وليت هذه الدور استمرت على هذه الطريقة لقدمت خيرا عظيما؛ فقد صوروا طبعات بولاق والهند والآستانة والميمنية والخيرية والسعادة ونحوها من الطبعات التي كان يشرف عليها علماء أجلاء , ولكنهم انتقلوا إلى الطريقة الثالثة؛ رغبة في المنافسة!
الطريقة الثانية:
ظهرت حركة التحقيق مرة أخرى , ولكن هذه المرة جاءت من بيروت أكثر من غيرها , وسارت على صعيدين:
الأول:
بشكل مؤسسي (مكاتب تحقيق) وأقدم من قام به - فيما أعلم - زهير الشاويش صاحب المكتب الإسلامي , ثم بعده رضوان دعبول صاحب مؤسسة الرسالة. و نحوهما مختار الندوي صاحب الدار السلفية بالهند , وغيرهم.
الثاني:
بشكل فردي من قبل علماء تخصصوا في العمل في التراث , مثل الشيخ الألباني , و عبدالفتاح أبو غدة , وحبيب الرحمن الأعظمي , وشعيب الأرناؤوط , وعبد القادر الأرناؤوط , ومحمود الطناحي , وعبدالفتاح الحلو , وإحسان عباس وغيرهم كثير.
الطريقة الثالثة:
طريقة الصف الجديد للكتب القديمة , مع عدم الإشارة للأصل المنقول عنه! , ولا اعتماد على أصل خطي , ولا عناية بالمراجعة ولو من قبل طالب علم مبتدىء!! فما هو إلا أن يدفع صاحب الدار الكتاب المراد نشره للناسخ , حتى يفرغ ويدفعه للمطبعة , ثم يباع بأزهد الأثمان! وربما وجدت في الصفحة الواحدة عشرين خطأ؛ أقولها - والله - بلا مبالغة , ولكن عن علم وممارسة!!.
وهذه أسوأ مرحلة مرت بها الطباعة إطلاقا , وأقول: ينبغي التخلص من كل طبعة من هذا النوع إلا ألا يوجد غيرها؛ فحتى يوجد , يتعين حرقه!!
ويمثل لهذه المرحلة بمطبوعات الدور التالية - على سبيل المثال - للحذر والتحذير:
دار الكتب العلمية - دار الفكر ببيروت - دار المعرفة - دار القلم ببيروت - المكتبة العصرية - دار الكتاب العربي - دار الحديث بالقاهرة - وغيرها.
وينبغي التنبه إلى أن بعض هؤلاء كانوا يعملون بالطريقة الأولى - وليتهم استمروا عليها - ثم انتقل أكثرهم إلى طريقة أخرى أخطر من هاتين الطريقتين؛ أذكرها في المرحلة الرابعة (الحديثة).
يتبع (المرحلة الأخيرة)
ـ[أبو أنس الأزدي]ــــــــ[17 - 04 - 05, 01:11 ص]ـ
المرحلة الأخيرة (المعاصرة):
تبدأ هذه المرحلة من مطلع هذا القرن (الخامس عشر). وفيها عادت حركة التحقيق بقوة بعد أن ضعفت في المرحلة السابقة. ولكن اختلط فيها الأصيل بالدخيل , وأهل العلم مع أهل التجارة , والتبس الأمر على كثير من الناس!.
وصارت أماكن التحقيق متنوعة - بعد أن كانت محصورة في مصر والشام والهند - فخرجت أرض الرافدين جبابرة التحقيق , وخرجت أرض الجزيرة والخليج شبابا أعرضوا عن متع الدنيا , وأقبلوا بكليتهم على العلم ومدارسته وتحقيق كتبه! , وكذلك أرض المغرب نفضت عنها الغبار وخرج منها من يتبع الكبار!.
ومع هذه البشائر؛ وجدت قردان تعلقت بأجساد المخلصين , فتمتص دماءهم حتى يهلكوا , ثم تنتقل إلى غيرهم!
وهذه المرحلة هي مقصودي من الحديث , فما قبلها مقدمة لها.
والمحققون فيها على طبقات ثلاث:
الأولى: المجودون المتقنون لأعمالهم , وفق الأصول العلمية للتحقيق , و امتازوا بالجلد على ذلك.
الثانية: الذين بذلوا وسعهم , ولكنهم لم يبلغوا المرتبة العالية من الإتقان. وهم على درجتين.
الثالثة: المتعلقون بهذا الفن (التحقيق) وليس من بابتهم!. وهم أنواع!
وسوف أقوم بحصر للمكثرين منهم فقط في كل نوع ما استطعت , وضابطهم عندي:
1 - من له اشتغال بتحقيق المخطوطات , وليس جمعها فقط , أو بالتأليف فقط.
2 - له خمس تحقيقات فأكثر , ولو لأجزاء صغيرة.
3 - ظهرت تحقيقاته من بعد 1400ه حتى عامنا هذا.
ثم سأقسمهم على الطبقات الثلاث السابقات , وكل طبقة على البلدان , ثم أذكر أمثلة لكل ذلك.
وقصدي من ذلك نصح إخواني الذين كثرت أسئلتهم عن الطبعات والمحققين؛ فلعل في هذا العمل ما يسد الحاجة , والله - تعالى - أعلم (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت).
يتبع (سرد المحققين وطبقاتهم)
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[17 - 04 - 05, 01:37 ص]ـ
واصل بارك الله فيك
ـ[أبو أنس الأزدي]ــــــــ[20 - 04 - 05, 01:02 ص]ـ
للرفع
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[21 - 04 - 05, 12:21 ص]ـ
رفع الله قدر كاتبها
مقالة من أجمل ما قرأت منذ زمن.
ـ[أبو أسيد البغدادي]ــــــــ[21 - 04 - 05, 11:54 ص]ـ
¥