تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحكى الشيخ جار الله بن فهد رحمه الله: أن الشيخ رحمه الله تعالى قصد إزالة ما في خاطر الجلال السيوطي، فمشى من القاهرة إلى الروضة - وكان الجلال السيوطي معتزلا عن الناس بالروضة -، فوصل صاحب الترجمة إلى باب السيوطي، ودق الباب. فقال له: من أنت؟ فقال: أنا القسطلاني جئت إليك حافيا مكشوف الرأس ليطيب خاطرك علي. فقال له: قد طاب خاطري عليك، ولم يفتح له الباب ولم يقابله). اه*. * (الفارق بين المصنف والسارق): مصنف جليل في بابه، كتبه السيوطي على شكل مقامة (1) من مقاماته، ذم فيه وشدد على أحد سراقه، ومن أروع ما قال فيه: (هل أتاك حديث الطارق؟ وما أدراك ما الطارق؟! الخائن السارق، والمائن المارق. . فأوسعناه برا فتابله بجفاء، وعاملنا بغدر إذ عاملناه بوفاء، وتطفل علينا في الموائد، فأنعمنا له بشئ مما لدينا من الفوائد، وأذنا لطلبتنا أن يسمحوا له بإعارة مصنفاتنا الدرر الفرائد. . فما كان من هذا العديم الذوق، إلا أنه نبذ الأمانة وراء ظهره وخان، وجنى ثمار غروسنا وهو فيما جناه جان، وافتض أبكار عرائسنا اللاتي لم يطمثهن في هذا العصر إنس قبلنا ولا جان، وأغارعلى عدة كتب لنا، أقمنا في جمعها سنين، وتتبعنا فيها الأصول القديمة وما أنا على ذلك بضنين، وعمد إلى كتابي (المعجزات والخصائص) المطول

(1) مطبوعة ضمن (مقامات السيوطي) 2/ 818 بتحقيق سمير الدروبي، وطبعت مؤخرا مفردة في رسالة، حيث استلها أحدهم من (المقامات)، وعمل لها مقدمة مشوهة خالفت مضمون ما قاله السيوطي رحمه المه، وكل ذلك دفاعا عن نفسه! بعد أن فضح أمره في سرقته عن بعض الأفاضل رسالة (كلمات إلى الأخت المسلمة). (*).

[21]

والمختصر، فسرق جميع ما فيهما بعباراتي التي يعرفها أولو البصر، وزاد على السرقة، فنسبهما إلى نفسه ظلما وعدوانا وما اقتصر، وقال: (تتبعت وجمعت ووقع لي)، قال تعالى: (ولمن انتصر). لقد أقمت في تتبع هذه الخصائص عشرين سنة إلى أن زادت على الألف، ونظرت عليها من كتب التفسير، والحديث، وشروحه، والفقه، والأصول من كتب المذاهب الأربعة والتصوف، وغيرها مما يجل عن العد والوصف فجاء هذا السارق فصدر كلامه بأن قال: (وأما الخصائص، فقد تتبعت، فوقع لي). وساق كتابي برمته، وأورد ما جمعته مما اختص به في ذاته الشريفة وفي أمته، فزعم أنه الجامع المتتبع! وهو كلابس ثوبي زور، بما لم يعط متشبع. وعمد إلى التخاريج والنقول التي وقعت عليها في أصول القوم، فذكر العزو مستقلا به، من غير واسطة كتابي، موهما أنه وقف على تلك الأصول، وهو لم يرها بعينه إلى اليوم، ولا في النوم!! ولقد أبهمت نقولا عن أئمة، فأوردها على إبهامها، ولو سئل: في أي كتاب هي؟ لم يدر خنصرها من إبهامها! ولقد زدت على النسخة التي أعيرت له أكثر من مئتي خصيصة، ولو رام الوصول إلى واحدة منها لم يجل منها بخبر بصيصه. وإنما ورطه في ذلك الجهل بآداب المصنفين، فأنه ليس من أهل هذا المنزل، بل هو عن هذا الفناء بمعزل أفقال أحد من هؤلاء: ما جاء مصنف بشئ من عنده، حتى ينقل عنه من في عصره ومن بعده؟! بل ما جاء مصنف قط من عنده بشئ، لا متقدم ولا متأخر، ميت أو حي.

[22]

وإنما للمجتهدين في تصانيفهم أمران: استنباط مسألة لم يسبقوا إلى استنباطها من حديث أو قرآن. واستدلال بآية أو حديث على مسألة سابقة قد يطرقها النكران. ولهذا ذكر قوم من الخصائص ما لم يورد في الكتب الفقهية، آخذين لها من الآثار والأحاديث المروية. أفيسوغ لأحد أن يورد هذه الخصائص غير معزوة إلى من استخرجها من الأئمة؟ قائلا: إنها موجودة في ضمن الأحاديث، فلا تنسب إلى من تتبع ذلك وأمه؟! معاذ الله، بل حتى يعزو كل واحدة إلى من عدها، ويعطي كل مسألة من العلم حقها وحدها، كذلك فعل الأئمة، ونالوا بذلك المراتب العلية الجمة. وحكي لي عن الحافظ ابن حجر أنه حشا نسخته من " (الطبقات)، بزوائد من التواريخ التديمة، لو جردت، لكانت في عدة ورقات، فاستعارها كبئر من تلامذته حافظ مفيد، فأخذ يصنف (طبقات) جمع فيها الأصل والمزيد، وعزا الزيادات للأصول التي نقل منها أستاذه، ولم ينبه عل أنه اعتمد عل خطه وأنه إليه ملاذه، فكتب له ورقة يلومه فيها أشد اللوم، ويقول له أما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير