تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالتراث هو دين المسلمين، والمخطوطات هي كتب المسلمين، فهي ديننا وكتبنا، ونحن أعلم وأحق بها من غيرنا؛ لأنَّنا أهلها وأصحابها، ونحن وحدنا من يعلم ما بداخلها ويتقن التعامل معه، كما وأن المسلمين وحدهم هم الذين يرضاهم التراث للعناية به دون غيرهم؛ لأنهم أصحابه، وبينهم أُلْفة وصِلة يستحيل على الدنيا بأسرها أَنْ تقطعها!!

وانظر تلك الممسوخات التي أخرجها المستشرقون باسم ((التحقيق)) مقارنة بتلك الطبعات النورانية التي أخرجها أئمة التحقيق لدى المسلمين، لتقف بنفسك على الصِّلة الوثيقة بين التراث وأهله وأصحابه، وتَأَبِّيه على الخروج بأيدي غير أبنائه وأصحابه، مهما فعل غيرهم وحاول!!

نعم؛ لكل قاعدة شواذ، ولا ننكر أن بعض شباب المسلمين الآن ربما أخرج نسخة نرفضها شكلا ومضمونًا، كما يرفضها التراث نفسه؛ لعجلة مُخْرِجها، وعدم دقَّته وعنايته في إخراجها بالشكل اللائق بها، حسب قواعد التحقيق والتوثيق للنصوص، غير أن الشَّاذ لا عبرة به في كلام العقلاء عند التنظير، وإنما نتكلم عن الأصل العام، والغالب على واقع المسلمين، كما نتكلم على الغالب من واقع المستشرقين.

لأنَّا لا نُنْكِر أبدًا أن نرى شيئًا (وإن كان نادرًا) قد أخرجه المستشرقون وربما قارب من درجة القبول، وبعض هذا النادر أيضًا قد نظر فيه المحققون المسلمون وخرج بأعينهم، وغالبًا ما ترى ذلك في مقدمات المستشرقين على ما أخرجوه، يقدمون الشكر لمن نظر في الكتاب من علماء المسلمين على نظره وتحقيق مشكلاته .. إلخ، وهذا مشهور ومعروف.

ومع هذا فنحن لا نتكلم على هذا النادر، ولا يؤثِّر على كلامنا أبدًا أن يخرج منه شاذٌّ؛ لأن الشاذ والنادر لا عبرة به في التَّنْظير، كما هو مُقَرَّرٌ ومعلومٌ لدى عقلاء البشر.

ولينظر في إخراج المستشرق الألماني د. موراني لكتاب ((الجامع)) لابن وهبٍ رحمة الله عليه، ليرى العجب العجاب مِمَّن يدَّعِي العلم والتحقيق، ويزعم الخبرة بالمخطوطات وسبر أغوار التراث الإسلامي (الذي لم يدرسه حق دراسته أصلا، كما بينتُ مرارًا!).

تَتَبَّع الكاتب الأستاذ ((خالد بن عمر الفقيه الغامدي)) بعض ما وقع من تصحيفات في تحقيق المستشرق المشار إليه ((ميكلوش موراني)) لكتاب ((الجامع)) لابن وهبٍ، ونشر الأستاذ ((خالد)) قائمةً طويلةً من الأخطاء، التي رآها في الكتاب، وبعض هذه الأخطاء يُلْقِي باللائمة على المستشرق المذكور، إما لجهله بقراءة نص المخطوط، أو لجهله بأساليب التحقيق وطرق توثيق النصوص، حتى وصل به الحال أن يُغَيِّر النص الشهير في ديننا من غير وجهٍ: ((بشاهدي عدلٍ)) إلى ((بشاهدٍ في عدل)) و ((مستترًا بشجرة)) إلى ((مستترًا بسجدة))!! وهذا وغيره قد ذكره الأستاذ ((خالد)) في مقاله بهذا الخصوص، في ((ملتقى الحديث)):

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14043&highlight=%E3%E6%D1%C7%E4%ED+%C7%E1%CC%C7%E3%DA+%E 6%E5%C8

ونقتصر هنا على الإشارة إليه فقط، وليراجع من شاء ما ذكره الأستاذ ((خالد بن عمر)) في موضعه، ولعلي أن أُفْرِدَ موضوعًا آخر إن شاء الله عز وجل في بيان تخاليط هذا المستشرق في تحقيقه لكتب ابن وهبٍ التي نشرها، ولنترك هذا الآن لحينه.

على أَنَّ بعض أخطاء المستشرقين تكون متعمَّدة أحيانًا، وتظهر أصابع التعمُّد فيها من غير وجهٍ، ومن ذلك مثلاً ما بات مشهورًا من نشرهم المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي منزوعًا منه ما يخص الجهاد من أحاديث!! فما معنى أن يؤلِّف هؤلاء كتابًا ثم ينزعوا أحاديث الجهاد فلا يذكروها فيه؟!

أليس هذا عبثًا وخيانةً للتراث، تستحق الحجر عليهم وردع أمثالهم من التعرُّض للتراث ثانيةً، سواء كان صنيعهم هذا مُتَعَمَّدًا، أم وقع على سبيل السهو والجهل؟!

والكتاب مشهورٌ متداولٌ لا يصعب على القراء الكرام مراجعته والرؤية بأنفسِهم ..

وبناءً على:

ـ كون التراث هو دين المسلمين.

ـ والجهود المضنية التي بذلها المسلمون في صيانة تراثهم وحمايته قديمًا وحديثًا.

ـ وجهل المستشرقين وعبثهم وخيانتهم لهذا التراث الذي وصلهم عن طريق السلب والسرقة والنهب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير