ذَكَرَ الحلبيُّ أَنَّ سبب نَشْرِهِ لأجوبة الشَّيخِ على «الأسئلة العراقيَّة» المزعومة: هو اجتهادٌ مِنْهُ،لالظْهَارِ تآلف مواقف المشايخ، وإِنْ تباعدتْ أقطارُهم، وليس تَكَثُّرًا مقصودًا كما قَالَ!
وفي هذا مُغالطةٌ أُخْرَى!
فَإِنَّهُ إِنْ كان هذا مقصودَهُ، فَإِنَّ أجوبةَ الشَّيخِ صالحٍ الفوزان على الأسئلة الُموَجَّهَةِ له في هذا الباب كثيرةٌ، سَوَاءٌ في دروسِه ومُحاضراتِه (وهي مُسَجَّلةٌ)، أو برامج الإفتاء في «الإذاعة»، أو ما طُبِعَ مِنْ فتاواه ومُؤلَّفاتِه، أو ما كان مِنْهَا ضمن فتاوى «هَيْئة كبار العُلَماء»، أو «اللَّجنة الدَّائمة للإفتاء».
فَلِمَ تَرَكَ تلك الأجوبةَ الكثيرةَ المقطوعَ بِصِحَّةِ نِسْبَتِهَا للشَّيخِ صالحٍ، وعَمَدَ إلى أجوبةٍ أُخْرَى غير ثابتةٍ لَهُ!
أو على أَقَلِّ تَقْديرٍ لا يَعْرِفُ رَأْيَ الشَّيخِ فيها!
ولم يَسْتطعْ سُؤَالَهُ عَنْها!
فالسَّبَبُ الَحقِيقيُّ: هُوَ أَنَّ فيها ما يُرَوِّجُ نِحْلَتَهُ، مِمَّا لم يَجِدْهُ في أجوبةِ الشَّيخِ الصَّحيحةِ له، ولا في مُصنَّفاتِه ودُروسِه!
وعَرَفَ مِنَ الشَّيخِ مُخالفتَها، كمَوْقِفِه ـ حفظه الله ـ مِنَ الإرجاءِ ودُعَاتِه ونَاشِريهِ ومُنَاصرِيه.
الوقفة الثَّالثة
تَمَنَّى عليٌّ الحلبيُّ واستحبَّ، أَنْ لو كان جُهْدِي الُمتَكَرِّرُ الُمضَاعَفُ، الَّذِي أَبْذُلُهُ رَدًّا عَلَيْهِ (كما زَعَمَ)، مُوَجَّهًا نحو الُمخالِفينَ أصحابِ الأفكار الُمنْحرفةِ الغَالِيَةِ، بَدَلاً مِنْ توجيه سهامي لإخواني مِنْ أهل السُّنَّة والتَّوحيد!
وفي هذا مُغالطاتٌ عِدَّةٌ:
(1) إحداها: أَنَّهُ جَعَلَ سُؤالي للشَّيْخِ صالحٍ الفوزان عن صِحَّةِ نسبة «الأجوبة العراقيَّة» له رَدًّا مِنِّي عليه!
وهذا لا يكونُ مُتَصَوَّرًا مِنَ الحلبيِّ، إلا إذا كان جَازِمًا ـ هو في حقيقةِ نَفْسِه ـ بِكَذِبِ نِسْبَتِهَا للشَّيخِ!
(2) الثَّانية: أَنِّي لم أَرُدَّ على الحلبيِّ قبل مسألة «الأسئلة العراقيَّة» إِلا في مقالٍ واحدٍ فقط (نَشَرَتْهُ «جريدة الَجزِيرة» في 28/ 9/1421هـ)، بَيَّنْتُ فيه سرقتَهُ العِلْميَّةَ لتحقيق الطَّناحيّ والزَّاويّ لكتاب «النِّهاية في غريب الحديث والأثر» لابن الأثير رحمهم الله.
ثُمَّ لَمَّا رَدَّ على مقالي هذا ـ بَعْدَ شُهُورٍ عِدَّةٍ ـ في إثباتِ سَرِقَتِهِ: رَدَدْتُ عليه بمقالٍ ثَانٍ، أُبَيِّنُ فيه مَا جَدَّ مِنْ مُغالطاتِه، ونشرتْهُ «جريدة الرِّياض» في عَدَدَيْنِ (6و13 رجب 1423هـ).
فأين الُجهْدُ الُمتكرِّرُ الُمضاعَفُ المَزْعومُ؟!
ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا الحلبيَّ مُخَالِفٌ لاعتقادِ السَّلَفِ في مَسَائلِ الإيمان، فهو مُرْجِئٌ صَدَرَتْ في حَقِّهِ فتوى مِنَ «اللَّجنة الدَّائمة للبُحُوثِ العِلْمِيَّة والإفتاء» في بيانِ ذلك برقم (21517) بتاريخ (14/ 6/1421هـ).
فالرَّدُّ عليه في هذا نُصْرَةٌ للسُّنَّةِ وذَبٌّ عن حياضِها.
والرَّدُّ عليه في بَيَانِ سَرِقَاتِه نُصْرَةٌ للعِلْمِ وذَبٌّ عن حِمَاهُ.
(3) الثَّالثة: أَنَّ جميعَ ما كتبتُه في الحلبيِّ حَتَّى الآن عِدَّةُ أوراقٍ! أَمَّا ما كتبتُه في أصحاب الأفكار الُمنْحرفةِ، فأضعافُ ذلك! فلماذا يُحاوِلُ إظهارَ العكس؟!
الوقفة الرّابعة
حاول الحلبيُّ صَرْفَ لَفْظِ الشَّيخ صالحٍ الفوزان وكتابتِه في «الأجوبة العراقيَّة» مِنْ نَفْيِها بنَفْيِ تَذَكُّرِهَا، إلى إثباتِها!
بِأَنَّ نَفْيَ الشَّيخِ تَذَكُّرَهَا ليس دليلاً على عَدَمِ صُدُوْرِهَا مِنْهُ! وإِنَّمَا هو مِنْ باب (مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ)! وأَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يَنْسَى ويُذَكَّر!
وأَنَّ شهادةَ أولئك الشُّهُودِ العراقيِّينَ التِّسعةِ مُثْبِتَةٌ لها، وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ ما قَالَ!
وهذا باطلٌ، جوابُه مِنْ وجوهٍ كثيرةٍ:
(1) أحدها: أَنَّ نفي الشَّيخِ تَذَكُّرَهَا لا يَدُلُّ على نسيانِه، بل هو قَاطِعٌ بِكَوْنِهَا ليستْ له، بدليلِ قَوْلِه بوجودِ أجوبةٍ مُخَالِفَةٍ لِمَا يقولُ به، مُعَارِضَةٍ له!
كما أَنَّ الشَّيخَ صالحًا نفى صِحَّتَهَا لي، وجَزَمَ بأَنَّهَا مَكْذُوبةٌ عليه.
¥