تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي التعليقات المحفوظة في خزانة الكتب والأبحاث، زيادة بسط في أمر أسباب انتشار المذهب المالكي، كنت جمعتها من بعض المصادر قبل الاطلاع على رسالة الدكتور محمد الروكي، فلو رغبت فانظرها غير مأمور، وإن اكتفيت بما هنا كان أحسن.

يتبع – إن شاء الله -.

ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[18 - 02 - 05, 11:05 م]ـ

تتمييم وإلحاق

الأستاذ إبراهيم حركات في كتابه [المغرب عبر التاريخ] 1/ 121 من الذين يرون أنه لا يوجد أي نص ولا رواية تاريخية تثبت أن الأدارسة دعوا إلى مذهب مالك رسميا، ولا أن مؤسس الدولة الإدريسية أخذ بالمذهب المالكي.

وأما عن انتقال المذهب للمغرب عبر الأندلس – وخاصة – في مراحله الأولى، فيقول الناصري في الاستقصا 1/ 194: (والمعروف أن مذهب مالك ظهر أولا بالأندلس، ثم انتقل منها إلى المغرب الأقصى أيام الأدارسة .. ).


أخي الفاضل أبو غازي – أحسن الله إليك – إذ تفضلت بالجواب.
وهنا أمر وهو أننا متفقان على أن للسلطان دورا في انتشار المذاهب، غاية الأمر أنك تجعل دوره رئيسا، بينما أرى أنه ثانوي.

ثم إنك تبين – مشكورا – سبب تبني الحكام لمذهب ما، وما ذكرته وجيه ومعقول، وأضيف عليه أن الاختيار عادة لا يكون بإيجاد مذهب جديد بل الدولة تقر وتؤيد ما كان منشرا بين أهل العلم والعامة في تلك الناحية التي تحكمها، وهذا ما حدث بالنسبة للمذهب المالكي في الأندلس، فمع بداية تأسيس الدولة الأموية بالأندلس كان مذهب مالك قد عرف هناك عن طريق طلبة العلم الذين رحلوا إلى المدينة للتفقه في الدين، فنقلوا كتاب الإمام الموطأ إليها، وهنا بدأ يظهر مذهب مالك ويختفي مذهب الإمام الأوزاعي – رحمه الله – بسبب ظهور تلاميذ الإمام مالك وخمول تلاميذ الإمام الأوزاعي، وهذا أمر قد أوضحته مختصرا في التعليقات.
ومثل ذلك حدث مع مذهب أبي حنيفة - رحمه الله – بالعراق.

أما المخالف – أخي الفاضل – فهو يرى المسألة من زاوية أخرى تماما، وملخصها: أن السلطان هو الأول والأخير في بروز مذهب ما أو اختفاؤه، بل قد يختار من كان قليل العلم بغير فقه أهل بلده، وغيره أفضل منه، ولم يكن معروفا، فينصر رأيه وفقهه، وإن كان ليس له قواعد ولا أصول واضحة، فيجعل منه إمام يملأ السمع والبصر بقدرة قادر، والسبب أنه رضي بالتعامل مع السلطان، وأنس منه السلطان قبولا ...
وليس الأمر مقتصرا على ذلك بل المصيبة العظمى والداهية الدهياء، أن هذا الذي تختاره تلك الدولة = سرعان ما يصبح جزءا منها، ثم يسير في ركاب هؤلاء الحكام، ويكون وزيرا لهم، ويتم احتواؤه من قبلهم، وتتبنى الدولة بعض آرائه التي تناسب هواها ومصالحها ... وربما ....

فإذا جاءنا محمد أركون أو الجابري أو نصر أبو زيد ... أو بعض ضلال الشيعة، وقالوا لنا: إن أئمتكم الذين تزعمون علمهم و فضلهم ونزاهتهم ... لم يكونوا إلا أدوات في أيدي بني العباس أو بني أمية ... و أن الفقه الذي تتعبدون الله به من نقلهم أو اجتهادهم = ما هو إلا نتاج تلك العلاقة الوطيدة بين بعض العلماء والأمراء ... فما نحن قائلون لهم؟ بل الأمر أكبر من ذلك وأشد، فبعض المستشرقين – ويتبعهم بعض بني جلدتنا - يقولون: إن بعض الأحاديث النبوية تم وضعها بناء على رغبات هؤلاء الحكام، وتحت سمعهم وبصرهم، والأداة في ذلك هم أؤلئك العلماء والرواة، ومنهم فلان وفلان ... فماهو الرأي حينئذ؟
والحال أن بعضا ممن ينتسب لأهل الحديث في هذا الزمان ينتصر – وبشدة – لهذا القول – أعني انتشار المذاهب عن طريق السلطان وما يتبع ذلك مما ذكرت لك – ويصر عليه، وينشره على الملأ، ويستدل له بما أوتي من ... ، ويقول عن علمائنا نصا: (ومنذ أواخر عهد المنصور وحتى أواخر عهد الرشيد تمكنت الحكومة من السيطرة على الاتجاهين: فقه العراق وفقه الحجاز، وذلك بتقريبهم أبا يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني في بغداد وتقليدهم منصب القضاء، ووجود مالك في المدينة من قبل في ركابهم).
ويقول: (لكن الحكام تمكنوا –بمرور الأيام– من احتواء نهج الإمام أبي حنيفة النعمان، بتقريبهم لأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني والحسن بن زياد اللؤلؤي، وإناطة القضاء والإفتاء بهم. وكان ذلك بالطبع بعد وفاة شيخهم النعمان).

ويقول - وهذا يتعلق بالسنة -: (مع العلم أن رواية يحيى بن يحيى (التي فرضها السلطان) ليست رواية جيدة للموطأ. بل أفضل رواة موطأ مالك هم: القعنبي ثم معن ثم ابن وهب وعبد الله بن يوسف ثم محمد بن الحسن الشيباني. وتمتاز رواية ابن وهب بأنه أقدم من روى عن مالك. وتمتاز رواية محمد بن الحسن بذكرها للأقوال الفقهية لمالك، ومناقشتها من وجهة نظر الأحناف. وتمتاز رواية أبي مصعب بأنها أكبر الروايات ومن أواخرها. أما رواية يحيى بن يحيى الليثي فقد اشتهرت لأنه آخر من روى عن مالك، وفيها الكثير من الآراء الفقهية لمالك (وليست كلها سماعاً من مالك كما هو معروف، بل كثير منها عن أصحابه). لكن فيه أخطاء كثيرة. وقد أوصل إبراهيم بن حمد بن باز أخطاء يحيى الليثي إلى ثلاثمائة خطأ (أكثرها في الأسانيد)، وهو من رواة الموطأ عنه).
ويقول: (وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث ... كان له كاتب قد نسخ كتبه –يقال له حبيب– (متهم بالكذب) يقرأ للجماعة. فليس أحد ممن يحضره، يدنو ولا ينظر في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك».

فما الذي يعنيه هذا كله؟ وما لوازم هذه الأقوال بالنسبة لغير أهل العلم وطلبته الأقوياء؟ رواية غير جيدة، وبها أخطاء كثيرة في الإسناد – وهو العمدة – وناسخ لكتاب الإمام الذي عليه اعتمد كل من ألف في الصحيح من بعد مالك = متهم بالكذب، بدون أن يصحب ذلك بيان ولا إيضاح، ماذا يعني كل هذا؟ الجواب عند أهل الحديث.

ثم ما علينا – والحالة – هذه إلا أن نعيد نظرنا في السنة النبوية، وفي فقه هؤلاء الأئمة ... بل ينبغي علينا أن نعيد نظرنا في هؤلاء الأئمة أنفسهم ...

يتبع – إن شاء الله -.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير