ـ[أبو الحسين]ــــــــ[03 - 02 - 06, 07:18 م]ـ
بعض الأوراق الأخرى من المقابلات الأولية
الأصل السادس والمائة
- حدثنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا (بشر) () بن عيسى الطائي، عن (ابن) () أبي فديك، عن محمد بن عثمان بن محمد، عن أبيه، عن حارثة بن النعمان: أنه جعل خيطًا من مصلاه إلى باب حجرته، وكان قد ذهب بصره فيضع عنده مكتلاً فيه تمر وغير ذلك، فكان إذا (سلم) () المسكين أخذ من المكتل ثم أخذ بالخيط حتى ينتهي إلى باب الحجرة فيناول المسكين، فكان أهله يقولون: نحن نكفيك. فيقول: سمعت رسول الله ?/ 178ب/ يقول: ((إن مناولة المسكين () (تقي ميتة السوء))
قال أبو عبد الله: ففي مناولة المسكين خصله تعلو الخصال، وذلك أن الله تبارك اسمه قد شرف المؤمن وعظم شأنه، وصرف هذه الأمة من بين (الأمم)) () وعظم شأنها، فكانت الأمم من بني إسرائيل صدقاتها فربانها توضع فتجيء نار فتقبله وتترك ما لم يقبل منه فيصير متهتك الستر، فأكرم الله هذه الأمة؛ بفضل يقينها أن جعل صدقاتها تؤخذ من أغنيائها فترد على فقرائها فيبقى النفع فيهم وكانت نفوس الأولين لا تسخوا إلا على عيان الأشياء وجهرها حتى بلغ بهم ذلك إلى أن قالوا لموسى: ?أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً? [النساء: 53] كانت قلوبهم لا تستقر حتى ترى العيون، وأيدت هذه الأمة بفضل اليقين، فعلموا أن الشيء إذا أعطوه لله أن الله لا يضيعه، وعلموا من جوده وكرمه ما خفي على الأمم قبلنا، فلما (أعطت) () هذه الأمة صدقاتها هكذا تفضل عليهم الرب أن ولى أخذ صدقاتهم منهم، فلم يكلها إلى ملائكته ولا إلى أحد من خلقه فقال في تنزيله: ?أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ? [التوبة: 104] فلم يكل قبول توبتهم ولا أخذ صدقاتهم إلى أحد، ولهذا كان رسول الله ? لا يكل خصلتين إلى أحد، (فكان) () بمشي بالصدقة إلى المسكين ويستقي لوضوء الماء، ولا يكله إلى أحد.
- حدثنا بذلك الجارود قال: حدثنا (سفيان قال: حدثنا) () عمر بن هارون، عن موسى بن عبيدة، (عن عبيد الله بن دينار) ()، عن العباس بن عبد الرحمن بن مينا، عن رسول الله ?.
- حدثنا (عبد الجبار) () قال: حدثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن أبي (الخباب) () سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: ((والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة حسنة طيبة فيضعها في حق إلا كانت نفع في يد الرحمن فيربيها كما يربي أحدكم فصيله أو فلوه حتى أن التمرة واللقمة لتصير مثل الجبل العظيم)) ثم قرأ: ?يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ? [البقرة: 276].
- حدثنا صالح قال: حدثنا يحيى بن واضح، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن (عبد الله) () بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ? ((إن المؤمن يتصدق بالتمرة أو عدلها من الطيب ولا يقبل الله إلا الطيب فتقع في يد الله فيربيها له كما يربى أحدكم فصيله حتى تكون / 179أ (عند الله) () مثل الجبل العظيم)) ثم قرأ: ?يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ? [البقرة: 276].
- حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن عبد الله بن قتادة المحاربي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن الصدقة لتقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل. ثم قرأ عبد الله: ?أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ? [التوبة: 104].
- حدثنا إسماعيل بن نصر قال: حدثنا محمد بن بشر العبدي قال: حدثنا أبو المنهال (الطائي) ()، عن (علي) () بن حسين أنه كان إذا أعطى السائل شيئًا قبله ثم وضعه على يده، فإنما قبله؛ لأنه علم من يأخذه.
(قال أبو عبد الله) (): فتأويل قول رسول الله ? مناولة (المسكين) () تقي ميتة السوء؛ لأنه يصير بالمناولة ومن وقع في قرب الله كان له مأمنًا، وكان في ذمته فيوقى مصارع السوء، وميتة السوء أن يموت مصرًا على المعصية أو قانطًا من رحمته أو ظالمًا (أو قاطعًا لرحمه) () أو غير تائب من ذنوبه أو يفجأ بالموت على غير صحته أو يختم له بسيئ أعماله أو يموت هدمًا أو غرقًا، أو حرقًا أو لديغًا أو ما أشبه ذلك، فمن كان في ذمة الله وفي هذه الأشياء ومما يحقق ذلك ما جاء عن رسول الله ? أنه قال: ((من صلى الغداة فهو في ذمة الله)) فطلبنا وجه هذا كيف خص (رسول الله ?) (). صلاة الغداة من بين الصلوات فيه يصير في ذمة الله فوجدنا عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله ? في قوله: ?وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا? [الإسراء: 78] قال: ((يشهده الله وملائكته، وذلك أنه يتنزل إلى السماء الدنيا في الساعة الآخرة من الليل فيقول: هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له حتى يتفجر الصبح فإذا انفجر الصبح وصليت الفجر شهدها الله وملائكته)).
- حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر قال: حدثنا يحيى بن بكير المصري قال: حدثنا الليث بن سعد، عن زياد بن محمد الأنصاري، عن محمد بن كعب القرطبي، عن فضالة بن عبيد، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن رسول الله ? فإذا شهد العبد تلك الصلاة شهد ما شهد الله له فوقع في قربه فصار في ذمته، فهذا مما يوافق ما قلنا بدءًا في شأن الصدقة ومما يحقق ذلك ما قلنا ما جاء عن رسول الله ? أن الصدقة لو جرت على يد سبعين نفسًا لكان أجر آخرهم مثل أجر أولهم، معناه عندنا أن هذه الأيدي كلها منتهية إلى يد الله تعالى بنقل تلك الصدقة ().
¥