بل لا أكون متجاوزًا إن قلتُ: إن مثل هذا العمل والتغيير يُعَدُّ ضربًا من الخيانة العلمية للتراث، وقد سبق العَلَمُ الكبير عبد السلام هارون رحمة الله عليه إلى التنبيه على مثل هذه الخيانة الناتجة عن التغيير، أثناء كلامه عن ((تحقيق النصوص)).
فلابد من التفريق هنا بين تصحيح الكتب، وبين محاكمة أصحابها.
بعض المحققين يخلط بين النوعين، تمامًا كما يخلط بعض النقدة بين الأمرين، فينتج الخلل العظيم في النقد أو التصحيح.
وأسأل الله عز وجل الإعانة على ضرب أمثلةٍ فيما يستقبل من زمانٍ إن شاء الله ذلك وقَدَّرَه.
ولعل بعض أفاضل الأساتذة يسعفنا الآن بأمثلة أخرى تثري الموضوع بإذن الله تعالى.
أما المظلوم الثاني في الأمر: فهو المحقق.
فلاشك أننا نظلمه إذا حمَّلْناه وألزمناه بما لا يلزمه أصلاً.
فمهمة المحقق تقف عند تصحيح نص الكتاب، بعرضها على نسخ الكتاب الخطية، أو كتب الرواة عنه، وغيرها من النسخ المساعدة، أو مختصرات الكتاب، والآخذين منه، بالنقل المباشر، أو بالواسطة، وغير ذلك.
فإذا أدَّى المحقق هذا العمل فقد أَدَّى ما عليه، ولا لوم عليه بعد ذلك في إذا ما كانت رواية مؤلف الكتاب تخالف روايات غيره عن مشايخ بأعيانهم.
فمخالفة البغوي لباقي أصحاب ابن أبي شيبة مثلاً، لا يُلام فيها المحقق، ولا ذنب له في مثل هذا، وإنما يُلام إذا رأَيْنَاه غَيَّرَ وبدَّل في الكتاب بما لا يوافق مراد المؤلف، أو حرَّف الكتاب ليوافق فهمه وعقله هو.
كل هذا مرفوضٌ قطعًا، ولا يصح بحالٍ من الأحوال.
ولكن ما لا يصح لنا أيضًا أن نشنِّع على بعض المحققين ونتهمهم بالتقصير لمجرد مخالفة روايات الكتاب لروايات مشايخ مؤلفه.
لابد في مثل هذه الحالة من استيفاء البحث من كافة النواحي، فإن لم نقف على خللٍ عند المحقق، وتأكدنا من وجود النص في أصل المؤلف سليمًا بلا إشكال، فلا ذنب هنا للمحقق أبدًا.
ومن هنا كان تنبيه الأستاذ هشام الكدش السابق اقتباسه على درجةٍ كبيرة من الأهمية بالنسبة للمتصدِّر للنقد أو للتحقيق، فجزاه الله خيرًا ونفع به.
وللحديث تتمة للتمثيل والإيضاح إن شاء الله تعالى.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[07 - 06 - 05, 12:44 م]ـ
ولدينا الشيخ الألباني رحمة الله عليه، فأين هم ورثته؟ بطبيعة الحال نحن لا نسأل عن أشخاصهم حفظهم الله وبارك فيهم، ولكنَّا نسأل عن أثرهم وسلوكهم العلمي الذي يبعث فينا الأمل في دوام إحياء مكتبة الشيخ رحمة الله عليه، ويحفظها من التعرض لمهالك السنين أو نحوها من الآفات .....
نفع الله بك أيها الفاضل.
بالنسبة للشيخ ناصر الملة والدين - رحمه الله - فقد أهدى مكتبته للجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وقد استلمتها لجنة من الجامعة من ورثته منذ سنوات فعلا.
ـ[المستشار]ــــــــ[07 - 06 - 05, 02:08 م]ـ
الأستاذ الجليل الفهم الصحيح، زادكم الله فهمًا وأدام عليكم الصحة، ونفع بكم.
فائدتكم مما تشد لها الرحال فجزاكم الله خيرًا عليها.
والحقيقة رغم معرفتي ببعض أطراف الموضوع المذكور في كلامكم؛ إلا أنني لم أعلم بهذه المعلومة الجميلة إلا منك الساعة؛
وكما قال أبو الطيب: ((وما كل علمٍ علمناه، ولا كل الأدب دريناهُ)).
ومع هذا فمثل هذه الأمور مما ينبغي العناية بإعلانه وبيانه للناس كافة، لما فيه من حسن الأسوة، وفوائد لا تحصى.
فجزاكم الله خيرًا.
وفي انتظار باقي تعقيباتكم إن شاء الله على ما مضى أعلاه.
ورحمة الله على الشيخ ناصر، فما أجمله حيًّا وميتًا، فاللهم أجري له عمله، وانفع بعلمه الذي تركه، وارفع درجته في عليين، وبارك في ورثته، واحفظه فيهم، واجعلهم هداة مهتدين.
ـ[المستشار]ــــــــ[18 - 06 - 05, 05:21 ص]ـ
موضوع شقيق:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=32856
ـ[النصري]ــــــــ[19 - 06 - 05, 12:16 م]ـ
هلا دللتم على موقع المكتبة الأزهرية شاكرين لكم صنعكم.
ـ[المستشار]ــــــــ[19 - 06 - 05, 12:47 م]ـ
نفع الله بكم أستاذي الكريم، وتجد عنوان المكتبة في قسم المخطوطات، فقد وضعه الأساتذة الكرام هناك.
حفظكم الله وسدد خطاكم وبارك في أوقاتكم وأعماركم.
ـ[أبو سارة حسام]ــــــــ[22 - 10 - 05, 03:17 م]ـ
لمن سأل عن موقع المكتبة الأزهرية فهو
http://www.alazharonline.org
وشكراً
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[01 - 10 - 06, 07:32 ص]ـ
لله دركم ... سلمت يمينكم ... والله درر غوال لو تعلمون ... رجاء من الشيخ الكريم متابعة هذا الموضوع وأشقائه وإعادة تحريره ومراجعته واستخراج ما يصلح منه للطبع لينتفع به أكثر ... وأعد إن شاء الله بالمداخلة ... وأدع الجميع للمشاركة ... وأتعجب من عدم التعليق - فضلا عن الثناء على صاحبه - جزاه الله خيرا وبارك فيه ...
* رجاء موافتي برأيكم فيما ارسلته لكم على الخاص حفظكم الله .....