ثٌمَّ بَعْدَ يَوْمَيْنِ: ذَهَبَ الشَّيخُ أبو البُخاريّ رحمه الله، ومعه الأخ أنور، والأخ مُشتاق، وهم مِنْ خيرة الدُّعاةِ، وأتوا بالأجوبةِ مِنْ عِنْدِ وَكِيْلِهِ، وعليها توقيعُه) اهـ.
وفي هذِه الكتاباتِ الثَّلاثِ تباينٌ ظَاهِرٌ.
(1) ففي الأُوْلَى الَّتي فيها أسماءُ الشُّهودِ التِّسعةِ: أَنَّهم ذهبوا إلى الشَّيخِ صالح الفوزان بِصُحْبةِ أبي البُخاريّ! وأَنَّ أبا البُخَاريّ سَأَلَهُ هذه الأسئلةَ فحسب.
(2) وفي الثَّانية: أَنَّ الشَّيخَ صالحًا أعطاهم الرَّدَّ على أسئلتهم العراقيَّة! وأَنَّهم قاموا بإرسال النُّسْخةِ الأصليَّةِ لعليٍّ الحلبيّ.
وَهَذَا مُخَالِفٌ ومُنَاقِضٌ لِقَوْلِ عليٍّ الحلبيِّ نَفْسِه! فَقَدْ ذَكَرَ هُوَ (ص6) في تَقْديمِه «للأسئلة»: أَنَّ السَّائلَ (أبا البُخاريّ) هُوَ الَّذِي أرسل إليه نُسْخَةً مُصَوَّرَةً عن تِلْكُمِ الأسئلةِ وأجوبتِها! يَدًا بِيَدٍ مَعَ أَحَدِ خُلَّصِ إخوانِه!
فهل الُمرْسَلُ إلى الحلبيِّ الأصلُ أو نُسْخَةٌ مُصَوَّرَةٌ؟!
(3) وفي الثَّالثة: أَنَّ الشَّيخَ أَجَّلَهُمْ ولم يُعْطِهِمُ الأجوبةَ، إِلا بَعْدَ يَوْمَيْنِ حين أَتَوا إلى وَكِيْلِهِ! وأعطاهم الأجوبةَ وعليها توقيعُه!
وفيها: أَنَّ الذي أتى بالأجوبةِ اثنانِ لا تسعة!
وأَنَّ الذي أعطاهم الأجوبةَ وَكِيْلُهُ لا هُوَ! مع العِلْمِ أَنَّ الشَّيخَ لم يُوَكِّلْ أَحَدًا! فَمَنْ وَكِيْلُهُ هَذَا الَمزْعُوْمُ؟! وهو مَجْهولُ عَيْنٍ ومَجْهولُ حَالٍ؟!
فَأَيُّ قَوْلٍ مِنْ هذه يَصِحُّ؟! وَمَنِ الصَّادِقُ فيهم ومَنِ الكَاذِبُ؟!
إِنْ صَدَقَ الشُّهُودُ الَمزْعُومونَ: فقد كَذَبَ مُزَكِّيهم!
وَإِنْ كَذَبَ الشُّهُودُ، وصَدَقَ مُزَكِّيهم: فكيف يُزَكِّيهم؟!
وَإِنْ كَذَبُوا جَمِيعًا: فكيف يُزَكِّيهم عَليٌّ الحلبيُّ، ويُزَكِّي مُزَكِّيهم؟!
فَهَلْ يَعْتَدُّ عَاقِلٌ بهذه التَّفَاهَاتِ الُمسَماةِ شَهَادات؟! ويَجْعَلُهَا مِنْ أَدَقِّ طُرُقِ التَّوثيق!
وَهُنَا هَمْسَةٌ لعليٍّ الحلبيّ (ولَيْسَتْ لِغَيْرِهِ): إِنَّ الكتاباتِ الثَّلاثَ بِخَطٍّ وَاحِدٍ! وقَلَمٍ وَاحِدٍ!
* * *
ثُمَّ مَنْ يُرِيْدُ الحلبيُّ بِقَوْلِهِ: (فها هي ذِي تَزْكيةُ الشُّهودِ، والثَّنَاءُ على مُزَكِّيهم وتَوْثيقُه حَاضِرةً، فماذا بَعْدُ؟! أَمْ أَنَّ لُغَةَ العِلْمِ، وطرائقَ التَّوثيقِ الدَّقِيقِ لا يَعْرِفُهَا أُولئك ولا يَسْتسيغُونَها؟!
وَالَجهْلُ دَاءٌ قَاتِلٌ وَشِفَاؤُهُ أَمْرَانِ في التَّرْكِيْبِ مُتَّفِقَانِ
نَصٌّ مِنَ القُرْآنِ أَوْ مِنْ سُنَّةٍ وَطَبِيْبُ ذَاكَ العَالمُ الرَّبَّاني).
بَعْدَ قَوْلِهِ ـ مُتَعَقِّبًا شَيْخَنَا الفوزان ـ: (وَهَلْ أَدِلَّةُ الإثبات ـ يا فضيلةَ الشَّيخِ فقط ـ الكتابةُ الَخطِّيَّةُ، أو التَّسجيل الصَّوتي؟! ... أَلَيْسَتِ الشَّهادةُ مِنْ أَدِلَّةِ الإثبات وطُرُقِ الُحكْمِ أَيضًا؟! بل إِنَّهَا ـ كما لا تَخْفى ـ تلي الإقرارَ في القُوَّةِ الظَّاهرةِ) اهـ.
وهذا سَفَهٌ يَلِيْقُ بالحلبيِّ، نُجِلُّ عَنْهُ الشَّيخَ صالحًا الفوزان.
وهل هذه الشَّهاداتُ الَمزْعومةُ الُمتَهافِتَةُ مِنْ طرائقِ التَّوثيقِ الدَّقِيقِ؟! إِذَنْ لا غَرْوَ لو صَحَّحَ الحلبيُّ ـ بعد هذا ـ الَموْضوعاتِ! وَاحْتجَّ بالَمكْذُوباتِ!
الوقفة الثَّانية عشرة
قال عليٌّ الحلبيُّ ـ مُبَيِّنًا بِزَعْمِه تناقضَ الشَّيخ صالح الفوزان ـ: (وَأُنَبِّهُ في آخر هذه النُّقطة إلى أَنَّ فضيلة الشَّيخِ الفوزان يَذْكُرُ هُنا «التَّسجيل الصَّوتي» مُعْتَبِرًا إِيَّاهُ دَلِيْلَ إثباتٍ!! مع أَنَّهُ حفظه الله قال بالَحرْفِ الواحد ـ أثناءَ رَدِّهِ على الأخ خالد العَنْبريّ ـ: «والأشرطةُ لا تَكْفي مَرْجِعًا يُعْتَمَدُ عليه في نَقْلِ كلام أهل العِلْمِ، لِأَنَّها غَيْرُ مُحَرَّرَةٍ»!! فَبِأَيِّ حُكْمَيْهِ نَأْخُذُ؟!) اهـ.
وهَذَا ـ مع ما فيه مِنْ سَفَهٍ غير مُسْتغربٍ مِنَ الحلبيِّ ـ لا تناقضَ فيه ولا تَعارُض.
¥