخير للمحقق: وهو أن يكون المحقق له شغف واشتياق بأعمال التحقيق، مستمتعًا بها، وأن يدرك قيمة هذا التحقيق، وجدواه، وأهميته في مجال تخصصه؛ فالتحقيق له قيمة كبيرة، وعندما يكون المحقق له شغف بفن التحقيق فإنه أيضًا يقدم النص في صورته التي يريد من خلالها المحقق أن يصل بها إلى الغاية المنشودة.
هذا، وبالله التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[19 - 06 - 10, 04:26 م]ـ
للفائدة:هناك رسالة صغيرة للدكتور بشار عواد معروف، عنوانها (ضبط النص والتعليق عليه).
لعلها تفيد الأخ صغير أو كبير المحدثين ـ تفاؤلا ـ مع عدم إغفال ما ذكره المشايخ (السديس والبشير وأبو عدنان)
جزاهم الله كل خير.
ـ[عبد الكريم الشمري]ــــــــ[19 - 06 - 10, 11:57 م]ـ
رحم الله الشيخ أحمد شاكر ... فكك لغة الحجة العالم الفصيح الشافعي رحمهم الله جميعا ...
في تحقيقه للرسالة ...
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[20 - 06 - 10, 01:49 ص]ـ
موضوع مفيد وقيم جدا جدا
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[20 - 06 - 10, 01:20 م]ـ
رحم الله الشيخ أحمد شاكر ... فكك لغة الحجة العالم الفصيح الشافعي رحمهم الله جميعا ...
في تحقيقه للرسالة ...
تصحيح: النحقيق للشيخ محمود، رحم الله الجميع.
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[20 - 06 - 10, 01:53 م]ـ
أعتذر: لقد استعجلت وخانتني الذاكرة، وما أكثر خيانتها لي!!
فالعذرمنك أخي عبدالكريم وللجميع.
وأستغفر الله وأتوب إليه
ـ[مكتب الحسام للصف]ــــــــ[24 - 06 - 10, 06:24 م]ـ
أنا أؤيد كلام الشيخ عبد الرحمن السديس .. جزاه الله خيرًا