ومن يرى جهاد الطلب ـ وهو رأي المتقدمين والمتأخرين من علماء المسلمين ـ سارع بنفي هذه الرسالة المختصرة أو جزءاً منها؛ لأنها تخالف ماهو مذكور في كتب شيخ الإسلام الأخرى، وتخالف ماهو مستقر عند أهل العلم والفهم.
والحق أن شيخ الإسلام لاينفي مقاتلة الكفار ابتداءً أو طلبهم، بل إنه لم يتعرض لهذا الأمر في الجزء المنقول عنه بشكل صريح، وإلا فابتداء الكفار ـ في حال قوة المسلمين ـ بالقتال عند ممانعتهم نشر الإسلام وإقامته، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أمر قد حسمه القرآن والسنة، وكان عليه عمل الأمة.
ولهذا قال شيخ الإسلام بعد أن تطرق إلى بعض ماتطرق إليه هنا.
قال (): (فلما نزلت آية الجزية لم يكن بد من القتال أو الإسلام والقتال إذا لم يسلموا حتى يعطوا الجزية، فصار هؤلاء إما مقاتلين وإما مسلمين، ولم يقل تقاتلونهم أو يسلمون، ولو كان كذلك لوجب قتالهم إلى أن يسلموا، وليس الأمر كذلك؛ بل إذا أدوا الجزية لم يقاتلوا، ولكنهم مقاتلين أو مسلمين،فإنهم لا يؤدون الجزية بغير القتال).
الأمر الثاني: ماورد في بعض المواضع من هذه الرسالة المختصرة مايفيد أن شيخ الإسلام يمنع ابتداء الكفار بالقتال: كاستدلاله بآية عدم الإعتداء، وكقوله: (يسالم من يسالمه)، وكقوله: (ولو كان الله أمره أن يقتل كل كافر لكان يبتدئهم بالقتل والقتال) إلى غير ذلك.
وهذا الإستدلال صحيح لايخالف فيه أحد؛ لكن مقصود شيخ الإسلام هنا كما ذكرناه آنفاً: أن الكفار إذا لم يحاربونا، ورضوا بإعطائنا الجزية عن يد وهم صاغرون، فلا داعي لقتلهم أولقتالهم، وأن قتل من لم يقاتل منهم نوع من الاعتداء الذي حرمه الله تعالى.
قال ابن القيم () رحمه الله: (وهذه كانت سيرة رسول الله في أهل الأرض كان يقاتل من حاربه إلى أن يدخل في دينه أو يهادنه أو يدخل تحت قهره بالجزية، وبهذا كان يأمر سراياه وجيوشه إذا حاربوا أعداءهم،كما تقدم من حديث بريدة.
فإذا ترك الكفار محاربة أهل الإسلام وسالموهم، وبذلوا لهم الجزية عن يد وهم صاغرون كان في ذلك مصلحة لأهل الإسلام وللمشركين.
أما مصلحة أهل الإسلام: فما يأخذونه من المال الذي يكون قوة للإسلام مع صغار الكفر وإذلاله، وذلك أنفع لهم من ترك الكفار بلا جزية.
وأما مصلحة أهل الشرك: فما في بقائهم من رجاء إسلامهم إذا شاهدوا أعلام الإسلام وبراهينه، أو بلغتهم أخباره، فلا بد أن يدخل في الإسلام بعضهم، وهذا أحب إلى الله من قتلهم)
وههنا أمر مهم، هو: أن الاقتصار على المختصرات دون الرجوع إلى أصول المؤلف الأخرى التي كتبها يعد من الخطأ العلمي الواجب على الباحثين اجتنابه.
أما المقدمة الثانية:
التي ذكرها بعض المشككين في الرسالة، وعلل بها عدم صحة هذه الرسالة المختصرة، فإنه بالاستقراء والتتبع تبين لنا خلاف ماذكروه؛ بل إن شيخ الإسلام يرى حقيقة أن الكافر لايقتل بمجرد كفره، وقد صرح بهذا في عدة مواضع من كتبه [للاستزادة راجع مقدمة الكتاب])
وعلى كل اعتذر للأخوة عن التواصل حول هذا الموضوع لكثرة شواغلي خشية أن يظن أني تركت التعليق عجزا؛ وحسبي أن أكون وضعت النقاط على الحروف، وبقي على طالب العلم المنصف إعمال فكره ونظره دون الالتفات والاعتماد على التقليد وأقوال الرجال ... وهذا هو جهد المقل، وماتوفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو حسبي ونعم .. مكرراً شكري وتقديري العميق لكل الأخوة الذين ساهموا بالتعليق والإفادة فلهم مني الدعاء والسلام عليكم
ـ[عادل محمد]ــــــــ[16 - 01 - 06, 12:04 ص]ـ
هل يسوغ أن تنسب قاعدة مختصرة لابن تيمية؟ للشيخ عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف -حفظه
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي في الله أنقل لكم بفضل الله تعالى هذا المقال المفيد للشيخ عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف -حفظه الله تعالى-بأسم هل يسوغ أن تنسب هذه الرسالة لابن تيمية؟
طُبع كتاب سمّاه محققه د. عبد العزيز الزير آل حمد: (قاعدة مختصرة في قتال الكفار ومهادنتهم وتحريم قتلهم لمجرد كفرهم) ونسبه إلى ابن تيمية – رحمه الله -، وقد طُبع هذا الكتاب سنة 1425هـ دون أن يذكر اسم الناشر أو الطابع.
وسأورد بإيجاز جملة من الملحوظات على تلك الرسالة كما يلي:
¥