وأما ما نقله عن الصحابة رضي اللّه عنهم فقد روى عن بضعة عشر صحابياً كما ورد عن الإمام المفسر السمرقندي ت 375 هـ فقد روى بسنده عن ابن مجاهد قال: قال رجل لأبي: "أنت الذي تفسر برأيك؟ فبكي أبي ثم قال: إني إذاً لجريء لقد حملت التفسير عن بضعة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" [39].
وهذه الرواية تدل على أن الشبهة يتناقلها أهل الشبهات قديماً من زمن مجاهد إلى زماننا هذا، وهذه الرواية فيها أيضاً رد على هذه الشبهة الساقطة. وهذا لا يعني أن الإمام مجاهد لم يسرد آراءه وأقواله، ولكنها في نطاق اللغة العربية وغريب القرآن وهي إما فهما رآه من اللغة العربية وله شواهد من اللغة، وإما أنه استنبطه من القرآن الكريم كما تقدم أو أنه أخذه عن الصحابة ولكنه لم يصرح بأسمائهم في تفسيره، هذا وحتى لو وجدنا تفسيره بالرأي فهو في نطاق المحمود.
10 - نسخة علي بن أبي طلحة ت 143هـ على الراجح، المروية عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قال أ. سزكين: ولم يصل إلينا من التفاسير القرآنية التي أخذت بصورة مباشرة عن أقدم التفاسير والتي ترجع إلى النصف الأول من القرن الثاني الهجري إلا بقية ضئيلة وهي: ((التفسير)) لكل من:
1 - محمد بن السائب الكلبي 2 - معمر عبد الرزاق.
3 - سفيان الثوري 4 - مقاتل بن سليمان.
ولم تفد التفاسير الثلاثة الأولى من مصادر كثيرة ... [40] اهـ.
وقد فاته ذكر هذه النسخة هنا لأنها تدخل في الفترة التي نص عليها وهي النصف الأول من القرن الثاني الهجري، وفاته أيضاً أن هذه النسخة وصلت إلينا بواسطة الإمام السيوطي حيث جمعها من تفسيري الطبري وابن أبي حاتم الرازي، وأودعها في كتاب ((الإتقان في علوم القرآن)) - النوع السادس والثلاثون في معرفة غريب - قال السيوطي: وأولى ما يرجع إليه في ذلك ما ثبت عن ابن عباس وأصحابه الآخذين عنه، فإنه ورد عنهم ما يستوعب تفسير غريب القرآن بالأسانيد الصحيحة، وهاأنا أسوق هنا ما ورد من ذلك عن ابن عباس من طريق ابن أبِي طلحة خاصة، فإنها من أصح الطرق عنه، وعليها اعتمد البخاري في صحيحه مرتباَ على السور. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ح وقال ابن جرير: حدثنا المثنى قالا: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس… ثم ساق النسخة من أول القرآن إلى آخره.
11 - وعندما ذكر أ. سزكين صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس عند الكلام عن ابن عباس قال: وقد سبقت الإشارة أنّا على يقين من إمكان جمع مادة تفسير ابن عباس برواية علي بن أبي طلحة اعتماداً على حوالي ألف نص عند الطبري … [41].
وهذا التقدير خطأ، وفيه مغالطة ولو أحصى هذه النصوص حقاً لما أخطأ في أربعمائة رواية، وقد جمع الزميل الشيخ أحمد عايش روايات علي بن أبي طلحة عن ابن عباس من تفسير الطبري وغيره فبلغت الروايات في تفسير الطبري فقط حوالي أربعمائة وألف رواية [42].وقد رأيت هذا الإحصاء عندما أسندت إليَّ جامعة أم القرى مناقشة هذه الرسالة.
وهذا الاستدراك يشكك في إحصائيات أ. سزكين والأرقام التي ذكرها في عدد روايات قتادة ومجاهد وعطية العوفي في تفسير الطبري.
12 - والفترة التي ذكرها سزكين يدخل فيها عدة تفاسير أخذت بصورة مباشرة عن أقدم التفاسير لم يذكرها في الفترة المذكورة آنفا منها:
تفسير عطاء الخراساني ت 35 1هـ.
تفسير نافع بن أبي نعيم القاريء المدني ت 69 1هـ.
تفسير مسلم بن خالد الزنجي ت 179 هـ أو180هـ.
تفسير يحيى بن يمان العجلي ت 188هـ أو189هـ[43].
وهذه التفاسير ذكرها سزكين في أماكنها حسب الترتيب الزمني، وكان ينبغي أن يشير إليها في هذه المقدمة حيث ذكر كما تقدم تفسير محمد بن السائب الكلبي ت 146هـ، وتفسير عبد الرزاق بن همام ت 211 هـ الذي يروي أغلبه عن معمرت 154 هـ، وتفسير سفيان الثوري ت 161هـ، وتفسير مقاتل بن سليمان ت 150 هـ. فالتفاسير التي ذكرتها، والتي كان ينبغي أن يذكرها هي ضمن هذه الفترة وكذلك أنها نقلت من أقدم التفاسير كما سأبين في مواطنها حسب ترتيب أ. سزكين - إن شاء الله-.
¥