هدوء الليل، مع هدوء الريف، مع هدوء النفس إذا عاينت حديث محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كل ذلك إذا اجتمع فقل على الدنيا العفاء.
ومع هذا كله كنتَ معي طوال ليلة أمس، فقد قابلني أثناء عملي حديثٌ ذكرني بمشكلة أبي ذر، وزياد.
وانتهى العمل في هذا الحديث الواحد مع نداء الفجر، فأحببت أن أنقله لك كله، فلعلك تنصح، أو يأتي ناصحٌ أمين، فيقف على زلةٍ وقعت، فينصح، فلعله يجد من يحب الناصحين.
وإليك المشكلة، ورؤية أخوك المسكين لحلها:
ــــــــــ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوَلَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ? يَقُولُ:
((خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ الْقَرْنُ الَّذِينَ بُعِثْتُ أَنَا فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَكُونُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ، وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ.)).
وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: ((الْقَرْنُ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.)) (1).
(*) وفي رواية: ((عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوَلَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ بِالأَهْوَازِ، إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيَّ عَلَى بَغْلٍ، أَوْ بَغْلَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ذَهَبَ قَرْنِي مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَأَلْحِقْنِي بِهِمْ، فَقُلْتُ: وَأَنَا، فَأَدْخُلُ فِي دَعْوَتِكَ، قَالَ: وَصَاحِبِي هَذَا إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي مِنْهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَالَ: وَلاَ أَدْرِي أَذَكَرَ الثَّالِثَ أَمْ لاَ - ثُمَّ تَخْلُفُ أَقْوَامٌ يَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ، يُهْرِيقُونَ الشَّهَادَةَ وَلاَ يُسْأَلُونَهَا.)).
قَالَ: وَإِذَا هُوَ بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ (2).
أخرجه ابن أَبي شَيْبَة 12/ 177 (32404) قال: حدَّثنا عَفَّان، قال: حدَّثنا حَمَّاد بن سَلَمَة. و ((أحمد)) 5/ 350 (23348) قال: حدَّثنا إِسْمَاعِيل. وفي 5/ 357 (23412) قال: حدَّثنا عَفَّان، حدَّثنا حَمَّاد بن سَلَمَة.
كلاهما (إِسْمَاعِيل، وحَمَّاد) عن الجُرَيْرِي، عن أَبي نَضْرَة، عن عَبْد اللهِ بن مَوَلَة، فذكره (3).
أخرجه أبو يعْلَى (7420) قال: حدَّثنا العباس بن الوليد النَّرْسِي، حدثنا عبد الأَعلى، أبو محمد السامي، حدثنا سعيد، يعني الجُرَيري، عن أبي نَضْرة، عن عبد الله بن مَوَلَةَ القُشَيْرِي، قالَ: كنتُ بالأَهواز، إذْ مَرَّ بِي شيخٌ ضخمٌ على بَغْلَةٍ، وهو يقولُ: اللَّهُمَّ ذَهَبَ قَرني من هذه الأُمَّةِ، فَأَلحِقني بهم، فَأَلْحَقْتُهُ دابَّتِي، فقلتُ: وأَنا يَرحمُك اللَّهُ، قال: وصاحبِي هذا إن أراد ذلكَ، قال: ثم قالَ: قال رسولُ اللهِ r :
(( خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي مِنْهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ـ فَلاَ أَدْرِي أَذَكَرَ الثَّالِثَ أَمْ لاَ ـ ثُمَّ يَخْلُفُ قَوْمٌ، يَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ، وَيُهْرِيقُونَ الشَّهَادَةَ، وَلاَ يُسْأَلُونَهَا.)).
فَإِذَا هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ (3).
ــــــــــــ
(1) اللفظ لأحمد (23412).
(2) اللفظ لأحمد (23348).
(3) المسند الجامع (1913)، وأطراف المسند (1275).
والحديث؛ أخرجه الطبري، في ((تهذيب الآثار)) 453، وابن أَبِي عاصم، في ((السُّنَّة)) 1474، والروياني (54) جميعهم، من طريق عفان بن مسلم، قال: حَدَّثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن الجُريري، عن أبي نضرة، عن عبد الله بن مَوَلَة القشيري، عن بريدة.
قلنا: إسنادُه ضعيفٌ؛ عَبْد اللهِ بن مَوَلَة مَجْهُولٌ، وحَمَّاد بن سَلَمَة إذا روى عن غيرِ ثابتٍ وقع في حديثه وَهْمٌ وتخليطٌ.
(4) كذا وقع عند أبي يعلى: ((أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ))، وساق أبو يعلى حديثه في مسند أبي برزة، وسلف أن ساقه أحمد في مسند بريدة بن الحصيب.
وأخرجه ابن عساكر، في تاريخ دمشق 62/ 100، من طريق أبي يعلى، وفيه: ((أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ)).
ـ قال المزِّي: وقال أبو نضرة: عن عَبد الله بن مَوَلَة القُشيري: كنتُ بالأهواز، إذ مَرَّ بي شيخٌ ضخمٌ، على دابةٍ له، فإذا أبو برزة ... ((تهذيب الكمال)) 29/ 409 (6437).
والخلاف هنا ليس من عبد الأعلى السامي؛
فقد أخرجه ابن أَبِي عاصم، في ((السُّنَّة)) 1473 قال: حَدَّثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، حدثنا عبد الأعلى، عن الجُريري، عن أبي نضرة، عن عبد الله بن مَوَلَة القشيري، عن بريدة، به.
ـ أما مصادر ترجمة عبد الله بن مَوَلَة، وهي ((التاريخ الكبير)) 5/ (607)، و ((الجرح والتعديل)) 5/ (778)، و ((الثقات)) 3792، و ((ميزان الاعتدال)) 4643، ((تهذيب الكمال)) 16/ 186 (3598)، و ((تهذيب التهذيب)) 2/ 440، فلم يذكروا في شيوخه غير بريدة بن الحصيب الأسلمي، وهذا، مع ما سلف، يؤكد أن من قال: ((عن أبي برزة))، إنما هو تصحيفٌ، والراجح أنه من أخطاء شيخ أبي يعلى العباس بن الوليد، النَّرْسِيُّ، والذي رواه هكذا عن عبد الأعلى، وخالفه أبو سلمة يحيى بن خلف، قال: حدثنا عبد الأعلى، وفيه: عن بريدة، مثل رواية الجماعة.
ــــــــــــ
والسلام عليك
ملحوظة: هذا من كتاب إكمال المسند الجامع.
وقد وصلنا فيه الآن بفضل الله إلى مسند عمر، رضي الله تعالى عنه.
¥