ثم ينبغي على الناظر في مثل هذه الأعمال أن يضع في ذهنه مسائل الحاسوب والبروفات وما قد يقع منها مما قد يقع من المحقق، ويميز بين هذا وذاك.
ومن أمثلة هذا النوع المثال الذي تفضلت به: ((تقبر البهيمة)) وأنت رأيتها مضبوطة غير مستشكلة، ولو كانت هكذا في الأصل لاستشكلتها، ومثل هذا ما وقع في رقم (4357): ((ما في صدوركم)) قلنا: ضباب.
فمثل هذا يستحيل أن يمر على صبي، وصوابه: ((قدوركم)) بالقاف، ومثله لا يخفى صوابه على أهل العلم، كما لا يخفى عليهم مصدر مثل هذا الخلل وبراءة الأصل وقلم التحقيق منه؛ لأنه يستحيل أن تكون الضباب في صدور الناس مثلاً.
فينبغي للناس عند التقييم تمييز ما يشبه صدوره من المحقق، وما يليق الخطأ فيه من الحاسب أو البروفات والمراجعات قبل الطبع ونحو ذلك.
وقد وقفت على أمثلة ومشاهدات عجيبة من هذا النوع، منه ما وقع في موضع من تهذيب الكمال: ((النوم توبة)) بدلا من ((الندم توبة)) وكذا في ترجمة ((كليب بن شهاب)) روى عن ((الغلبان بن عاصم)) وصوابه: ((الفلتان بن عاصم)) فمثل هذا مما لا يخفى على محقق تهذيب الكمال حفظه الله.
والدكتور بشار معروف مشهود له، وكذا من عمل معه في الكتاب أو ساعده فيه حسبما ذكرهم الدكتور نفسه، فهؤلاء لا يقال لهم: لو تدبرتم؟ لو استشكلتم؟ لو خرجتم؟ ونحو هذا الكلام.
ثم كما ذكرت سلفًا أن هذا مما لا يخفى على أهل العلم.
ويستحيل أن يظن أن هؤلاء الأفاضل خفي عليهم استشكال: ((النوم توبة)).
ثم ليس من آلة التحقيق أخي أن تصيب في كل شيئ، فهذا مستحيل، بل قد يقع ممن يملك الآلة ما يستحيل وقوعه من طفل في مقتبل العمر، ومن ذلك ما ذكرته لك عن الدكتور بشار ورفاقه حفظهم الله، ومن ذلك أيضًا: ما جرى للشيخ المعلمي اليماني رحمه الله من فصل بعض تراجم الجرح والتعديل إلى ترجمتين في موضع كان الدكتور بشار قد نبه عليه في بعض حواشيه على التهذيب.
وهذا مما لا يقع من المعلمي اليماني رحمه الله ولا يعرفه.
وليست هناك أخطاء محيلة مع نسخة كتاب ابن أبي خيثمة، وأنا أعلم أنك لو قرأت في النسخة الخطية له بعضًا منها لعذرت جميع من طبع الكتاب.
ولا أقول هذا اعتذارًا أو انتصارًا لنفسٍ، ولكن لتعلم مدى ما بذله الناس في إخراج هذا الكتاب، فكان الأجدر معاملتهم بحجم ما بذلوا والتعاون معهم في إخراجه بالشكل اللائق بدلاً من عبارات التجريح والتثبيط.
وعلى كل حال فأنا أرجو ممن لديه شيئًا أن يرسله.
وبمناسبة المثال المذكور في كلام أخي النقاد: ((اكتم علي)) فهو في الجرح والتعديل من طريق ابن أبي خيثمة على الصواب، وكذا ذكره ابن عدي وغيره، بل وذكره المزي في التهذيب أيضًا.
وقد وقع في موضع آخر من العقيلي على الصواب أيضًا لكن هكذا وقع في الأصل عندي، بعد مراجعته ثانية، ورأيت ما في العقيلي مثله تمامًا.
وما هنا بعض ما ستراه في الملحق، ولو رأيت ما هنا وأنا في مكتبتي لكتبت لك ما ذكرته هناك بنصه.
فآمل أن نضع الأمور موضعها.
هذا من ناحية نسختي التي نشرتها وما فيها قلت أو كثرت.
أما عن نسخة الأستاذين عادل سعد وأيمن شعبان:
فلم يكن من عادتي أن أتتبع أحدًا، ولا أحب ذلك، وأكره والله مخالفة أحدٍ من المسلمين، غير أنني أحب التنبيه على بعض ما ذكره الأستاذان خاصة وأنه هو الذي جر إلى ما نحن فيه.
ولا شأن لي بما كان بين الأخوين كلمات والنقاد، وأبرأ من كل كلمة فيها إساءة لإحدى الطبعتين ومن طبعهما.
وإني لأرجو الله أن يأذن لي الأستاذان عادل سعد وأيمن شعبان بخلافهما وأن يسمحا لي بمحاورتهما فيما ذكراه وقيَّداهُ.
وقد نظرت في نسختهما وقيدت بعض ما وقع لي فيها، وفندتُ كثيرًا مما زعما انتقداه عليَّ.
وهو على وجوه:
الأول: زعم أحاديث سقطت، ثم رأيتها في نسختي.
الثاني: إثباتهم للمضروب عليه في الأصل الخطي، ثم زعما سقطه من نسختي واستدركاه علي.
الثالث: ما وقع لهما مما فهماه على غير وجهه.
وأشياء أخرى كنت قيدتها عندي ولم أنشرها بناءً على مشورة عزيزة من أخي وصديقي الشيخ محمود خليل حفظه الله.
وأنا الآن أستأذنه في نشر بعضها وأرجو أن يسمح لي بذلك، خاصة وقد نصحني بهذا جماعة من أهل العلم والفضل.
فهل تسمح أخي الكريم؟
¥