وهَذِهِ دعايةٌ اعتادَها الحلبيُّ في كُلِّ كتابٍ أَوْ خِطَابٍ يَكْتُبُهُ أو يَطْبعُه، أَنْ يُقْحِمَ ذِكْرَ كُتبِه الأُخْرَى وتحقيقاتِه فيها، بِقَوْلِه تَارَةً (انظرْهُ غَيْرَ مَأْمُورٍ)! وتَارَةً (انظرْهُ لِزَامًا)! وتَارَةً (قِفْ عليه فَإِنَّهُ مُهِمٌّ)! وتَارَةً (قَدْ جمعتُ أو حَرَّرْتُ فيها كَذَا وكَذَا)! و (يَسَّرَ اللهُ طَبْعَهُ)! وَالرَّابعةُ (جَارٍ طَبْعُهَا)! وهَلُمَّ جَرًّا.
الوقفة السَّابعة عشرة
قال الحلبيُّ آخِرَ كتابتِه الطَّويلةِ المَذْكورة: (هَذَا آخِرُ ما أعانني اللهُ تعالى على كتابتِه، في مَجْلسٍ واحدٍ بَيْنَ عصري يَوْم السَّبت 20 ربيع الثَّاني 1426هـ).
وهذا لا تَعْليقَ لي عليه، غير تَهْنئتي لعليٍّ الحلبيّ على سيولة قَلَمِهِ! واستحضارِه ما يُرِيْدُ النَّقْلَ مِنْه، وَإِنْ كَانَ بِجُزْءٍ أو صفحةٍ! في (مَجْلسٍ واحدٍ بين عصري يوم السَّبت)! ولو كانتْ هذه الكتابةُ لِغَيْرِهِ، لَكَانَ الُمعْتادُ أَنْ يَكْتبَها في مجالس! خُصُوصًا وأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ تَأَمَّلَ جَيِّدًا بَعْضَ ما أوردَهُ الشَّيخُ لِيَقِفَ على حقيقةِ مُرَادِه! فهل كتابتُه وتَأَمُّلُهُ الَجيِّدُ للمسائل، ورجوعُه للمراجع، وعَزْوُهُ إليها في ذلك الَمجْلسِ الواحدِ؟!
الوقفة الثّامنة عشرة
أَنَّ عَلِيًّا الحلبيَّ يُكْثِرُ مِنَ التَّشَكِّي والشَّكْوَى مِنَ الأَذِيَّةِ في سبيل الله، على نَشْرِهِ مَذْهَبَ السَّلَفِ وَالرَّدِّ على المُخالِفِينَ! بِحَيْثُ لا تَكَادُ تَجِدُ لَهُ رَدًّا، أَوْ حَتَّى بَيَانًا عَابِرًا، ورُبَّما كِتَابًا مُؤَلَّفًا، أو مُحَقَّقًا، إِلا وفي ثناياهُ مِنَ الشَّكَاوَى ما لا يُعْرَفُ إِلا في سِيْرَةِ إبراهيمَ الَخلِيلِ، أو في سِيْرَةِ نَبِيِّنِا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
حَتَّى إِنَّكَ لَتَرَى شَكَاوَاهُ الَمزْعُومةَ تلك، سَبَبًا مَزْعُومًا لِكُلِّ مُتَكَلِّمٍ فيه! وَإِنْ كان الُمتَكَلِّمُ مُبَيِّنًا لِسَرِقَةٍ عِلْمِيَّةٍ لَهُ مِنْ غَيْرِه! وفَاضِحٍ إِغَارَتَهُ ونَهْبَهُ جُهْدَ غَيْرِهِ وتحقيقَه! كما حَصَلَ مِنْهُ حين فَضَحْتُ سَرِقَتَهُ لِتَحْقِيقِ الزَّاويّ والطَّناحيّ لكتاب «النِّهاية في غَرِيبِ الحديث والأثر» وكان في خمس مُجلَّداتٍ، فَسَرَقَهُ وأخرجَهُ في مُجلَّدٍ وَاحِدٍ كَبِيرٍ!
وفي بيانِه هذا الأخيرِ شَيْءٌ ـ مِنَ الشَّكَاوَى ـ مِمَّا ذَكَرْتُ!
وَإِنِّي أقولُ لعليٍّ الحلبيِّ: إِنْ كَانَ ما أصابَك ـ مِمَّا تَزْعُمُ كَذِبًا أَنَّهُ أصابَك ـ بِسَبَبِ اتِّباعِك ورَدِّكَ على الُمخالِفِينَ بِزَعْمِكَ! فقد كان مشايخُنا على ذلك، كشَيْخِنَا عَبْد العزيز ابن بَازٍ رحمه الله، والشَّيخِ مُحمَّد ابن عُثَيْمين، والشَّيخِ صالح الفوزان وما زال حفظه الله، ومَتَّعَهُ بالصِّحَّةِ والعافية، والشَّيْخِ حمود بن عَبْد الله التّويجري رحمه الله، وقَبْلَهُمْ طبقةُ شُيُوخِهم، مُتَسَلْسِلاً إلى شَيْخِ الإسلام ابن تَيْمية ومَنْ قَبْلَهُ! ولم أَجِدْ أَحَدًا مِنْهُمْ بَلَغَ حَالَكَ في إِكْثَارِكَ مِنَ التَّشَاكِي والتَّبَاكِي!
مَعَ أَنَّا نراك في خَيْرٍ وعَافيةٍ! كَحَالِ مَنْ مَدَحَهُمْ حَسَّانُ بن ثَابتٍ رضي الله عنه (مِنْ طُوْلٍ ومِنْ قِصَرِ)! تُسَافِرُ حَيْثُ شِئْتَ! وتَنْزِلُ أَيْنَ شِئْتَ! ولا أَظُنُّكَ بِتَّ لَيْلَةً واحدةً في سِجْنٍ!
أَوْ جُلِدْتَ في ذَاتِ الله بِسَوْطٍ!
فَلِمَ كُلُّ هَذَا التَّشَكِّي يِا كَذُوب، وكَأَنَّكَ نَبِيُّ اللهِ أَيُّوب؟!
مع عِلْمِي بحقيقةِ هذا وسَبَبِهِ الَّذِي تُخْفِيهِ ولا تُبْدِيهِ: فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ إِنْ لم تُظْهِرْ هذا، وأَنَّ مُعَاداةَ مَنْ عَادَاك هي مُعاداةٌ لِدِيْنِكَ: فَلَنْ تَجِدَ نَاصِرًا وَلَنْ تَظْفَرَ بِنَصِيرٍ! فَتُظْهِرَهَا في ثَوْبَي زُوْرٍ لَيْسَ بِثَوْبِكَ! وفي شَكْوَى كَاذِبَةٍ لَيْسَتْ شَكْوَاك! تَغْرِيرًا بِمُحِبِّي الَخيْرِ.
كتبتُ هذا إبراءً للذِّمَّةِ، وفَضْحًا للكاذبين على العُلماءِ والأَئِمَّةِ والأُمَّةِ، وما عندي في هذا الشَّأْنِ قد قَدَّمْتُهُ، ولا إخال عَلِيًّا الحلبيَّ آتيًا ـ في هذا ـ بشيءٍ لم يَقُلْهُ، وفي هذا كفايةٌ لِمَنْ أراد اللهُ نجاتَهُ وهدايتَهُ، واللهُ الهادي إلى سواءِ السَّبيل.
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لي ولِعَليٍّ الحلبيّ الهدايةَ والتَّوفيقَ، والرُّجُوعَ للصَّوَابِ، إِنَّهُ وليُّ ذلك والقَادِرُ عليه، وصَلَّى اللهُ على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
عَبْد العزيز بن فَيْصل الرَّاجحي
الرّياض
الاثنين 29/ 4/1426هـ
http://saaid.net/Doat/rajhi/rajhi.jpg
(http://saaid.net/Doat/rajhi/index.htm)
¥