تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: انفراد محمد بن الحسن بن الأزهر برواية الكتاب، ومعناه أنه إذا وجدنا إسنادا آخر للكتاب، صحت النسبة ولا اعتراض عليه.

وبحمد الله- قد وجدنا إسناد ابن بطة في الإبانة وسنورده بعد هذا، وبذلك يذهب الاعتراض.

الأمر الثاني: وجهة نظر عقلية- وهي مبنية على أنه إذا كانت هذه المناظرة حدثت، فكيف يبقى المأمون على اعتقاده.

فهل هذه الوجهة تكفي لرد هذا الكتاب الذي اشتهر أمره بين العلماء وتداولوه في كتبهم، ومنهم الإمام الذهبي نفسه فقد ذكره في كتابيه، العبر، ودول الإسلام كما سيأتي.

وحيث إن وجهة النظر هذه مبنية على إسناد الكتاب الذي انفرد به محمد بن الأزهر فإليك الإسناد الآخر للكتاب من الإبانة لابن بطة:

يقول ابن بطة في الإبانة ورقة 160 مخطوط بالجامعة الإسلامية:

باب ذكر مناظرات الممتحنين بين يدي الملوك الجبارين الذين دعوا الناس إلى هذه الضلالة.

ثم قال: مناظرة عبد العزيز بن يحي المكي لبشر بن غياث المريسي بحضرة المأمون؛ حدثنا أبو حفص محمد بن عمر بن محمد بن رجاء قال ثنا أبو أيوب عبد الوهاب بن عمرو النزلي قال حدثني أبو القاسم العطاف بن مسلم قال حدثني الحسين بن بشر ودبيس الصائغ ومحمد بن فرقد قالوا: قال لنا عبد العزيز بن يحي المكي الكناني: "أرسل إلي المأمون أمير المؤمنين وأحضرني وأحضر بشر" ... الخ. ثم ذكر نماذج من كتاب الحيدة استغرق من ورقة 160/ ب سطر 12 إلى ورقة 165/ أسطر 17 لأن الصفحة تشمل 23 سطرا ثم اتبعها بقوله: باب ذكر محنة أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله لابن1 داود وأصحابه بحضرة المعتصم ... الخ.

فهذا إسناد للكتاب غير الإسناد الذي انفرد به محمد بن الحسن بن الأزهر الذي يرى الذهبي انه انفرد بروايته، فطعن فيه من أجله، ومع ذلك فإننا سنناقش وجهة النظر هذه، وهي لماذا بقي المأمون على عقيدته إن كانت هذه المناظرة حصلت على هذا الوجه.

فهذه الوجهة العقلية هي التي بنى عليها الإمام الذهبي حكمه حيث قال: "ويغلب على ظني أنه هو الذي وضع كتاب الحيدة، فإنني لاستبعد وقوعه جدا. فحكم الذهبي رحمه الله كما ترى هو بغلبة الظن- لا بالقطع والإجابة على غلبة الظن هذه بالأمور التالية:

الأول: أننا قد وجدنا إسنادا آخر للكتاب غير الإسناد الذي انفرد به محمد ابن الأزهر، وهو الذي قال الإمام الذهبي فيه هذا الكلام- أي يغلب على ظنه أن محمد بن الأزهر هو الذي وضع هذا الكتاب وقد سبق ذكر الإسناد عن الإمام ابن بطة من كتاب الإبانة.

الثاني: أن المناظرة بين الكناني وبشر المريسي ثابتة كحادثة تأريخية بين يدي المأمون لم يشك في وقوعها أحد لا الذهبي ولا السبكي، فكلاهما يثبتها، بل إن الذهبي أثبت إضافة إلى المناظرة كتاب الحيدة في كتابيه العبر، ودول الإسلام.

الثالث: كون المأمون بقي بعد تلك المناظرة على رأيه، لا ينهض دليلا على عدم وقوع المناظرة، ولا طعنا في كتاب "الحيدة" الذي هو حصيلة تلك المناظرة، لأن الشبهة التي ليس بها الجهمية على المأمون كانت قوية بحيث أصبحت عند المأمون عقيدة يرى أن مخالفها كافر مرتد يستحق العقوبة بالقتل، فكم من مناظرة قد أقيمت بين يديه، وكم من عالم حبس وضرب، بل وقتل، فمن أجل هذه الشبهة القوية لم يستطع المأمون التخلص منها، ويدل لذلك أن بشرا وأتباعه لازالوا بعد المناظرة يستغلون الفرص المناسبة للطعن على الكناني عند المأمون، وقد ذكر ذلك الكناني نفسه في هذه الرسالة، فقد قال يا ورقة 36/ ب من المخطوطة ص 120 من الرسالة- قال: فسر المسلمون جميعا بما وهبه الله لهم من إظهار الحق وقمع الباطل وجعل الناس يجيؤون إلي أفواجا حتى أغلقت بابي واحتجبت عنهم خوفا على نفسي وعليهم من مكروه يلحقنا فقالوا: لابد أن تملي علينا ما جرى لنعرفه ونتعلمه، فتهيبت ذلك وتخوفت سوء عاقبته فلما ألحوا في قلت لهم: "أذكر لكم بعض ما جرى مما لا يكون علي حجة في ذكره فرضوا بذلك فأمليت عليهم أوراقا يسيرة مقدار عشر أوراق مختصرة مما جرى لأقطعهم بها عني وعن ملازمة بابي"، ولم يتهيأ لي شرح هذا كله، لما تخوفت على نفسي مما قد يلحقني بعضه، وأنا أذكر بعد هذا المجلس ما جرى، بسبب تلك الأوراق التي كتبها الناس عني في كتاب مفرد بعد هذا إن شاء الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير