تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ارشاد الرعية الى حسن اختيار المعية]

ـ[علي سليم]ــــــــ[16 - 03 - 06, 06:48 ص]ـ

ارشاد الرعية الى حسن اختيار المعية


إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره, و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له , و اشهد أن لا اله الاّ الله وحده لا شريك له و اشهد أن محمدا" عبده و رسوله.

اما بعد:
اجتالت الشياطين بني آدم و اخذتهم على غرّة من دينهم ... و بات الناس بين عليل الجسد ممسوس ملبوس و اخر مربوط محبوس ....
و الاول ضاع بين الطقوس و الثاني اعتكف ابواب دكاترة النفوس ...
فلم يجن اولاهما غير دفع الفلوس بينما تاليه رقد على سرير ملموس ...

و هكذا تتابعت الادوار, و اصبح الشيخ طبيب الاقدار, همّه حبّ الظهور, و بات عمله مبتور, تارة يتمتم بلغة البكم و اخرى يصرخ صراخ البهم, يضرب المريض بعصاه, و ينمنم بالغيبة لمن عصاه, يأمر الجني بالحديث, و يعمل بظن الخبيث ....
فلا برسوله اقتده و لا بصحبه احتذه ....
و تتبّع هذا و ظلّه, و عدوه و خلّه, يعوذنا قلم جبّار, و مداده ملح البحار, و لا ضير بتبيين العوار, و الى الله يكون الفرار .....
نعود اليه في رسالة يعلوها عسل السدر, و ماء زمزم, وزيت مبارك .....
مدخل:
اخرج الطبراني في معجمه الكبير (19\ 5 - 6) من طريق عاصم بن عمر ابن قتادة عن ابيه عن جده قتادة بن النعمان قال:
كانت ليلة شديدة الظلمة و المطر, فقلت: لو اني اغتنمت هذه الليلة شهود العتمة مع النبي صلى الله عليه و سلم! ففعلت, فلما انصرف النبي صلى الله عليه و سلم أبصرني و معه عرجون يمشي عليه فقال:
ما لك يا قتادة! ههنا هذه الساعة؟
قلت: اغتنمت شهود الصلاة معك يا رسول الله! فأعطاني العرجون, فقال:
انّ الشيطان قد خلفك في اهلك فاذهب بهذا العرجون فأمسك به حتى تأتي بيتك, فخذه من وراء البيت فاضربه بالعرجون.
فخرجت من المسجد فأضاء العرجون مثل الشمعة نورا, فاتّضأت به, فأتيت اهلي فوجدتهم رقودا, فنظرت في الزاوية, فاذا فيها قنفذ, فلم ازل اضربه بالعرجون حتى خرج. صححه الالباني رحمه الله تحت رقم3036 من الصحيحة.

بداية شرع الراوي رضي الله عنه بوصف ليلة خروجه فانها ليلة شديدة الظلمة و المطر و هذا الاخير يكفي ان يصلي المرء في بيته بيد انه اخذ بالرخصة و المولى سبحانه و تعالى يحب ان تؤتى رخصه كما انه يحب ان تؤتي عزائمه في ما صح اكثر من حديث نحو هذا ....
و لذا كانت الرخص شرع و دين و تركها بدعة و نقص فليس الكمال في الكمّ و انما في المتابعة فذاك صام الدهر و لم يفطر و الاخر صلى الليل و لم يرقد و الثالث اعتزل النساء فلم يتزوج فردّ كل هذا رسول الكمال و الرحمة بقوله (انني اصوم و افطر و اصلي و ارقد و اتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ... و الحديث في الصحيح.
و بناء على هذا كان ثواب الطاعة على حسب الموافقة لا المشقة فهي ليست من البرّ بمكان .......
و لذا عندما أذّن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان (جبل بناحية مكة) ثم قال: صلوا في رحالكم ... ثم قال ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول على اثره (الا صلوا في الرحال) في ليلة الباردة او المطيرة .....
اخرجه البخاري و مسلم ....
و غيرها من الاحاديث .....
و هذه احدى السنن المندثرة و لا حول و لا قوة الا بالله تعالى.
ثم كان من قتادة خياران لا ثالث لهما ام الخروج و ام الجلوس, ام الاخذ بالعزيمة او الاخذ بالرخصة فاختار اولاهما لفضل و بركة امام القوم و هو رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال_
لو اني اغتنمت هذه الليلة شهود العتمة مع النبي صلى الله عليه و سلم_و لا ضير على المرء ان يتنوع بين الرخص و العزائم فيعمل بهذه تارة و بتلك تارة اخرى الا ان ترتّب على الاخذ بالعزيمة آثارا جانبية كتأخير المرض او حدوثه فعندها عليه بالرخصة قولا واحدا ....

ثم يستغل بعض هذا اصحاب العقول المريضة فتراهم يدرسون سيرة المصطفى عن ظهر قلب من حطّاب ليل و لا يفرقون بين اعماله صلى الله عليه و سلم الخَلْقيّة و الخُلقيّة بين الجبليّة و المكتسبة!!!
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير