تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أهل الشام: المغيرة بن شهاب المخزومي صاحب عثمان بن عفان في القراء.

قال: كذلك حدثني هشام بن عمار الدمشقي، قال: حدثني عراك بن خالد المري قال: سمعت يحيى بن الحارث الذماري يقول: "ختمت القرآن على عبد الله بن عامر اليحصبي، وقرأ عبد اللّه بن عامر على المغيرة بن شهاب المخزومي، وقرأ المغيرة على عثمان ليس بينه وبينه أحد. فهؤلاء الذين سميناهم من الصحابة والتابعين هم الذين يحكى عنهم عظم [76] القراءة، وإن كان الغالب عليهم الفقه والحديث".

3 - ثم قام من بعدهم بالقرآن قوم ليست لهم أسنان من ذكرنا ولا قدمتهم، غير أنهم تجردوا للقراءة واشتدت بها عنايتهم ولها طلبهم، حتى صاروا بذلك أئمة يأخذها الناس عنهم ويقتدون بهم فيها، وهم خمسة عشر رجلَاَ من هذه الأمصار المسماة، في كل مصر منهم ثلاثة رجال:

فكان من قراء المدينة: أبو جعفر القارئ واسمه يزيد بن القعقاع مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وشيبة بن نصاح مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ونافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، وكان أقدم هؤلاء الثلاثة أبو جعفر، قد كان يقرئ الناس بالمدينة قبل ((وقعة الحرة))، حدثنا ذلك إسماعيل بن جعفر عنه. ثم كان بعده شيبة على مثل منهاجه ومذهبه، ثم ثلّثهما نافع بن أبي نعيم وإليه صارت قراءة أهل المدينة، وبها تمسكوا إلى اليوم، فهؤلاء قراء أهل الحجاز في دهرهم.

وكان من قراء مكة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الذي يقال له الأعرج، ومحمد بن محيصن، فكان أقدم هؤلاء الثلاثة ابن كثير، وإليه صارت قراءة أهل مكة، وأكثرهم به اقتدوا فيها، وكان حميد بن قيس قرأ على مجاهد قراءته فكان يتبعها لا يكاد يعدوها إلى غيرها، وكان ابن محيصن أعلمهم بالعربية وأقومهم عليها. فهؤلاء قراء أهل مكة في زمانهم.

وكان من قراء الكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النجود، والأعمش، وكان أقدم الثلاثة وأعلاهم يحيى، يقال: إنه قرأ على عبيد الله بن نضيلة صاحب عبد الله، ثم تبعه عاصم وكان أخذ القراءة عن أبي عبد الرحمن السلمي وزرّ بن حبيش، ثم كان الأعمش فكان إمام الكوفة المقدم في زمانه عليهم حتى بلغ إلى أن قرأ عليه طلحة بن مصرف وكان أقدم من الأعمش، فهؤلاء الثلاثة هم رؤساء الكوفة في القراءة، ثم تلاهم حمزة بن حبيب الزيات رابعاً، وهو الذي صار عظم أهل الكوفة إلى قراءته من غير أن يطبق عليه جماعتهم، وكان ممن اتبع حمزة في قراءته سليم بن عيسى وممن وافقه، وكان ممن فارقه أبو بكر بن عياش فإنه اتبع عاصما وممن وافقه. وأما الكسائي فإنه كان يتخير القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا. فهؤلاء قراء أهل الكوفة.

وكان من قراء أهل البصرة: عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وأبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر الثقفي، وكان أقدم الثلاثة ابن أبي إسحاق، وكانت قراءته مأخوذة عن يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم، وكان عيسى بن عمر عالماً بالنحو غير أنه كان له اختيار في القراءة على مذاهب العربية يفارق قراءة العامة ويستنكرها الناس، وكان الغالب عليه حب النص ما وجد إليه سبيلا، منه قوله: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} و {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}، وكذلك قوله: {هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}.

والذي صار إليه أهل البصرة فاتخذوه إماماً أبو عمرو بن العلاء، فهؤلاء قراء أهل البصرة، وقد كان لهم رابع وهو عاصم الجحدري، لم يرو عنه في الكثرة ما روي عن هؤلاء الثلاثة.

وكان من قراء أهل الشام: عبد الله بن عامر اليحصبي، ويحيى بن الحارث الذماري، وثالث قد سمي لي بالشام ونسيت اسمه. فكان أقدم هؤلاء الثلاثة عبد الله بن عامر، وهو إمام أهل دمشق في دهره، وإليه صارت قراءتهم، ثم اتبعه يحيى بن الحارث الذماري وخلفه في القراءة وقام مقامه. قال: وقد ذكروا لي الثالث بصفة لا أحفظها، فهؤلاء قراء الأمصار الذين كانوا بعد التابعين [77].

ولم يذكر أ. سزكين سوى خمسة من التابعين من هذه الطبقة التي تلي طبقة الصحابة، وهي جديرة بالذكر لمن أراد أن يكتب في تاريخ العلوم الإِسلامية فهي حلقة مباركة في هذا التاريخ وهي من الجذور الأساسية في ذلك التاريخ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير