تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلذلك هتكنا أمره، وإنا لصادقون، وأوضحنا خيانته وإنا بنصر الله لواثقون، وبعثنا في ناديه مؤذنا يؤذن: (أيتها العير إنكم لسارقون). (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) إبراهيم النعماني، فقد سرق هذه الكتب بعينها، واقتدى به هذا السارق الثاني. قلنا: لم ينتفع بما سرقه، ولم يبلغ منه الأماني، فأصبح هذا سارقا من سارق، وغاصبا من غاصب، (لا يقبل الله صدقة من غلول) وللغالين عذاب واصب. أعوذ بالله من هذا الطارق السارق، وأستعيذ برب الفلق من شر هذا الغاسق. فحق أن يمنع هذا السارق من عارية كل كتاب مصون، وأن يدخر عنة نفائس الكتب في أحصن الحصون. فاحذروا معاشر المصنفين أن يغير على كتبكم إن كنتم بعزة العلم توقنون، واخشوا شياطين سحره أن يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون، وأرسلوا عليه من ألسنتكم سبعا شدادا، ومن أقلامكم أسنة حدادا، ومن محابركم بحارا مدادا، ومن أقوالكم جيشا عرمرما لا يدع تلاعا ولا وهادا، وأولوا هذا السارق قطعا، وامنعوا عنه الكتب منعا. والمبطل فاقذعوا، والخائن فاردعوا، والسارق فاقطعوا، واهدموا بنيانه من أصله، وألحقوا كل شكل بشكله، وردوا كل شئ إلى أهله، وقولوا: (جزاؤه من وجد في رحله). وإن انتصر له حبيب أو خليل؟ فقولوا له: أنت عن هذا بمعزل، وإن كنت عندنا في أشرف محل وأعلى منزل. وما أظن الحامل له على كلمة أمضاها، (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها). وإن غره قوم جاؤوا إليه، وحسنوا له الإصرار على ما هو عليه، وزعموا أنهم ينصرونه بألسنتهم السفيهة، ويذبون عنه بافتراءات هي بأفعال بني إسرائيل شبيهة؟ فوالله

[26]

لا يزداد هو ومن أغراه إلا نزولا، وسيرون عجائب قدرة الله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا. فليتق الله هذا الرجل في جميع أحواله، وليعلم أنه مطلع على أفعاله وأقواله، فإن كان صادقا في أنه لم يستمد من كتبنا، فليوقن بالبشارة، وأنه يظفر بحسن الشارة، وإن كان من كتبنا مستمدا، وظالما بالإصرار قد تعدى، ومتجنيا بالباطل، ومتحليا وهو في الحقيقة عاطل، فيكفينا فيه علم الله الذي لا تخفى عليه خافية، ولا تقي من سطواته القارعة واقية. ولقد عرضنا على هذا السارق أن يرجع إلى أداء الأمانة فأبى، وألقينا إليه من كل قول رغبا ورهبا، حتى اجتمع به رجل صدق من أهل الغرب، ووقف على بعض ما سرقة من كتبنا من هذا الضرب، فقال له: ما أنصفت ولا اعترفت، حيث لم تعز الى كتابه ما منه اغترفت. فلما حقق منه المناط، وعلم أنه لا مناص له عن الارتباط، عزا ما نقله إلى كتاب (المسالك) وكتاب (الطيلسان)، وطوى عن عزو باقي المسروق القلم واللسان، فاقتصر على عزو موضعين من غير زيادة، وسكت عن عزو ما نقله من كتابي (المجزات) و (الخصائص)، وما عين القلادة، واعتذر عن ذلك بأنه يخشى أن يفسد عليه المكتوب، وما صدق بانتظامه على هذا الأسلوب، وذلك أن غالب كتابه مسروق من كتابي المذكورين، ومسلوخ من تأليفي المشهورين، فخشي أن يصرح بعزو كل ما نقله عنهما، ويؤدي الأمانة في جميع ما سرق منهما، فما يبقى من الكتاب إلا قليل جمل، فإنه ليس له فيه كبير عمل، وهذا من تقديم العلو بالباطل على أداء السنة والفرض، أنسي: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون بغير الحق)، (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض)؟! وإن كان كما قيل (صنعه ليشحث عليه، وليجبي من النساء والرجال ما يضمه إليه)، فلو كان له حسن يقين، لعلم أن الله هو الرزاق، وأنه يعطي على الصدق والأمانة ما لا يعطي على ضد هذه الأخلاق.

[27]

أأمن أن يناقش في بعض ما نقله من كتابي، فلا يحسن منه الخلاص؟ أو يقال له في بعض ما أبهمت نقله: من أين أصل هذا؟ فينادي، (ولات حين مناص)!! أو يمتحن كما كانت الفضلاء قديما يمتحنون السارقين، ويقال له: صنف لنا كتابا في النوع الفلاني إن كنت من الصادقبن. فيا ليت شعري كيف يصنع هذا السارق إذا أورد عليه مثل هذه المناقشة؟! أله باع ذو امتداد، وساعد ذو اشتداد؟! أعندة أسنة حداد، وسهام خارقة مقرونة إذا رمى بها بالسداد، وسيوف مهندة للجدال والجلاد، إذا قيل في الحرب: بداد بداد، ودروع يمانية لا يبالي معها أقل أم كثر العداد، ومنجنيقات ذوات عماد (لم يخلق مثلها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير