تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[27 - 12 - 05, 06:21 ص]ـ

كتب أخرى:

كتب ابن أبي الدنيا

الكتب التي أريد ذكرها في هذه المشاركة هي كتب العالم التربوي الكبير والأديب المؤرخ الواعظ ابن أبي الدنيا رحمه الله، باستثناء شيء يسير منها.

لقد قرأت بتدبر نحو ثلاثين كتاباً من كتب هذا المصنف البارع؛ ويسر الله لي - والحمد لله - أن أهذب أكثر من عشرين كتاباً منها، وجمعت تلك المهذبات في كتاب واحد أسميته (البغية العليا بتقريب كتب ابن أبي الدنيا)؛ وحذفت من تلك الكتب - فيما حذفته - ما رواه فيها من المرفوعات، لأسباب ذكرتها في مقدمات هذا المجموع.

وتحققت من عملي هذا أن كتب ابن أبي الدنيا بحر جمع فيه كل – أو جل - ما تقدمه من مؤلفات في الزهد والأخلاق ومنه اغترف كل من ألف فيهما بعده من علماء المسلمين في جميع الآفاق، كأبي نعيم في حلية الأولياء والبيهقي في شعب الإيمان، والماوردي في أدب الدنيا والدين، وابن الجوزي في صفة الصفوة ومنهاج القاصدين وابن قدامة وابن تيمية وابن القيم وابن رجب في كتبهم وغيرهم ممن ألف في هذا النوع من العلم؛ وكذلك أخذ من كتبه أهل التاريخ والتراجم والسير؛ فما أجمعها وأنفعها وأرفعها من تصانيف؛ فجزاه الله عن المسلمين خيراً كثيراً.

وتحققت أنها - أعني كتب ابن أبي الدنيا - أعلاق نفيسة وجواهر لا يعدلها ثمن، وكيف لا تكون كذلك وهي تدعوك - بأحسن أسلوب وضعه الناس وألطف طريقة ابتكروها وأقوم مسلك مشوا عليه - إلى الزهد في الدنيا والإقبال إلى الآخرة وطلب الجنة بكل جد وكل اجتهاد؛ وتدعوك إلى التقوى والورع وأسباب زيادة الإيمان بالله وأسباب الاجتهاد في طاعته واجتناب معصيته؛ تدعوك إلى العلم النافع والعمل الصالح؛ تدعوك إلى الانتفاع بعلوم القرآن والحديث وآثار السلف الصالحين.

إن كتب ابن أبي الدنيا بقية نور أصيل في هذه الحياة المظلمة، وهي صدى نداء قديم ناصح يحذر الناس عبادة الدنيا وأهلها، ويدعوهم إلى عبادة رب كل شيء ومالكه وخالقه، الذي يُسعِد ويشقي ويعز ويذل ويهدي ويضل، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ذلكم الله رب العالمين.

إنها قبس من التاريخ القديم الزاهر وإنها تحفة السلف لخلفهم ووصية العلماء الناصحين لكل من خافوا عليه الغرور والجهل ممن جاء بعدهم إلى يوم الدين؛ وإنها كغيرها مما بين أيدينا من كتب العلم النافعة – بعض حجة الله على العالمين؛ فهل من منتفع بهذه الكتب عامل بها؟!

ـ[مجاهد الحسين]ــــــــ[27 - 12 - 05, 09:38 م]ـ

جزاك الله خيراً

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[28 - 12 - 05, 09:39 ص]ـ

أخي مجاهد، بارك الله فيك.

وهذا كتاب آخر من هذه السلسلة التي إنما غايتي منها إنصاف بعض ما قد غفل عنه أكثر القراء من الكتب؛ أو ترغيب المبتدئين في الطلب في طائفة أخرى من الكتب شهيرة ولكن عند غير المبتدئين.

وهذا الكتاب هو (تسلية أهل المصائب) لأبي عبدالله محمد بن محمد بن محمد المنبجي الحنبلي، المتوفى سنة (785 هـ).

والكتاب كشأن أكثر الكتب مكدر بأمور لا تعيبه كثيراً، مثل وجود بعض الأحاديث الضعفية، في غير أبواب الترغيب والترهيب، ولكن محاسنه تنسيك معايبه، وأنت إذا قرأت في هذا الكتاب فكأنك تقرأ كتاباً لابن قيم الجوزية أو لابن رجب رحمهما الله تعالى، فكأن الكتاب منسوج على منوالي كتبهما، وكأن أسلوبه مركب من أسلوبيهما؛ وما أحسن كتبهما بين الكتب، وما أنفعها من موارد لطالب العلم وباغي التحقيق؛ وكذلك كتابنا هذا (تسلية أهل المصائب).

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[02 - 01 - 06, 10:06 م]ـ

كتاب آخر:

(تهذيب الكمال) للحافظ الكبير المزي، أحدِ الجهابذة الذين كان لهم أثر كبير جداً في تثبيت أركان مدرسة الحديث في عصره والعصور التي تلته، بعد أن تهدم من بنيانها ما تهدم، وتصدع من أركانها ما تصدع.

لقد كان المزي حلقة من سلسلة علمية مباركة أعادت لعلم الحديث - في العصور المتأخرة - كثيراًً من قوته، وكثيراً من رونقه؛ وكان من أوائل تلك الحلقات الإمام ابن الصلاح رحمه الله، وكان من أبرزها ابن الأثير والنووي والمنذري وابن تيمية الجد والمزي والدمياطي وابن دقيق العيد وشيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم والذهبي والعلائي وابن كثير وابن رجب والعراقي والزيلعي وابن حجر وابن فهد والسخاوي والسيوطي؛ وغيرهم؛ مع أن في مؤلفات طائفة منهم تساهلاً غير مقصود، أو تأثراً بطريقة غير المحدثين؛ ولكنهم في الجملة خدموا هذا العلم الجليل خدمة جليلة، نقلاً ونقداً، ونشروه نشراً سريعاً وبعيداً، تعليماً له، ودعوة إليه.

ولكني أبقى أرى أن فضل المزي في هذا الباب يكاد يكون هو الأبرز الأكبر، أو - على الأقل - هو فضل بارز جداً ومتميز بوضوح.

ويكفي المزي منقبة كتاباه الحافلان المباركان (تهذيب الكمال) و (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف)؛ ويكفيه فضلاً أنه شيخ جماعة من كبار الحفاظ، كالذهبي وابن عبد الهادي وابن كثير؛ وغيرهم كثير؛ ولقد كان هؤلاء شموس علم ورواية طلعت في أفق الأمة بعد ظلام دام ليلاً طويلاً باستثناء ما تخلله من نور هداية الله على أيدي الطائفة القليلة التي لم تزل - ولا تزال - بحمد الله ظاهرة على الحق.

ما أعظم ما بذله هذا الرجل، وإن جهل قدره أكثر المسلمين؛ وهذا شأن أصحاب (علم الرجال) قديماً وحديثاً؛ فالفقهاء في الجملة أشهر منهم بكثير، وكذلك المفسرون، وكذلك أصحاب الأمهات من كتب الرواية؛ وكذلك علماء التخريج.

ولكن لا يضر العالم أن يجهله - أو يجهل قدره - من لم يكن من علماء ذلك العلم؛ وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهله.

وأما كتابه المترجَم له هنا، أعني (تهذيب الكمال) فهو أفضل ما ألف في رجال الكتب الستة؛ ولا سيما بعدما أضيفت إليه حاشيته النفيسه، أي تعليقات الدكتور بشار عواد معروف.

هذا ولقد صار لهذا الكتاب - بسبب أهميته - مختصرات كثيرة يعرفها طلبة علم الحديث، وليس هذا مجال التفصيل في ذكرها أو التعريف بها وتقييمها؛ وإنما أردت فقط التذكير بفضل هذا الكتاب الحفيل وصاحبه الجليل رحمه الله تعالى ورضي الله عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير