تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا شك أن كتابة السيرة – بهذا المنهج – تحتاج إلى جهد وإلى نوع من التخصص يستطيع المتضلعون فيه دراسة الأسانيد والحكم على الروايات، لكن ذلك لا يعفي غيرهم من التبعة في هذا المجال.

إن التوجه إلى توثيق نصوص السيرة مطلب ملح تفرضه طبيعة الرسالة الخاتمة، وهو ضرورة تقتضيه المنهجية الحقة التي تميز صحيح الأخبار من معلولها قبل أن تستخرج العبر والدروس منها.

ولقد مرت على الباحثين والمختصين في حقل التأريخ الإسلامي سنون دون أن يفيدوا من كتب السنة الفائدة المرجوة، ولا شك أنها تمثل مصدراً مهماً من مصادر التأريخ الإسلامي بشكل عام، وأحداث السيرة على الخصوص، وهي وإن كانت لا تقدم الحادثة في قالب كالذي تقدمه به كتب التأريخ – لاختلاف طبيعة المنهج – إلا أنها ربما رصدت حدثاً كان نصيبه الإهمال في المدونات التاريخية، وربما أوردته من مصدر آخر فزاد توثيق الخبر، وربما زادت عليه، أو أوضحت إشكالاً فيه، أو نحو ذلك، ولهذا فالبعد عنها وعدم الإفادة منها يبقي نتائج البحوث والدراسات ناقصة في هذا الميدان. ويأتي الصحيحان (صحيح البخاري، وصحيح مسلم) في الذؤابة من كتب السنة، فالإجماع منعقد على أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله، وهما وإن اشترطا في تدوين الروايات – بشكل عام – عُلواً في الإسناد أسقطا بسببه كمّاً من الروايات التارخية لا ترقى إلى هذا الشرط، فقد حفلا بنصوص كثيرة للسيرة، وجمع هذه الروايات ومن ثم الموازنة بينها وبين ما ساقه ابن إسحاق في السيرة يكشف نتائج طيبة أشار الباحث إلى بعضها في خاتمة البحث.

ولهذا الأسباب وغيرها تبدو أهمية الموضوع " السيرة النبوية في الصحيحين وعند ابن إسحاق، دراسة مقارنة في العهد الكي "، وأهمية البحث ليست لمجرد جمع وترتيب وقائع السيرة في الصحيحين في العهد المكي – مع ما لهذه من أهمية – وليست المقابلة النصوص بين الصحيحين وابن إسحاق وبيان المؤتلف والمختلف فيها فحسب – وهذه هي الأخرى لها أهميتها – وإنما تهدف الدراسة فوق هذا وذاك، إلى نقد النصوص التي يقع فيها التعارض والاختلاف وسبر أغوارها، وغالباً ما ينتهي ببيان ضعف إسنادها وسقوط الرواية من أصلها.

وقد اعتمد الباحث في تدوين الأحداث على ما ذكره الشيخان أو أحدهما في صحيحيهما، واعتبر ذلك أصلاً قارن بعده ما جاء في سيرة ابن إسحاق وربما غيره موافقاً أو مخالفاً لهما في ذات الحدث، مشيراً إذا كانت هذه الحادثة أو تلك لا توجد أصلاً في سيرة ابن إسحاق، على أن ذلك زيادة حفلت بها نصوص الصحيحين دون ابن إسحاق وعلى هذا فقد يرى القارئ أن ثمة أحداثاً أخر في العهد المكي – في سيرة ابن إسحاق – لم تذكر، فهذا سببها، وعلى أي حال فلا يدّعي الباحث أنه أتى على الصغير والكبير واستوفى كل ما ورد في الصحيحين من أحداث السيرة، فقد يند عنه ما لم يكن في الحسبان مما يندرج في دائرة الخطأ والنسيان.

هذا وينتظم الكتاب في خمسة فصول أساسية، وهناك فصل تمهيدي قصد منه التعريف بابن إسحاق وما قيل فيه جرحاً أو تعديلاً، ورأي العلماء فيه خاصة في جانب المغازي والسير – وهو ما نحن بصدده – ومنهجه في تدوين أحداث السيرة، ورواة المغازي والسير عنه، ثم أتبع ذلك الحديث عن الإمام البخاري، مع وقفة عند صحيحة، ومنهجه في تدوين أحداث السيرة، وأخيراً ترجمة للإمام مسلم وتحدث عن صحيحه، وما أمكن الوقوف عليه من منهجه في أحداث السيرة. وقد حاول الباحث – في هذا التمهيد – إبراز الفرق بين منهج المحدثين بشكل عام وأصحاب السير في كتابة أحداث السيرة وعرضها.

أما الفصل الأول من الكتاب " محمد صلى الله عليه وسلم بين الميلاد والنبوة". فيشمل: الحديث عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ونشأته، وأسمائه، وفضل نسبه، والبيئة التي عاش فيها، وموقفه منها، وصفاته الخَلقية والخُلُفية، وتوقف طويلاً عند بعض ما وقع له في تلك الفترة،وهو يحتاج إلى مزيد بيان وإيضاح من أمثال " شق صدره " ورحلته مع عمه إلى الشام. كما توقف عند زواجه بخديجة ومن عقد عليهن أو دخل بهن في الفترة المكية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير