تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[لا للتهجم على الغيبيات .. رأي في كتب التطفل على الغيبيات]

ـ[احمد بن فارس السلوم]ــــــــ[22 - 04 - 05, 11:24 م]ـ

مما يميز عقيدة المسلم عما سواه إيمانه بما أخبر الله به من غيبيات، وبهذا امتدحهم الله عز وجل في أول سورة البقرة، ولكن قد يبلغ التطفل بأصحابه أحيانا فيحملهم على التهجم على الغيبيات وعلى خوض الحمى المحرم.

وفيما يلي أقدم للأخوة مقالا لي كتبته منذ زمن ليس بالبعيد ونشر آنذاك في بعض الجرائد الكويتية أقدمه مقطعا في مقالات، والدعوة قائمة للإخوة للتعقيب أو التصويب.

بسم الله الرحمن الرحيم

لا للتهجم على الغيبيات

(نظرة في كتب الكشف عن تواريخ الأمور الغيبية) من طبائع النفوس البشرية التطلع إلى معرفة المغيبات، والخوض في أنفاق المجهولات، يبعثهم على ذلك فضول يؤزهم أزا، وتتطفل يحملهم على تجاوز حدود الشرع المطهر.

وقد عمل القرآن الكريم والسنة النبوية على إشباع هذه الغريزة البشرية ضمن إطار محدد، فامتلأ الكتاب العزيز بأحاديث السابقين، وبأخبار بدء الخلق، ونهاية الكون وما إلى ذلك، ومن جهته قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فحدث أصحابه بكل شيء كان ويكون، حفظ ذلك من حفظ وضيعه من ضيع.

ولكن يبقى الحديث عن المغيبات لذيذا على النفوس، باردا على الأكباد، محببا إلى الناس، ولأجل ذلك لاكوه بألسنتهم، وخاضوا فيه بالحق والباطل، ناسبين معظم ما تفوهوا به إلى المصدر الإلهي، أي كتب الله المنزلة كي يلقى باطلهم قبولا بين العلماء، ورواجا بين الدهماء.

وكان أجرأ الناس على الوضع على الله عز وجل في هذا الباب؛ هم أولئك الذين كانوا أجرأ الناس على أنبيائه وأوليائه، أعني أهل الكتابين من اليهود والنصارى، وقد قص الله علينا جرأتهم على تحريف كتبهم، وخيانتهم في ما استحفظوا عليه منها، فزادوا فيها ونقصوا، وأبدوا كثيرا وأخفوا أكثر، واستمر بهم هذا المسلسل من العبث و التحريف حتى البعثة النبوية المباركة.

وفي سياق هذا التحريف والتبديل أودعوا كتبهم طائفة من هذه الأباطيل المشتهاة، والأخبار المكذوبة، وائتمروا فيما بينهم بالباطل، فخرج كتابهم أباطيل وأسمار، بعد أن كان نورا وهدى.

وأصبح كتابهم كتابا تاريخيا محضا، مكتضا بالقصص والأخبار، مفرغا من الهدايات والتزكيات، التي هي روح الكتب المنزلة، والمقصد الأسمى من إنزالها.

وعلم أهل الكتاب أن أمة من الأمم ستخرج بعدهم هي أكرم الأمم على الله، وأرفعها عنده قدرا، فحسدوا هذه الأمة قبل أن تولد، وأعدوا العدة لعدائها قبل أن توجد، وأطبقوا جفونهم على ذلك، وناموا على وجلٍ وتحسّب من هذه الأمة التي ستنزع عنهم لباس الأفضلية والخيرية.

وببعثة النبي صلى الله عليه وسلم بدأت لأهل الكتاب صولة عدائية انتهت بالخسران الواضح في ميدان الحروب والمواجهة، فكان من شأن أهل الكتاب أن لجئوا إلى الصراع الفكري، والعبث بمعتقدات هذه الأمة ومسلماتها، وكان أبطال هذه الجولة طائفة من أهل الذمة بقوا في ديار المسلمين مستمرئين الذل، معلنين بالخضوع في سبيل هذا الهدف الحاقد، عاونهم على ذلك طائفة من أصحاب المآرب المتظاهرين بالإسلام، وطائفة أخرى من مسلمة أهل الكتاب ممن حدثوا بأخبار كتبهم عن حسن نية، وسلامة قصد.

بعد هذا السرد التاريخي المقتضب، لعل القارئ الكريم يحمل قولي محمل المبالغة والغلو، فما دخل الصراع مع أهل الكتاب بعقائد المسلمين ومقدساتهم؟ ولكن متى استعرضنا تاريخ الملل والنحل فسنجد أن أصل كل عقيدة فاسدة ضارب جذره في أهل الكتاب، مستمد منهم ما يستمده القرح من الدم؛ القيح والصديد.

وما عليك إلا أن تستذكر دور هذه الأسماء في المواجهة الفكرية مع هذه الأمة وأثرها في العبث بمعتقداتها: يهود المدينة، ابن سبأ اليهودي، طالوت بن عباد اليهودي، ابن الراوندي صاحب الطعن في القرآن .. وغيرهم كثير، وما خفي من الأسماء أعظم، وما لم يعلم فهو شر وأخطر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير