تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بأبي انت وأمي يارسول الله (عائض القرني)]

ـ[ابراهيم النوبي]ــــــــ[01 - 04 - 06, 06:26 م]ـ

(بأبي أنت وأمي يا رسول الله)

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)

صلى عليك الله يا علم الهدى () واستبشرت بقدومك الأيامُ

هتفت لك الأرواح من أشواقها () وازينت بحديثك الأقلامُ

ما أحسن الاسم والمسمَّى، وهو النبي العظيم في سورة عمّ، إذا ذكرته هلَّت الدموع السواكب، وإذا تذكرته أقبلت الذكريات من كل جانب.

وكنت إذا ما اشتدّ بي الشوق والجوى () وكادت عُرى الصبر الجميل تفصمُ

أُعلِّل نفسي بالتلاقي وقربه () وأوهمها لكنّها تتوهم

المتعبد في غار حراء، صاحب الشريعة الغراء، والملة السمحاء، والحنيفية البيضاء، وصاحب الشفاعة والإسراء، له المقام المحمود، واللواء المعقود، والحوض المورود، هو المذكور في التوراة والإنجيل، وصاحب الغرة والتحجيل، والمؤيد بجبريل، خاتم الأنبياء، وصاحب صفوة الأولياء، إمام الصالحين، وقدوة المفلحين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).

السماوات شيّقات ظِماءُ () والفضا والنجوم والأضواءُ

كلها لهفة إلى العلَم الها () دي وشوق لذاته واحتفاءُ

تنظم في مدحه الأشعار، وتدبج فيه المقامات الكبار، وتنقل في الثناء عليه السير والأخبار، ثم يبقى كنزاً محفوظاً لا يوفّيه حقه الكلام، وعلماً شامخاً لا تنصفه الأقلام، إذا تحدثنا عن غيره عصرنا الذكريات، وبحثنا عن الكلمات، وإذا تحدثنا عنه تدفق الخاطر، بكل حديث عاطر، وجاش الفؤاد، بالحب والوداد، ونسيت النفس همومها، وأغفلت الروح غمومها، وسبح العقل في ملكوت الحب، وطاف القلب بكعبة القرب، هو الرمز لكل فضيلة، وهو قبة الفلك للخصال الجميلة، وهو ذروة سنام المجد لكل خلال جليلة.

مرحباً بالحبيب والأريب والنجيب الذي إذا تحدثت عنه تزاحمت الذكريات، وتسابقت المشاهد والمقالات.

صلى الله على ذاك القدوة ما أحلاه، وسلم الله ذاك الوجه ما أبهاه، وبارك الله على ذاك الأسوة ما أكمله وأعلاه، علَّمَ الأمة الصدق وكانت في صحراء الكذب هائمة، وأرشدها إلى الحق وكانت في ظلمات الباطل عائمة، وقادها إلى النور وكانت في دياجير الزور قائمة.

وشبَّ طفل الهدى المحبوب متشحاً () بالخير متزراً بالنور والنار

في كفه شعلة تهدي وفي دمه () عقيدة تتحدى كل جبارِ

كانت الأمة قبله في سبات عميق، وفي حضيض من الجهل سحيق، فبعثه الله على فترة من المرسلين، وانقطاع من النبيين، فأقام الله به الميزان، وأنزل عليه القرآن، وفرق به الكفر والبهتان، وحطمت به الأوثان والصلبان، للأمم رموز يخطئون ويصيبون، ويسدّدون ويغلطون، لكن رسولنا صلى الله عليه وسلم معصوم من الزلل، محفوظ من الخلل، سليم من العلل، عصم قلبه من الزيغ والهوى، فما ضل أبداً وما غوى، (إنْ هو إلا وحي يوحى).

للشعوب قادات لكنهم ليسوا بمعصومين، ولهم سادات لكنهم ليسوا بالنبوة موسومين، أما قائدنا وسيدنا فمعصوم من الانحراف، محفوف بالعناية والألطاف.

قصارى ما يطلبه سادات الدنيا قصور مشيدة، وعساكر ترفع الولاء مؤيدة، وخيول مسومة في ملكهم مقيدة، وقناطير مقنطرة في خزائنهم مخلدة، وخدم في راحتهم معبدة.

أما محمّد عليه الصلاة والسلام فغاية مطلوبه، ونهاية مرغوبه، أن يُعبد الله فلا يُشرك معه أحد، لأنه فرد صمد (لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد).

يسكن بيتاً من الطين، وأتباعه يجتاحون قصور كسرى وقيصر فاتحين، يلبس القميص المرقوع، ويربط على بطنه حجرين من الجوع، والمدائن تُفتَح بدعوته، والخزائن تُقسم لأمته.

إن البرية يوم مبعث أحمدٍ () نظر الإله لها فبدّل حالها

بل كرَّم الإنسان حين اختار من () خير البرية نجمها وهلالها

لبس المرقع وهو قائد أمةٍ () جبت الكنوز وكسَّرت أغلالها

لما رآها الله تمشي نحوه () لا تبتغي إلا رضاه سعى لها

ماذا أقول في النبي الرسول؟ هل أقول للبدر حييت يا قمر السماء؟ أم أقول للشمس أهلاً يا كاشفة الظلماء، أم أقول للسحاب سَلِمتَ يا حامل الماء؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير