ج- أن أمهات التفسير وما فيها من فهم سلف الأمة كافٍ في الدلالة على المقصود وبيان المراد، فلم الرجوع إلى تفاسير أهل البدع وأئمة الضلال؟
أليست التفاسير السلفية مغنية، أم أن وراء الأكمة ما وراءها!!
والسلفي متيقن بأنه ما من حق إلا وهو عند أهل الحق وأما أهل البدع فإن ما عندهم من حق لا يكون إلا ملبساً بالباطل أو بشيءٍ منه، وقليل من يتنبه إلى هذا.
5 - قال في المقدمة ص7:" ليس لي فيها من عمل سوى الجمع ثم الترتيب ثم التعبير ثم التلخيص ".
وهذا الذي قاله جيد لو خلا من جمع أقوال أئمة البدع مع أئمة الهدى وترتيب أقوال المبتدعة مع أقوال أهل السنة كأن الكل على الجادة، وسأذكر أمثلة لذلك.
6 - قوله في وصف من نقل عنهم (ج1/ص8) أنهم:" أهل الفضل والفضيلة والرتب الرفيعة، نجوم الهدى، رجوم العدى، أمناء الله على حفظ دينه وسنة نبيه، الذين هم عُمَدٌ في هذا الفن ".
وهذا الكلام كان يستقيم لو كان المنقول في الكتاب كله عن أهل السنة فقط، أما وإنه نقل عن أئمة الضلالة وصفَّهم في مصافِّ أئمة الهدى ورتبهم ترتيباً واحداً، فهذا الذي ينقم عليه، كيف يوصف الغزالي والرازي والزمخشري وسيد قطب بمثل هذا الكلام، وهل هؤلاء وأمثالهم من نجوم الهدى ورجوم العدى .. الخ؟
7 - نقله عن أهل البدع في الكتاب، ومعلوم أن أهل البدع ليس عندهم التوحيد إلا بما يفهمونه هم، فالزمخشري إذا قال التوحيد فهو يقصد نفي الصفات عن الله تعالى، والرازي إذا قال التوحيد فهو يقصد توحيد الربوبية، وسيد قطب إذا قال التوحيد فهو يقصد توحيد الحاكية، فكيف ينقل في شرح كتاب الإمام المجدد كلام من لا يعرف توحيد العبادة، بل يناقضها زيادة على ضلالاتهم التي عندهم.
ثم إن النقل عن أهل البدع يعني أن علم السلف ليس شافياً ولا كافياً، وهذا والله لا يقوله إلا جاهل أو مغرض.
وقد عددت المواضع التي نقل فيها عن الزمخشري والرازي فكانت أكثر من النقل الذي كان عن الأئمة كالشيخ سليمان في التيسير والشيخ ابن باز وأمثالهما من أئمة الهدى، فكلام الرازي في الكتاب كثير وكذا الزمخشري، وإن زعم هو أنه يحترز من ضلالاتهم إلا أنه وقع في نقل ضلالات وطوام عن هؤلاء دون أن يُنَبِّه عليها، وسيأتي أمثلة لذلك.
نقل عن سيد قطب وحده أكثر من ستين موضعاً وفي كلامه ما فيه وإن ادعى هو زوراً وبهتاناً أنه ليس في تفسيره التأويل المحض وإنما قد يفهم من كتابه ذلك!
ونقل عن صفوة التفاسير للصابوني، وصلاح الصاوي في كتابه المليء بالانحراف وهو كتاب الثوابت والمتغيرات.
8 - نشط الكاتب في تخريج أحاديث كتاب التوحيد وقد ضعف بعض الأحاديث مع أنه يذكر في الشرح أحاديث ولا يحكم عليها، وهي ضعيفة، ويحيل الأحاديث إلى كتبه ولو كانت الأحاديث في الصحيحين، فيقول مثلاً: متفق عليه، ويحيل ثم يقول: وانظر رياض الصالحين بتخريجنا، وهذا كثير.
وأيضاً يورد أحاديث مستشهداً بها مع أنه يقرُّ بضعفها، وهذا في مواضع كثيرة.
القسم الثاني: الأخطاء العلمية، وهي كثيرة لكن أنقل منها ما أمكنني نقله في هذه العجالة، ولو تتبع الكتاب بالنقد لألف فيه مجلد، ومن هذه الضلالات والأخطاء:
1 - قال في (ج1/ص14) في تعريف موضوع علم التوحيد: " موضوعه: الكلام على ذات الله من حيث ما يتصف به، وما يتنزه عنه، ومن حيث ما يجب له…".
أقول: هذا الكلام منقول بمعناه من كلام المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة الذين هم أهل المنطق لا أهل القرآن والأثر.
وبنظرة عابرة إلى كتبهم يتبين لك هذا، فهم لا يعرفون الله إلا من حيث الكلام على ذاته وما يتصف به وما يتنزه عنه وما يجب له، ويقصدون بـ "ما يجب له " معنى: ما يجب له من اثبات الصفات ونفيها ونحو ذلك من عباراتهم، ولا يعنون بقولهم "ما يجب له": العبادة؛ لأن التوحيد عندهم هو الربوبية فقط لا الألوهية.
2 - قال في (ج1/ص189) بعد ذكر قول عبد المطلب في دعائه ربه أن يحمي البيت من أبرهة حيث قال:"فكان عند هؤلاء المشركين إيمان واعتقاد وتوحيد - واللهِ - أعظم من كثير من السلاطين والأمراء حينما تنتهك حرمات المسلمين ومقدساتهم، لم نسمع أن أحدهم دعا الله عز وجل أن يمنع هذه المقدسات من أولاد القردة والخنازير، كما لجأ جد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله في وقت الشدة ".
¥