ومما يؤسف له أنَّ هذا الأمر المهم لم يُلِه طلبة العلم في أيامنا هذه ما يستحقه من الاهتمام والاعتناء به، مع وجود كثير ممن نصَّب نفسه للتوجيه والتدريس يغلب عليه حب الظهور واتباع أهواء النفوس مع الجهل الكثير. في المسائل العلمية المهمة، فصار من ثمار ذلك هذه الحالات التي يعيشها الشباب اليوم من التحزبات والاشتغال بالقيل والقال، وإطلاق الألسنة تلوك وتلفظ في أعراض الناس، ولا سيما المشايخ والدعاة إلى الله، بل توجه إليهم سهام النقد والتجريح بلا جريمة، بل جعلوا المحاسن مساوئ! وقد استمعت لكلام أحد هؤلاء نقل كلاماً لأحد الدعاة يُثني فيه على العلماء. ويقول: إنهم يقومون بأعمال كثيرة ويتحملون أعباء عظيمة، فيجب أن لا نحمّلهم ما لا يطيقون، ويجب علينا أن نساعدهم ونعاونهم ونكمل النقص الذي يحصل لهم\" ثم يجعل هذا الكلام محلاً للانتقاد ويقول: \"هذا من تنقص المشايخ والعلماء وعدم تقديرهم\". إلى آخر هذيانه الذي هو أشبه بهذيان المحموم: فما أدري ماذا يُريد هذا الناقد الغيور على المشايخ؟ هل يريد أن يُجعلوا في عداد الرسل معصومين كما تقول الرافضة أو أنه لم يجد شيئاً يتعلق به إلا أن يلبس على الناس بأنّ هؤلاء الدعاة قد خرجوا عن الحق فصاروا يرمون أهله بالتنقص والازدراء؟!.
أقول: من نتائج أفعال هؤلاء تبلبت أفكار كثير من الشباب.
* فمنهم من ضلَّ طريق الهدى، وصار يتبع ما يرسمه له هؤلاء النقدة الذين وقفوا في طريق الدعوة يصدون عن سبيل الله.
* ومنهم من صار لديه بسبب هؤلاء النقدة، فجوة عظيمة بينه وبين العلماء، ووحشة كبيرة فابتعد عنهم.
* ومنهم من جعل يصنف الناس حسب حصيلته مما يسمع من هؤلاء بأنَّ فلاناً: من الأخوان، لأنه يكلم فلاناً من الأخوان أو يزوره أو يجلس معه ... وأنَّ فلاناً من السروريين ... وفلاناً من النفعيين .. وهكذا.
إلى أن قال -حفظه الله-:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: \"ومعلوم أننا إذا تكلمنا فيمن هو دون الصحابة، مثل الملوك المختلفين على الملك والعلماء والمشايخ المختلفين في العلم والدين وجب أن يكون الكلام بعلم وعدل، لا بجهل وظلم، فإنّ العدل واجب لكل أحد وعلى كل أحد، في كل حال، والظلم مُحرَّم مطلقا لا يباح قط بحال قال تعالى: {ولا يجرمنّكم شَنَآنُ قوم على ألا تعدِلُوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}. [المائدة:8].
وهذه الآية نزلت بسبب بغضهم للكفار، وهو بغضٌ مأمورٌ به، فإذا كان البغض الذي أمر الله به قد نهى صاحبه أن يظلم من أبغضه، فكيف في بغض مسلم بتأويل أو شبهة أو بهوى نفس؟! فهو أحق أن لا يُظلم، بل يعدل عليه\". –منهاج السنة [5/ 126].
المصدر: رسالة بعنوان: (الهوى وأثره في الخلاف) لفضيلة الشيخ: عبدالله بن محمد الغنيمان. نقله الأخ ناصر الكاتب يتقرب إلى النار! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \" من طلب العلم ليُباهي به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه، فله من عمله النار\" -رواه الترمذي في أبواب العلم، ورواه ابن ماجة في المقدمة، وصححه الألباني-.
فمباهات العلماء: أن يظهر لهم أنه يعرف ما يعرفون، ويدرك ما لا يدركون من المعاني والاستنباطات، وأنه يستطيع أن يردَّ عليهم ويبيِّن أنهم يخطئون.
وأما مماراة السفهاء: فهو مجادلتهم ومجاراتهم في السفه.
وأما صرف وجوه الناس إليه فالمراد به طلب ثنائهم ومدحهم له، وتعريفهم بأنه عالم، فهو بعمله هذا يتقرب إلى النار.
[المصدر: رسالة بعنوان (الهوى وأثره في الخلاف) للشيخ: عبد الله بن محمد الغنيمان]. نقله الأخ ناصر الكاتب نقرأ من كتاب الصفات للإمام الدارقطني رحمه الله هذا الحديث ننظر إلى كلام الشيخ وتحقيقه وتعليقه:
34 - حدثنا يوسف بن يعقوب النيسابوري، حدثنا نصر بن علي، حدثنا نصر بن أبي عروبة، والحجاج بن منهال ومهنا (1) ابن شبل، قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن عمارة القرشي (2) عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: \"يتجلى لنا ربنا ضاحكا\" (3).
الحاشية من كلام الشيخ عبدالله:
(1) - في الأصل (والمهنى) وهو المهنا بن عبدالحميد أبو شبل. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ج10 ص230.
(2) - ضعفوه. انظر الميزان ح3 ص172.
¥