((ومن بركة العلم وشكره، عزوه إلى قائله؛ قال الحافظ أبو طاهر السلفي: سمعت أبا الحسن الصيرفي يقول: سمعت أبا عبد الله الصوري يقول: قال لي عبد الغني بن سعيد: " لما وصل كتابي إلى عبد الله الحاكم، أجابني بالشكر عليه، وذكر أنه أملاه على الناس، وضمن كتابه إلي الاعتراف بالفائدة وأنه لا يذكرها إلا عني)). وأن أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثهم، قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري، قال: سمعت أبا عبيد يقول: ((من شكر العلم أن تستفيد الشيء، فإذا ذكر لك قلت: خفي علي كذا وكذا ولم يكن لي به علم، حتى أفادني فلان فيه كذا وكذا، فهذا شكر العلم)) قال السيوطي: ((ولهذا لا تراني أذكر في شيء من تصانيفي حرفا إلا معزوا إلى قائله من العلماء مبينا كتابه الذي ذكر فيه)). انتهى.
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله:
وسرقة الكتب إحدى الثمرات المرة لهذه الحضارة الجديدة التي يسرت الوسائل، ومهدت السبل، لأهل الخير ولأهل الشر، فمن لم يكن له دين يعصمه، وخوف من الله يسدده، أحكم السرقة حتى لا تكاد تنكشف، وحتى أنك لو وضعت أمامك النسخة الأصلية من الكتاب والنسخة المسروقة، لم تستطع أن تفرق بينهما، فالورق هو الورق، والحرف والحبر والتجليد ـ كل ذلك سواء في النسختين.
ذلك لتعلموا أنه لا حضارة ولا العلم ولا الأخلاق، بالتي تغني عن الدين، لأنها كلها للناس، فإن لم ير صاحبها الناس، اعرض عنها وتناساها، واتبع شهوته ومصلحته. أما صاحب الدين فيعلم أنه إن خلا بنفسه، وغلق عليه الأبواب، وأسدل الستائر، واستخفى من الناس، فإنه لا يستخفي من الله، وهو معه يسمعه ويراه، وإن أنكر شهدت عليه يده التي اقترف بها الذنب، ورجله التي مشى بها إليه، وجلده الذي لا يستطيع أن يخلعه، ويخرج منه، كما يخرج من ثوبه، ليلبس ثوبا غيره فلا يعرفه من يبصره
وهذا كلام أحد أهل العلم لا يحضرني الآن اسمه في الذين يتعلمون من أجل التسول بالمال والواقع يشهد لكلامه
من مفاسد ذلك تقوية صفاتهم الذميمة وأخلاقهم الفاسدة اللئيمة بما يطلبونه من العلم لأنهم يتوسلون به إلى مطالبهم الدنيوية على غاية الكمال والتمام، فهم بالحقيقة يجعلونه كالشبكة والفخ يصطادون به حطام الدنيا.
فإذا استشعروا بذلك توجهوا بهممهم إليه وعكفوا بالجد والاجتهاد عليه ولولا هذا الاستشعار لم يتصور منهم ذلك فإذا حصلوا على شيء من ذلك وظهر مخايل وصولهم إلى أغراضهم الدنيوية فرحوا بذلك
وهذا الفرح والاغتباط في غاية الذم منهم لأن ذلك متعلق بأسباب الدنيا وهي بمنزلة السم القاتل الذي يوجب موت قلوبهم وبعدها عن التأثر بالمواعظ والحكم كما قيل:
إذا قسى القلب لم تنفعه موعظة ...... كالأرض إن أسبخت لم ينفعها المطر
وعند ذلك تنتعش نفوسهم وتتقوى صفاتها الذميمة وتظهر آثار ذلك على ظواهرهم من التكالب على الدنيا والركون إليها وإلى من هي عنده من المترفين وليس لهم ما يتوسلون به إليهم سوى علمهم فيحتالون على تحصيل إقبالهم عليهم وصرف وجوههم إليهم بالتفنن عندهم بأنواع الحيل
ولا يسلمون في ذلك من الرياء والنفاق والتصنع والدهان والكذب والغيبة ويجرهم ذلك إلى أنواع من المحرمات وصنوف من العصيان مع ما يحل بهم من الذل والإهانة ونحو ذلك
وأما الفساد الذي يتعدى منهم إلا غيرهم فهو وقوع الاغترار للجهله والاغمار والمغفلين لمشاهدة حالهم فإنهم يشاهدونهم قد حازوا من رتب الدنيا ما أرادوه ويتوهمون أنهم نالوا شرف الآخرة بما أفادوه واستفادوا ويقتضي بهم الجهله والأغمار والمغفلين فيقعوا فيما وقعوا فيه من المهالك أو يؤديهم ذلك إلى تعظيمهم ومحبتهم وموالاتهم واتخاذهم أربابا يسمعون منهم ويطيعونهم في أوامرهم ونواهيهم ثم يخرج بهم استحسان حالهم إلى الداء الدفين وهم مسارقة طباعهم الدنيئة وأخلاقهم الرديئة فإن نفوس العامة قابلة لذلك ومهيأة لهم بمنزلة الصبي الذي ترسخ فيه الأخلاق عن قصد أو عن غير قصد
رحم الله علماء الأمة المخلصين ما أنصفهم.
ـ[أحمد الفلسطيني]ــــــــ[15 - 01 - 06, 02:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصراحة موضوع جيد وأنا أوافقك على ذلك 0 نعم لقد كثر في هذا الزمان من يتخدم هذه الطريقه فالله المستعان 0
شكرا لك على الموضوع ونرجو منك المزيد
أخوك أحمد يوسف