تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

متكلم، ولا يحيطون به علماً. قال: عز من قائل "22: 8"، "ومِنَ الناس من يُجادلُ في الله بغير عِلْم وَلا هُدىً وَلا كتابٍ مُنير".

وأنت يا عبد الرحمن، فما يزال يبلغ عنك ويسمع منك، ويشاهد في كتبك المسموعة عليك، تذكر كثيراً ممن كان قبلك من العلماء بالخطأ، اعتقاداً منك: أنك تصدع بالحق من غير محاباة، ولا بد من الجريان في ميدان النصح: إما لتنتفع إن هداك الله، وإما لتركيب حجة الله عليك. ويحذر الناس قولك الفاسد، ولا يغرك كثرة اطلاعك على العلوم. فرب مبلَّغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه لا فقه له، ورب بحر كَدر ونهر صاف، فلستَ بأعلمِ من الرسول، حيث قال له الإمام عمر: "أتصلي على ابن أبي? أنزل القرآن "وَلا تصلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهمْ" ولو كان لا ينكر من قل علمه على من كثر علمه إذاً لتعطل الأمر بالمعروف، وصرنا كبني إسرائيل حيث قال تعالى: "كانوُا لاَ يَتَنَاهُوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ". "المائدة: 134"، بل ينكر المفضول على الفاضل وينكر الفاجر على الولي، على تقدير معرفة الولي. وإلا فابن التنقا ليطلب وابن السمندل، ليجلب- إلى أن قال: واعلم أنه قد كثر النكير عليك من العلماء والفضلاء، والأخيار في الآفاق بمقالتك الفاسدة في الصفات. وقد أبانوا وَهاءَ مقالتك، وحكوا عنك أنك أبيت النصيحة، فعندك من الأقوال التي لا تليق بالسنة ما يضيق الوقت عن ذكرها، فذُكر عنك: أنك ذكرت في الملائكة المقربين، الكرام الكاتبين، فصلاً زعمت أنه مواعظ، وهو تشقيق وتفهيق، وتكلف بشع، خلا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلام السلف الصالح الذي لا يخالف سنة، فعمدت وجعلتها مناظرة معهم. فمن أذن لك في ذلك. وهم مستغفرون للذين آمنوا، ولا يستكبرون عن عبادة الله. وقد قرن شهادته بشهادتهم قبل أولى العلم وما علينا كان الآدمي أفضل منهم أم لا، فتلك مسألة أخرى.

فشرعت تقول: إذا ثارت نار الحسد فمن يطفيها? وفي الغيبة ما فيها، مع كلام غث.

أليس منا فلان? ومنا فلان? ومنا الأنبياء والأولياء من فعل هذا من السلف قبلك? ولو قال لك قائل من الملائكة: أليس منكم فرعون وهامان? أليس منكم من ادعى الربوبية? فعمن أخذت هذه الأقوال المحدثة، والعبارات المزوقة، التي لا طائل تحتها وقد شغلت بها الناس عن الاشتغال بالعلم النافع أحدُهم قد أنسى القرآن وهو يعيد فضل الملائكة ومناظرتهم، ويتكلم به في الآَفاق.

فأين الوعظ والتذكير من هذه الأقوال الشنيعة البشعة.

ثم تعرضت لصفات الخالق تعالى، كأنها صدرت لا من صدر سكن فيه احتشام العلي العظيم، ولا أملاها قلب مليء بالهيبة والتعظيم، بل من واقعات النفوس البهرجية الزيوف. وزعمت أن طائفة من أهل السنة والأخيار تلقوها وما فهموا. وحاشاهم من ذلك. بل كفوا عن الثرثرة والتشدق، لا عجزاً- بحمد الله- عن الجدال والخصام، ولا جهلاً بطرق الكلام. وإنما أمسكوا عن الخوض في ذلك عن علم ودراية، لا عن جهل وعماية.

والعجب ممن ينتحل مذهب السلف، ولا يرى الخوض في الكلام. ثم يقدم على تفسير ما لم يره أولاً، ويقول: إذا قلنا كذا أدى إلى كذا، ويقيس ما ثبت من صفات الخالق على ما لم يثبت عنده. فهذا الذي نهيتُ عنه. وكيف تنقص عهدك وقولك بقول فلان وفلان من المتأخرين? فلا تشمت بنا المبتدعة فيقولون: تنسبوننا إلى البدع وأنتم أكثر بدعاً منا، أفلا تنظرون إلى قول من اعتقدتم سلامة عقده، وتثبتون معرفته وفضله. كيف أقول ما لم يقل، فكيف يجوز أن تتبع المتكلمين في آرائهم، وتخوض مع الخائضين فيما خاضوا فيه، ثم تنكر عليهم. هذا من العجب العجيب. ولو أن مخلوقاً وصف مخلوقاً مثله بصفات من غير رؤية ولا خبر صادق. لكان كاذباً في إخباره. فكيف تصفون الله سبحانه بشيء ما وقفتم على صحته، بل بالظنون والواقعات، وتنفون الصفات التي رضيها لنفسه، وأخبر بها رسوله بنقل الثقات الأثبات، يحتمل، ويحتمل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير