تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

6 - يعمل ومع ذلك يخشى عدم القبول كما جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ? عن هذه الآية: ?وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ? قالت عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون.

قال: "لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات " وهذا بشر صلى فأطال صلاته ورجل وراءه ينظر ففطن له فلما انصرف أي سلم قال: لا يعجبك ما رأيت مني فإن إبليس قد عبد الله دهراً مع الملائكة.

نماذج وصور مشرفة:

والحكايات عن سلفنا الصالح كثيره ولله الحمد وهي جند من جند لله تعالى يثبت لله بها قلوب أوليائه وقال الجنيد: الحكايات جند لله عزوجل يقوي بها إيمان المريدن،فقيل: هل لهذا من شاهد؟ قال: قوله تعالى (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) وإليك بعض منها:

هذا محمد بن أسلم قال خادمه أبو عبدا لله: صحبت محمد بن أسلم نيفاً وعشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه من التطوع إلا يوم الجمعة ولا يسبح ولا يقرأ حيث أراه ولم يكن أحد أعلم بسره وعلانيته مني، وسمعته يحلف مرة لو أن قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت ولكن لا أستطيع ذلك، خوفاً من الرياء ,قال الحسن: (يؤتون الإخلاص يخافون ألا يقبل منهم).

وبعض الشباب يقف عن العمل إذا كان بعيداً عن زملائه ويجتهد في العمل إذا كان عندهم فأقول لهذا وأمثاله كما قال بعض السلف: (جاهد نفسك في دفع أسباب الرياء عنك وأحرص على أن يكون الناس عندك كالبهائم والصبيان , ولا تفرق في عبادتك بين وجودهم من عدمه واقنع بعلم الله وحدة (.

هذا أيوب السختياني يقوم الليل كله فيخفي ذلك فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة.

بالله عليك انظر إلى الفرق الشاسع والبون الواسع بين هذا وبين من يحب الحديث عن نفسه ويتغنى بما فعل حتى ولو كان في الماضي فيقول بعضهم الله أكبر يوم كنا كذا وكذا تغيرت الأحوال الله المستعان.

قال ابن القيم: (من تزين بما ليس فيه شانه الله) ولا حول ولا قوة إلا بالله فياأخي اكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك.

وهذا حسان بن أبي سنان تقول عنه زوجته: كان يجيء فيدخل فراشي ثم يخادعني كما تخادع المرأة صبيها قالت، فقلت له: يا أبا عبدا لله كم تعذب نفسك، أرفق بنفسك فقال اسكتي، ويحك، فيوشك أن أرقد رقدة لا أقوم منها زماناً.

وانظر إلى إخلاص زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه ظل فقراء المدينة عشرة سنوات يجدون طعامهم أمام بيوتهم ولا يعرفون من الذي يطعمهم وما عرفوا إلا يوم موت زين العابدين حيث انقطع الطعام كما انقطع الأكل علموا أن من كان يطعمهم هو زين العابدين " فلما أرادوا أن يغسلوا زين العابدين وجدوا في ظهره أثر سواد فقالوا: ما هذا السواد؟ فاكتشفوا أنه من أثر حمل العجين والطحين على ظهره إلى بيوت الفقراء ليلاً.

فلاحظ الفرق بين هذا وبين من إذا تصدق قال لزملائه هناك أ ناس محتاجون ذهبت إليهم ورأيت حالهم وأعطيتهم المقسوم؛ وهو يريد إخبار الآخرين بعطائه يا أخي ألا يكفي أن الله يراك ولكن ما أتعس المرائين وما أبعد سعيهم وما أضل أعمالهم؟! تعبوا في غير تحصيل، وسقوا من غير تأجيل لكن هنا انتبه إذا كان قصدك أن يقتدى بك وترفع من همم إخوانك فأنت على خير عظيم فمن سن سنة حسنة في الإسلام فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة والدال على الخير كفاعله ولكن إذا كانت الأخرى فهذا الخسران المبين ولاحول ولا قوة إلا بالله.

واسمع إلى هذه القصة العجيبة التقى سفيان الثوري وفضيل بن عياض فتذاكرا، فبكيا، فقال سفيان: إني لأرجوا أن يكون مجلسنا هذا أعظم مجلسٍ جلسناه بركةً.

قال فضيل: ترجوا، لكني أخاف أن يكون أعظم مجلس جلسناه علينا شؤماً، أليس نظرت إلى أحسن ما عندك فتزينت به لي، وتزينت لك به، فعبدتني وعبدتك؛قال فبكى سفيان حتى علا نحيبه، ثم قال: أحياك لله كما أحييتني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير