تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تنبيهات مهمات في الإرشاد للكتب والتحقيقات]

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[27 - 06 - 05, 05:39 م]ـ

[تنبيهات مهمات في الإرشاد للكتب والتحقيقات]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:

فقد لاحظت في هذه الجلسة – كما لاحظ غيري – كثرة السائلين عن أجود التحقيقات، وأفضل الطبعات ...

وفي خضم هذه المواضيع ظهرت ظاهرة – في نظري – تدل على عجلةٍ، وقلة فهمٍ وفقه، وجهل بمبدأ النصيحة!!

فهذا لا يعرفُ إلا طبعةً واحدةً، ولم يَفْلِهَا، ولم تنقطع جلادتها بعدُ؛ فينصح أخاه بها! لماذا؟

لأن الطابع كتب على طرة الكتاب: حققه فلان!

أو لأنها هي التي بحوزته!

وآخر سَمِعَ فلاناً من أهل العلم يرشد لتلك الطبعة، فأخذ يصيح بها في كل نادي = حيناً معلناً اسم شيخه ليدل على نفسه بأنه قد جثا بين يديه، وحينا مغفلاً اسم شيخه ليُعْلِمَ القرَّاء بأنه قد اطلع على طبعات الكتاب، وقارن بينها، وحقق ودقق فيها!

وشرُّ الاثنين مَنْ خَلَط بين طبعات الكتاب، وظن أنه قد أتى بما لم يأتِ به الأوائل؛ فإذا نُبِّه لم ينتبه، وإذا أُرشد لم يسترشد! وحينها يكون لزاماً أن يكتب تحت اسمه: (جاهل مركب)!!

وبإلقاء نظرةٍ سريعة على جلسة التعريف بالكتب وطبعاتها وما يتعلق بالتحقيق يظهر لك ما قلتُ جليَّاً، وهذه الظاهرة في فشوها ضعفٌ لهذه الجلسة ومصداقتيها.

أيها القارئ الكريم: لا يخفى عليك منزلة النصيحة في الدين، وإرشاد السائلين، وتنبيه الغافلين ... وهذه النصيحة ما لم تكن وفق الضوابط الشرعية، والمقاصد المرعية فهي وبالٌ على الناصح والمنصوح!

أما الناصح – وما هو بناصح؛ بل غاشٌ – فلم يقم بالنصح لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم!

وأما هذا المنصوح المسكين فقد غشَّه ذاك الجهول، وجعله ينفق ماله ووقته!

أيها الناصح:

عندما تريد نُصْحَ أخيك بكتاب أو طبعةٍ معينة يكون لزاماً عليك النظر في هذه الضوابط والتنبيهات:

1 – مَنْ نصح أخاه بطبعة معينةٍ أو تحقيقٍ معيَّن ينبغي أن يكون مُلِمَّاً بطبعات الكتاب، ومقارناً بينها، وناظراً في حقيقة التزام المحقق بما ذكره في منهج التحقيق أو البحث.

فلا يكفي أن يكون الناصح قد قرأ مقدمة المحقق وما ذكره من جهد بذله؛ فضلاً عن النظر إلى أسماء المحققين فقط – وإن كان أمَارَة على الجودة مِنْ عدمها –، أو الاغترار بدار الطباعة، ونحو ذلك.

2 – عند النقل عن أهل العلم في تفضيل طبعةٍ على أخرى، فيجب ذكر ثلاثة أمور:

أ – ذكر اسم الشيخ، فهذا من باب الأمانة العلمية، وعدم تحمل تبعات الخطأ والزلل.

ب – ذكر نص كلام الشيخ، فقد يكون تفضيله لهذه الطبعة لسببٍ معيَّن ونحو ذلك.

ج – ذكر الوقت الذي قال فيه الشيخ كلامه، فقد يقول كلامه السابق قبل خروج طبعة جديدة، ولو سئل بعد خروجها لأرشد إليها.

3 – ينبغي للناصح أن يُرشد للطبعة التي تتوفر فيها المميزات الحقيقية، فقد قرأنا لبعض الأحبة أنه ذكر أنَّ أفضل طبعة لكتاب كذا هي الطبعة الفلانية، وعند المحاققة تبيَّن أن سبب تفضيله لها هو طول تخريج الأحاديث في هذه الطبعة! أو كثرة عدد مجلداتها! أو جودة الورق! أو نحو ذلك، وهذا لا ينبغي التعويل عليه كثيراً.

4 – ينبغي للناصح أن يدلَّ على الطبعات المتوفرة في المكتبات، أمَّا الإشارة إلى طبعات لا تكاد تسمع بها؛ فضلاً عن أن تراها! فليس هذا من النصح في شيء؛ لأنك دللته على مستحيل.

ويمكن الإشارة لهذه الطبعات النادرة من باب الفائدة، ولو تيسَّر له الحصول عليها لأخذها.

5 – ينبغي للناصح أن يتقي الله في كلامه، وأن لا يزيد في كيل المدح والذم؛ فإن أخلَّ بذلك فسيقع فيما إثمه أكبر من نفعه!

أما أنت أيها المسترشد:

فخذ هذه التنبيهات علَّها أن تفيدك:

1 – ينبغي لمن أراد أن يطلب النصيحة في أمرٍ من أموره: أن يذهب إلى من يثق به، وفي دينه، ويعلم قدرته على توجيهه في هذا الأمر التوجيهَ الصحيح، فلا يأخذ من كل مَن هبَّ ودبَّ ودَرَج!

2 – وينبغي أن يتريث قبل الشراء – إن كان ذلك ممكناً – فيسأل، ويبحث في المكتبات الكبيرة قبل اقتنائه للكتاب.

3 – ينبغي لك عند سؤالك عن كتاب في فنٍ معيَّن أن تسأله أهله المختصين العالمين به، المطلعين على جديد المكتبات والمطبوعات.

4 – ينبغي لك أن لا تغتر كثيراً بالأسماء المشهورة، وأصحاب التحقيقات الكثيرة، ونافخي الكتب بالكير!

هذا ما تيسر لي من تنبيهات وتوجيهات، والموضوع بحاجة إلى أكثر مما كتبتُ، لكن هي نداءات ورسائل وخواطر.

واللهَ أسأل أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة إليهما، والصبر على الأذى فيهما، وأن يجعل جميع أقوالنا وأعمالنا خالصة لوجهه، موافقة لشرعه. آمين.

ولي عودةٌ - بإذن الله -.

ـ[العوضي]ــــــــ[27 - 06 - 05, 06:06 م]ـ

بارك الله فيك وبما نفعت به اخوانك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير