وفقك الله ونفع بك أخي الفاضل الشيخ حمزة ... والمعذرة على عدم ذكر اسمك مقرونا بالثناء والدعاء في المشاركة السابقة بسبب العجلة.
أخي العزيز الكلام كله عندي يدور حول قولك:
ومتن الرسالة وشروحه، ليست في الجملة من الكتب التي تؤخذ بها فتاوى المذهب وفقهه على الإطلاق، وإن كان يستأنس بها ......
وقد ذكرتُ لك من كلام بعض علماء المذهب ما يبين لك أنها من الكتب المعتمدة في المذهب بإطلاق، وليست مما يستأنس به فقط، وما فيها من مخالفة مشهور المذهب فمسائل معدودة معلومة، ذكرها الحطاب في < تحرير المقالة > على ما أذكر.
وليس الكلام هنا عن منهج المالكية التعليمي ... ولا عن كثرة ما حواه المتن الفلاني أو المتن الفلاني ... حتى تضطر - أحسن الله - إليك إلى إطالة الياء في كثير أو صغير ...
ولا عن تعدد شروحه ... فمها قلت عن شروح المختصر ستجد مثله من شروح الرسالة .. ومهما قلتَ عن نظمه فكذلك يقال في الرسالة ... والاهتمام بغريبها ... والاستدلال لمسائلها بالحديث والأثر وغيرهما ... وكذا عن ترجمتها للفرنسية والإنجليزية ... فكل ما تقوله عن المختصر ... فمثله ثابت للرسالة ... وتفوق المختصر بتقدم جامعها فضلا وزمانا وعلما وجمعا لمسائل المذهب على صاحب المختصر بمراحل ...
وما فاق المختصر إلا بجمعه للكثرة من المسائل مع الاختصار، والاقتصار على المعتمد المشهور ... ولذا احتاجه الناس ... فكان من أمره ما كان ... رحم الله جامعه وجزاه الله كل خير.
و ما يضير الرسالة أن جمعها صاحبها لتعليم الولدان والمبتدئين إلا إذا أضر ذلك المحلى لابن حزم إذ قال في تقدمته:
( ... أَمَّا بَعْدُ) وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ , فَإِنَّكُمْ رَغِبْتُمْ أَنْ نَعْمَلَ لِلْمَسَائِلِ الْمُخْتَصَرَةِ الَّتِي جَمَعْنَاهَا فِي كِتَابِنَا الْمَوْسُومِ " بِالْمُحَلَّى " شَرْحًا مُخْتَصَرًا أَيْضًا , نَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى قَوَاعِدِ الْبَرَاهِينِ بِغَيْرِ إكْثَارٍ , لِيَكُونَ مَأْخَذُهُ سَهْلًا عَلَى الطَّالِبِ وَالْمُبْتَدِئِ , وَدَرَجًا لَهُ إلَى التَّبَحُّرِ فِي الْحِجَاجِ وَمَعْرِفَةِ الِاخْتِلَافِ وَتَصْحِيحِ الدَّلَائِلِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِمَّا تَنَازَعَ النَّاسُ فِيهِ ... ).
كما لا يضير مختصر خليل إذ أضحى عمدة المذهب؛ ذهاب بعض المسائل عليه، وقد قيل - استكثارا -: إنه جمع مئتى ألف مسألة بين منطوق ومفهوم ... كما لا يضيره أنهم ضعفوا بعض مسائله ...
فقد قال قائلهم:
ورب من يقدح في الحكم إذا - - لم يك من متن خليل أخذا
وذاك من قصوره وجهله - - وقلة العلم بموت أهله
فليس من قوادح الدليل - - أن لا يكون الحكم في خليل
هل كل حكم في كتاب المختصر - - أو في المدونة جاء وانحصر
.............
..............
فرب قول في خليل ضعفا - - يحرم الافتاء به وزيفا
.............
ثم عدتَ - رعاك الله - لتقول:
لا شك أن الرسالة عمدة في المذهب،.
فكيف أجمع بين قولك الأول وبين هذا نفع الله بك؟
السؤال- أخي الفاضل -: هل الرسالة من الكتب التي يعتمد على ما فيها ويفتى به أم لا؟ أما شروحها ففيها وفيها كما هو الحال مع شروح المختصر الخليلي سواء بسواء.
إن كان الجواب بنعم فقد انتهى الأمر ... وإن كان بالنفي: فتحتاج إلى الجواب عما أوردتُه لك من أقوالهم في اعتماد ما فيها، واعتماد الكثير من شروحها ... و الجواب عن عظيم ثنائهم عن الكتاب، وكتابته بالذهب، والتغالي في ثمنه، واشتهاره في مشارق الأرض ومغاربها، وعن قولهم في حقه: باكورة السعد، وزبدة المذهب ...
ثم عدتَ لتقول مرة أخرى:
...... ولما تحدث أرباب المذهب عن المعتمد من الأقوال فيه تكلموا عن خليل وشروحه، ولم يتكلموا عن متن الرسالة، للعلة المذكورة أعلاه.
والله أعلم.
فالكلام الذي نقلته لك عن الشيوخ الكرام ماذا يعني؟ ثم حتى لو سلمتُ لك أن بعضهم قد قصر وما ذكر الرسالة ... عند حديثه عما يعتمد من كتب المذهب، هل تجد في كلامه دعوى الاستيعاب حتى يصح الاحتجاج به؟
ثم أحلتنا - مشكورا - على:
... راجع نور البصر بشرح مقدمة المختصر للهلالي، والفكر السامي للحجوي وغير ذلك ...
فلما رجعتُ إليهما وجدت ما نقلتُه لك عن الفكر السامي، ووجدت الهلالي يذكر من ضمن الكتب المعتمدة عندهم؛ شرح الرسالة للقلشاني، فهم لم يهملوا الرسالة ولا شروحها.
أدام الله حفظك ... ووفقك لكل خير.
ـ[البشير المغربي]ــــــــ[14 - 11 - 05, 04:22 ص]ـ
أخي الفاضل الفهم الصحيح أوافقك الرأي فيما تفضلتم به عن كتاب الرسالة للشيخ الإمام أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله.
فالرسالة من الكتب المعتمدة في المذهب كم تفضلتم بل لم يحظي كتاب في المذهب بعد الموطأ والمدونة بمثل ما حظي به هذا الكتاب ويكفيه شرفا ومزية اعتناء كبار أئمة المذهب به أمثال القاضي عبد الوهاب وشيخه الأبهري وقصته في بيعه مشهورة أما شروحه فقد زادت عن مائة شرح.
¥