وأن أخلص الناس لرب الناس هو رسول الله ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثم أولو العزم من الرسول ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين قال تعالى: ?وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ? فبين تعالى أن أهم فرض هو الأمر بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إن الله لا ينظرإلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم.
وأدب الله الأمة الإسلامية في شخص رسولها الكريم، فقال سبحانه وتعالى: ?إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ? فالإخلاص منزلة رفيعة، ورتبة جليلة، وكان السلف رضي الله عنهم يحرصون كل الحرص على تربية أنفسهم على هذه المبادئ العظيمة، بل يذكر بعضهم بعضاً بها وهكذا دأبهم، ومن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يوصي بعض أصحابه فيقول: (من خلصت نيته لله كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس) وقال ابن عباس: إنما يحفظ المرء على قدر نيته وكان السلف يحرصون على إخلاص النوايا في كل شيء يعملون به وعن زُبيد اليامي قال: (إني لأحب أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب).
فيا أخي المبارك فليكن لسان حالي وحالك قوله تعالى: ? قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ?فصلاتي وعبادتي وإخلاصي أصرفها لله عز وجل لا لغيره فهذا منهجي وهذا سبيلي.
وأخبر سبحانه عن حسن عباده المخلصين فقال تعالى: ?وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ? قال ابن القيم: فإسلام الوجه: إخلاص القصد والعمل لله،والإحسان فيه متابعة رسول الله ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسنته.
قال تعالى: ?تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ?.
سئل الفضيل عن قوله (أحسن عملا)؟
قال: هو أخلصه وأصوبه.
قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟
فقال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً.
قال: والخالص إذا كان لله عز وجل، والصواب إذا كان على السنة.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (سئل رسول الله ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " متفق عليه فبين في هذا الحديث أن الجهاد لا يكون مقبولاً إلا إذا كان الباعث عليه الإخلاص لله عز وجل.
قال ابن القيم: (العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا ينقله ولا ينفعه)
قال تعالى:? وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا? فالإخلاص حصن حصين للمؤمنين .. ولذلك قال الكرخي رحمه الله (يا نفس أخلصي تتخلصي) وقال تعالى:? فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ? والإخلاص يعظم العمل.
قال ابن المبارك: " رب عمل صغير تكثره النية ورب عمل كثير تصغره النية "
وقيل لنافع بن جبير: ألا تشهد الجنازة؟ قال: ففكر هُنية ثم، قال امض.
يقول ابن القيم (على قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في معالي الأمور يكون توفيقه سبحانه وإعانته).
¥