تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تاسعاً: حسب ما اطلعنا عليه من كتابات وأقوال في ردوده على المخطئين ومخاطبته للمخالفين لا نرمق فيها كلمة تحامل أو تجريح، أو لمز بعيب، أو زن بريبة، أو رمي ببدعة، أو عبارات تهجم أو تشفٍ حتى من الذين أخطاءوا في حقه أو سخروا منه أو كذبوا عليه، فحينما سخر منه أحدهم لكون سماحته استمع إلى جني متلبس بامرأة، وأن هذا الجني أسلم في مجلسه، ذكر هذا الساخر باسمه ولقبه العلمي المعروف فقال:" فقد بلغني عن فضيلة الشيخ ... أنه أنكر مثل حدوث هذا الأمر " وكلما أورد اسمه قدم له بـ (فضيلة الشيخ)، وفي أثناء الرد عليه كان لا يكف عن الدعاء له بالهداية والتوفيق. ومثال آخر كان أحد الكتاب خارج المملكة تكلم على لسانه بأن أي فتوى تصدر منه يجب أن تكون ممهورة بخاتمة ومصدقة من وزارة الأوقاف الإسلامية، ثم نسب إليه كلاماً عن حلق اللحية. فرد عليه سماحته، فكان من رده بعد الحمدلة والتصلية قوله: " فقد اطلعت على ما نشر في جريدة .... لكاتبه .... وقد نسب إلي هداه الله كلاماً " – لاحظ الدعاء له بالهداية –ثم ذكر ذلك الكلام، وبعد عقب بقوله: " وهذا الكلام ظاهر البطلان " ثم أخذ يبين له الحق ثم نصحه بالتقوى والحذر من سوء الظن بالمسلمين. ومثال ثالث افترت عليه إذاعة لندن – ذات مرة – الفتوى بأن الاحتفال بالموالد كفر، فوضح كذبها وتحريفها للفتوى التي قال فيها بأن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين، ونشرت في الصحف والإذاعة، ثم لم يزد رحمه الله عن قوله بأن ما ذكرته إذاعة لندن " كذب لا أساس له من الصحة، وكل من يطلع على مقالي يعرف ذلك،وإني لآسف كثيراً لإذاعة عالمية يحترمها الكثير من الناس، ثم تقدم هي أو مراسلوها على الكذب الصريح ".

عاشراً: يلاحظ أثناء توضيحه الحق لأحد من العلماء أو من دونهم دعاءه له بين آونة وأخرى بالهداية والتوفيق والرشاد والمغفرة ونحو ذلك، وتشعر من كلمات الدعاء وصيغته والمواضع التي يدعو بها للمخالف أو المخطئ بأنه دعاء مخلص صادق، يخرج من سويداء القلب، وليس دعاءً عابراً، أو دعاء له في موضع ودعاء عليه في موضع آخر كما تراه عند البعض، فكان من الصيغ التي يستخدمها في الدعاء لمن يكتب له، أو يرد عليه قوله "هداه الله"،"هداه الله وألهمه التوفيق"،"هداه الله وألهمه رشده"،"سامحه الله". وأحياناً يشرك نفسه في الدعاء، فيقول:"عفا الله عنا وعنه"،"نسأل الله لنا وله التوفيق". وإذا كان القائل أو الكاتب قد نادى في مقاله بأمر خطير يُحلل حراماً، أو يصادم حكماً من أحكام الإسلام فإنه ينصحه بالإنابة إلى الله تعالى والرجوع إلى الحق وعدم التمادي في الباطل. فمثلاً – ختم رده الطويل على من أباح الغناء بالنصيحة، فقال:" ونصيحتي لـ ... وغيره من المشغوفين بالغناء والمعازف أن يراقبوا الله ويتوبوا إليه، وأن ينيبوا إلى الحق، لأن الرجوع إلى الحق فضيلة،والتمادي في الباطل رذيلة ... ". أما الكاتب الذي زعم حل المعاملات الربوية المصرفية فسأل الله له أن يوفقه " للرجوع إلى الحق، والتوبة مما صدر منه، وإعلان ذلك على الملأ لعل الله أن يتوب عليه كما قال عز وجل: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} ". وحين نادى مدير إحدى الجامعات العربية بالتعليم المختلط بين الجنسين، وزعم أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة. رد عليه الشيخ رحمه الله، وكان يدعو له خلال مناقشته لأقواله بمثل "هداه الله، وأصلح قلبه، وفقهه في دينه"، ثم ختم الرد بالنصيحة له فقال:" ونصيحتي لمدير جامعة ... أن يتقي الله عز وجل، وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه، وأن يرجع إلى الصواب والحق، فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل إلى تحري طالب العلم للحق والإنصاف ... ".

حادي عشر: رغم ما بلغه من مقام علمي ومنزلة اجتماعية فإنك لا تخال في كتاباته في هذا الميدان أي كلمة أو عبارة يفهم منها تعالمه عن من هم دونه، أو تعاليه على غيره، والناظر في ردوده على الآخرين يدرك ذلك تماماً، ولعل أصدق الأدلة على ما نحن بصدده كونه يخاطب بعض الصحفيين أو الكتاب المغمورين بـ"الأستاذ" أو "الأخ" أو "أخانا" ونحو ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير