فما منكمُ بُدٌّ ولا عنكم غِنًى = ومالِيَ مِن صَبْرٍ فأسْلُوَ عنْكُمُو
ومَن شاءَ فلْيَغْضَبْ سواكُم فلا أذًى = إذا كنتمُو عن عبْدِكُمْ قدْ رَضِيتُمُو
وعُقْبَى اصْطِباري فِي هَواكُم حميدةٌ = ولكنها عنكمْ عِقابٌ ومَأثَمُ
وما أنا بالشاكي لما ترتَضونَهُ = ولكنَّنِي أرضَى به و أُسَلِّمُ
وحَسْبِي انْتِسابي مِن بُعَيْدٍ إلَيْكُمُو = ألا إنهُ حظٌّ عظيمٌ مُفْخَّمُ
إذا قيلَ هذا عبدُهُم ومُحِبُّهُم = تَهَلَّلَ بِشْرًا وجهُهُ يَتَبَسَّمُ
وها هو قد أبدَى الضراعةَ سائلا = لكمْ بِلِسانِ الحالِ والقالِ مُعْلِمُ
أحِبَّتَهُ عَطْفًا عليهِ فإنهُ = لَفِي ظمأٍ والموردُ العَذْبُ أنْتُمُو
سبيل النجاة
فَيَا ساهِيا في غمْرَةِ الجهلِ والهَوَى = صريعَ الأماني عن قَريبٍ ستَنْدَمُ
أفِقْ قد دَنا الوقتُ الذي ليْس بَعدَهُ = سِوى جنةِ أو حرِّ نار تضرَّمُ
وبالسُّنَّة الغرَّاء كنْ متمسِّكًا = هي العُرْوةُ الوُثقى التي ليْس تُفْصَمُ
تمَسَّكْ بها مَسْكَ البخيلِ بِمالِهِ = وعَضَّ عليها بالنواجِذِ تسْلَمُ
وَدَعْ عنكَ ما قد أحدثَ الناسُ بَعدَها = فمَرْتعُ هاتيكَ الحوادثِ أوْخَمُ
وهَيِّئْ جوابًا عندما تسمعُ النِّدا = مِن اللهِ يومَ العرضِ ماذا أجبْتُمُو
بِهِ رُسُلي لَمّا أتوْكُمْ فمَنْ يَكُنْ = أجابَ سِواهمْ سوف يُخْزَى ويَنْدَمُ
وخُذ مِن تُقى الرحمنِ أعظمَ جُنَّةٍ = ليومٍ بِهِ تبدو عَيَانًا جهنمُ
ويُنْصَبُ ذاكَ الجسرُ من فوق مَتْنِها = فهاوٍ ومَخدوشٌ وناجٍ مُسَلَّمُ
ويأتي إلَهُ العالمين لِوعْدِهِ = فيفْصِلُ ما بين العبادِ ويَحْكُمُ
ويأخذُ لِلمظلومِ ربُّكَ حَقَََّهُ = فيا بُؤْسَ عَبْدٍ للخلائقِ يَظْلِمُ
ويُنْشَر دِيوانُ الحسابِ وتوضعُ الْـ = ـموازينُ بالقِسط الذي ليس يَظلِمُ
فلا مُجرمٌ يَخشَى ظلامةَ ذرَّةٍ = ولا مُحسِنٌ مِن أجرِهِ ذاكَ يُهْضَمُ
وتشهَدُ أعضاءُ المسيءِ بما جَنَى = كذاكَ على فِيهِ المهيمنُ يَختِمُ
فياليْتَ شِعري كيفَ حالكُ عندَما = تطايَرُ كُتبُ العالمينَ وتُقسَمُ
أتأخذُ باليُمنَى كتابَكَ أمْ تَكُنْ = بِالاْخْرَى وراءَ الظَّهْرِ منكَ تُسَلَّمُ
وتقرأُ فيه كلَّ شيءٍ عمِلْتَهُ = فيُشْرِقُ منكَ الوَجْهُ أو هُوَ يُظْلِمُ
تقولُ كتابِي فاقرؤُوهُ فإنهُ = يُبَشِّرُ بالفوزِ العظيمِ ويُعْلِمُ
وإنْ تكنِ الأخرى فإنكَ قائلٌ = ألَا ليتنِي لَمْ أوتَهْ فهو مُغْرَمُ
فبادِر إذا مادام في العمر فُسْحَةٌ = وعَدْلُكَ مقبولٌ وصرْفُكَ قيِّمُ
وَجِدَّ وسارِعْ واغتَنِمْ زمَنَ الصِّبا = ففي زمن الإمْكانِ تسْعَى وتَغْنَمُ
وسِر مُسْرِعًا فالسَّيْرُ خلفَكَ مُسْرِعًا = وهيهاتَ ما منهُ مَفَرٌّ ومَهْزَمُ
فهُنَّ المنايا أيَّ وادٍ نَزَلْتَهُ = عليها القُدُومُ أو عليكَ ستَقْدمُ
بلاد الأشواق
وَمَا ذاكَ إلا غيْرةً أن ينالَها = سِوَى كُفئِها والربُّ بالخَلْقِ أعْلَمُ
وإنْ حُجِبَتْ عنَّا بكلِّ كريهةٍ = وحُفَّتْ بما يؤذي النفوسَ ويُؤلِمُ
فَلِلهِ ما في حَشْوِها مِن مَسرَّةٍ = وأصنافِ لذَّاتٍ بِها نَتَنَعَّمُ
ولله بَرْدُ العيشِ بينَ خِيامِها = ورَوضاتِها والثغرُ في الروضِ يَبْسُمُ
فَلِلَّهِ واديها الذي هوَ موعدُ الْـ = ـمَزيدِ لِوَفدِ الحُبِّ لو كنتَ مِنهمُ
بِذيَّالِكَ الوادي يَهيمُ صَبابَةً = مُحِبٌّ يرى أن الصَّبابَةَ مغنَمُ
وَلله أفراحُ المحُِبين عندما = يُخاطِبُهُم مِن فوقِهم ويُسَلِّمُ
ولله أبصارٌ ترى اللهَ جَهرةً = فلا الضَّيْمُ يَغْشاها ولا هي تَسْأمُ
فيا نَظرةً أهْدَتْ إلى القلب نَضْرَةً = أمِنْ بَعْدِها يَسْلو المحُبُّ المتيَّمُ
ولله كمْ مِن خَيْرَةٍ لو تَبَسَّمَتْ = أضاءَ لَها نورٌ مِن الفَجْرِ أعظَمُ
فيَا لذةَ الأبْصارِ إنْ هِيَ أقبَلَتْ = ويا لذَّةَ الأسْماعِ حينَ تَكَلَّمُ
ويا خَجْلَةَ الغُصْنِ الرطيبِ إذا انْثَنَتْ = ويا خَجْلَةَ البَحرَيْنِ حين تَبَسَّمُ
فإن كنتَ ذا قلبٍ عليلٍ بِحُبِّها = فلم يبقَ إلا وصْلُها لكَ مَرْهَمٌ
ولا سِيَّما في لَثْمِها عندَ ضمِّها = وقد صارَ منها تحتَ جيدِكَ مِعْصَمُ
يَراها إذا أبْدَتْ لهُ حُسْنَ وجْهها = يلذُّ بِها قبلَ الوِصالِ ويَنْعَمُ
تفَكَّهُ منها العينُ عند اجتِلائِها = فواكهَ شتَّى طلعُها ليس يُعْدَمُ
¥