أخي إذا لم تخلص فلا تتعب، وكم بذل نفسه المرء ليمدحه الخلق فذهبت نفسه فانقلب المدح ذماً!! ولو بذلها لله لبقيت ما بقي الدهر, واسمع هذا النموذج صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله ولا أحد وكان خزازاً يحمل معه غداءه من عندهم ليتصدق به في الطريق ويرجع عشياً فيفطر معهم فيظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت ويظن أهله أنه قد أكل في السوق.
انظر إليهم كانوا يسترون أعمالهم الصالحة لخوفهم من تطلع القلب إلى حب مدح الناس وثنائهم وهذا مما ينافي الإخلاص كما قال ابن القيم رحمه الله: (لا يجتمع في القلب الإخلاص ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت) انتهى (تهذيب المدارج)
واسمع إلى إخلاصهم في الجهاد فعن عبده بن سليمان قال: " كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم فصادمنا العدو فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله ثم آخر فقتله ثم آخر وطعنه فقتله ثم آخر فقتله ثم دعا إلى البراز فخرج إليه رجل، فطارده ساعة فطعنه الرجل فقتله فازدحم الناس عليه فكنت فيمن ازدحم عليه فإذا هو ملثم وجهه بكمه فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو عبدا لله بن المبارك؟ فقال " وأنت يا أبا عمر ممن يشنع علينا؟! ".
قال الإمام ابن لجوزي: " فانظروا رحمكم الله إلى هذا السيد المخلص كيف خاف على إخلاصه برؤية الناس له ومدحهم له فستر نفسه ".
ولذا قال الإمام أحمد بن حنبل: ما رفع الله ابن المبارك إلا بخبيئة كانت له.
واسمع إلى البراء بن مالك وهو الذي قال فيه رسول? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (كم من أشعث أغبر ذي طمرين، لا يؤبه له، لو أقسم على لله لأبره؛ منهم البراء بن مالك) جسن صحيح أخرجه الترمذي؛ وقد لقي البراء المشركين وقد أوجع المشركين في المسلمين فقالوا له يا براء، إن رسول? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: إنك لو أقسمت على لله لأبرك، فأقسم على ربك.
قال: أقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم .... وذكر الحديث وأنتصر المسلمون في هذه المعركة بإخلاص البراء ودعائه.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا يا أخي المجامعأخي في الله قل معي رحم الله تعالى أولئك الصادقين المخلصين وأجزل لهم من عظيم إحسانه ثواب المتقين وحشرهم في زمرة الناجين .. يوم يكون الملك لرب العالمين وسلكنا معهم آمين .. آمين .. آمين.
ـ[حيدره]ــــــــ[07 - 03 - 06, 09:17 م]ـ
من ثمرات الإخلاص
1 - قبول الأعمال
قال ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه) رواه النسائي وقال الألباني إسناده جيد.
2 - النصرة والتمكين على الأعداء
قال ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم) رواه النسائي وغيره وهو في البخاري دون ذكر الإخلاص.
3 - نقاء القلب من الحقد والغل والخيانة
قال ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حجة الوداع: (ثلاث لايغل عليهن قلب امرئ مؤمن إخلاص العمل لله والنيصحة للأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعاءهم يحيط وراءهم) رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني, والغل هو الحقد والشحناء أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق.
4 - مغفرة الذنوب من علام الغيوب
هذه تقدم ذكرها في البغي التي سقت كلبا فغفر الله لها والرجل الذي أماط الأذى عن الطريق فغفر الله له.
5 - تحول المباحات إلى قربات لله عز وجل
قال ? - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رواه مسلم
6 - إجابة الدعاء وتنفيس الكروب الهموم
هذا ظاهر في حديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فكان كل واحد منهم بعد أن يذكر عملا صالحا قام به "يقول اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفجرت الصخرة وخرجوا يمشون"الحديث أصله في الصحيحين.
7 - قلة الوساوس والأوهام
¥