1 ــ من جهة كون الكفر فيها قديما أو طارئا، تنقسم إلى:
أ ــ دار الكفر الأصلي: وهى التي لم تكن دار إسلام في وقت من الأوقات مثل اليابان وشرق الصين وانجلترا وقارات أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية واستراليا.
ب ــ دار الكفر الطاريء: وهى التي كانت دار إسلام في وقت من الأوقات ثم استولى عليها الكفار الأصليون مثل الأندلس (إسبانيا والبرتغال) وفلسطين ودول شرق أوربا التي كانت تحت حكم الدولة العثمانية مثل رومانيا وبلغاريا ويوغوسلافيا واليونان وألبانيا.
جـ ــ دار الردة: وهى فرع من دار الكفر الطاريء، وهى التي كانت دار إسلام في وقت ٍ ما ثم تغلّب عليها المرتدون وأجروا فيها أحكام الكفار، مثل الدول المسماة اليوم بالإسلامية ومنها الدول العربية. وقد مرت معظم هذه الدول بمرحلة كونها دار كفر طاريء عندما استولى عليها المستعمر الصليبي وفرض عليها القوانين الوضعية ثم رحل عنها وحكمها من بعده المرتدون من أهل هذه البلاد. وهناك بعض الفروق في الأحكام الفقهية بين دار الكفر ودار الردة ذكرها الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية) صـ 57، ط الحلبي. وأنبه هنا على أنني كثيراً ماأصف هذه البلاد في كتاباتي ببلاد المسلمين وذلك بالنظر إلى حال أغلب سكانها، ولايرادف هذا الوصفُ مصطلحَ (دار الإسلام) بل هى ديار كفر وردّة. وجهاد حكامها الكافرين فرض عين على أهلها المسلمين كما بيّناه في أكثر من موضع.
2 ــ ومن جهة علاقتها بدار الإسلام، تنقسم دار الكفر إلى:
أ ــ دار الحرب: وهى التي ليس بينها وبين دار الإسلام صلح أو هدنة، ولايشترط قيام الحرب فعليا لصحة هذه التسمية، بل يكفي عدم وجود صلح كما ذكرنا، بما يعني أنه يجوز للمسلمين قتال أهل هذه الديار وقتما شاءوا، ومن هنا سميت دار حرب.
ب ــ دار العهد: وهى التي بينها وبين دار الإسلام موادعة وصلح وهدنة، كما كانت مكة فيما بين صلح الحديبية وفتح مكة (6 ــ 8 هـ). ولاتجوز موادعة الكفار على الصلح وترك الحرب إلا بالنظر إلى مصلحة المسلمين كأن يكون بهم ضعف لقوله تعالى (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون) محمد 35، وذلك لأن الله فرض علينا قتال الكفار حتى يكون الدين كله لله، لم يفرض علينا مسالمتهم ومصالحتهم إلا عند حاجتنا لذلك، قال تعالى (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) التوبة 5، وقال تعالى (وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله) الأنفال 39. (انظر المغني مع الشرح الكبير) 10/ 517، و (السير الكبير) لمحمد بن الحسن، 5/ 1689. ولايجوز عقد الهدنة إلا من إمام المسلمين أو من يُنيبه، ونظراً لغياب هذا الإمام في زماننا هذا فلا اعتبار لأي معاهدات دولية يعقدها الحكام الكافرون لصدورها ممن ليست لهم ولاية شرعية على المسلمين، فوجودها كعدمها، إذ المعدوم حكماً كالمعدوم حقيقة.
3 ــ ومن جهة أمن المسلم على نفسه فيها، تنقسم دار الكفر إلى:
أ ــ دار الأمن: وهى التي يأمن المسلم فيها على نفسه، مثل الحبشة في صدر الإسلام لما هاجر إليها الصحابة فراراً من بطش كفار مكة.
ب ــ دار الفتنة: وهى التي لايأمن المسلم فيها على نفسه، مثل مكة في صدر الإسلام، ومثل معظم ديار الردة اليوم.
(فائدة أخرى) الأقسام الفرعية لدار الإسلام
ترد أحيانا مصطلحات خاصة بأقسام فرعية لدار الإسلام في كتب أهل العلم، مثل:
1 ــ دار البغي: وهى ماإذا انفرد البغاة أو الخوارج ببلد في دار الإسلام واستقلوا بإجراء الأحكام فيها. ويقابلها دار العدل وهى التي تحت حكم إمام المسلمين.
2 ــ دار الفسق: وهى ماإذا شاع الفسق ببلد في دار الإسلام، قال الشوكاني (وقد ذهب جعفر بن مبشر وبعض الهادوية إلى وجوب الهجرة عن دار الفسق قياسا على دار الكفر، وهو قياس مع الفارق والحق عدم وجوبها من دار الفسق لأنها دار إسلام) (نيل الأوطار) 8/ 179. قلت: ولكن يستحب مغادرة البلدة التي تكثر فيها المعاصي كما في حديث قاتل المائة، وفيه أخبره العالِم أن مما يعينه على التوبة التحول عن بلده التي وصفها بأنها أرض سوء وأن يذهب إلى بلدة بها قوم صالحون يعبد الله معهم.
3 ــ دار أهل الذمة: وهى غير دار العهد والصلح فهذه من أقسام دار الكفر، أما دار أهل الذمة فهى دار إسلام كما كانت خيبر بعدما فتحها المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وصِفة دار أهل الذمة هى كما قال محمد بن الحسن رحمه الله (وإن حاصر أمير العسكر أهل مدينة من مدائن العدو، فقال بعضهم نسلم، وقال بعضهم نصير ذمة ولانبرح منازلنا، فإن كان المسلمون يقوون على أن يجعلوا معهم مِن المسلمين مَن يقوى على قتال من يحضر بهم من أهل الحرب ويحكم فيهم بحكم الإسلام، فعل ذلك الأمير) قال الشارح السرخسي (لأن إجراء أحكام المسلمين في دارهم ممكن، والدار تصير دار المسلمين بإجراء أحكام المسلمين، فيجعلها الإمام دار إسلام، ويجعل القوم أهل ذمة) (السير الكبير) 5/ 2196 ــ 2197.
هذا، والمقصود من ذكر هذه الأقسام تعريف الطالب بها إذا قرأها في كتب العلم.}}.
وله كلام رائع في الموضوع قمت بتنسيقه ووضعه على ملف وورد, من أراده بعثته له.
والله أعلم.
¥