[فضل العلم الشرعي.]
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[05 - 04 - 06, 10:52 م]ـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، أما بعد:
عباد الله/إن موضوع هذه المشاركة هو موضوع عظيم، موضوعنا عن الهدى عن النور عن الضياء عن حياة الروح إنه العلم الشرعي قال تعالى: (أوَ من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)، "أو من كان ميتا" في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي، فأحييناه بنور العلم والإيمان و الطاعة هل يستوي بهذا الذي هو في الظلمات،ظلمات الجهل والغي و الكفر والمعاصي؟ لا والله لا يستويان مثلا.
العلم الشرعي - عباد الله – أمره عظيم لذلك كان أول مبتدأ رسالة النبي عليه الصلاة و السلام أن الله تبارك وتعالى قال له: {اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم}.
وعلم الله تبارك وتعالى قبل ذلك آدم عليه السلام {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين}؛
العلم الشرعي عباد الله هو مفتاح معرفة العبادة ومفتاح قبولها وطريق صحتها و سبيل أدائها على الوجه الذي يرضي الله تعالى، فكم من مريد للخير لا يدركه كما يقول ابن مسعود رضي الله عنه، فالعمل لا يقبل إلا إذا توفر فيه شرطان ألأول أن يكون خالصاً لله عز وجل؛ والثاني: - وهو الذي يفتقر إليه كثير من الناس- ألا وهو أن يكون العمل على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،أي يكون على الطريقة التي علمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنى لك أن يكون على الطريقة التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالعلم الشرعي،بالتعلم، بالجلوس في حلقات العلم الشرعية لفقه الكتاب و السنة، لذلك قال الله تعالى حاثاً على طلب العلم الشرعي: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} وقوله تعالى " يحذرون " حذف المعمول، " فيحذرون" عامل ومعموله محذوف! قال السعدي –رحمه الله تعالى- في كتابه العظيم " القواعد الحسان" (في القاعدة الرابعة عشرة): [حذف المتعلق المعمول فيه يفيد تعميم المعنى المناسب له] فقوله:" يحذرون " لم يذكر معمولا فأفاد العموم:يحذرون النار، يحذرون غضب الجبار، يحذرون البدع، يحذرون الشرك، يحذرون المعاصي، يحذرون الشبهات، يحذرون الشهوات المحرمة، فحذف المعمول أفادنا كل هذه المعاني العظيمة، فهذه قاعدة مفيدة على طالب العلم أن يحفظها، ويطبقها، ومن أمثلة هذه القاعدة الكثيرة: في عدة آيات قال سبحانه: {لعلكم تعقلون}، {لعلكم تذكرون}، {لعلكم تتقون} وغيرها من الآيات. والله الموفق.
وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم حاثاً له على الاستزادة من العلم: {وقل رب زدني علما} وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: (من يرد الله به خيراًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً يفقه في الدين) قال شيخ الإسلام العلم الهمام ابن تيمية الإمام: " ولازم ذلك أن الذي لا يريد الله به خيرا لا يفقهه في الدين".
العلم يبني بيوتا لاعماد لها والجهل يهدم بيت العِزوالكرم
ولذلك قال تعالى: ((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) لا والله لا يستويان مثلا، وقال تعالى: ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات))، رفع الله عز وجل في هذه الآية أهل العلم رفعين: رفعا عاما مع المؤمنين لأنهم رأس المؤمنين،ورفعهم رفعاً خاصا بهم أفردهم به سبحانه وتعالى لكمال علمهم به سبحانه وخشيتهم له سبحانه ولذلك حينما ذُكر عند النبيِ صلى الله عليه وسلم عالمٌ وعابد، قال عليه الصلاة والسلام: [فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم]، ويكفي أهلَ العلم شرفاً أن الله تبارك وتعالى أشهدهم على انفرادِهِ بألوهيتِهِ وتوحيدِهِ سبحانه فقال في كتابه الكريم: ((شهد الله أنه لا إله هو والملائكة وأولوا العلم ِقائماً بالقسط ِ لا إله إلا هو العزيز الحكيم)).
أيها الإخوة: قال تعالى ((إنما يخشى الله من عباده العلماء))، نعم إن أهل العلم هم أشد الناس خشية لله تعالى، فأنت للشيء أخوف كلما كنت له أعرف،ولذا كان الطريق الموصل إلى الله عز و جل هو العلم الشرعي،إن الجنة عباد الله لها ثمانية أبواب،كل باب خصص لفئة من الناس لا يدخل منه غيرهم:هذا باب الريان للصائمين،وهذا باب للمتصدقين وهذا باب الصلاة وهكذا،إلا العلم الشرعي فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: [من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة]، فنكر هذا الطريق وأبهمه قال "طريقا" إلى الجنة، "طريقا" هذا عام، نكرة في سياق الشرط: ((من سلك)) فهو عام، فهو موصل إلى الجنة من كل أبوابها،فاحرصوا يرحمكم الله على تعلم العلم الشرعي والتفقه في الدين، اللهم فقهنا في ديننا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا،اللهم إنا نسألك علماً نافعا ورزقاً طيبا وعملاً متقبلا، ونعوذ بك اللهم من علم لا ينفع وقلبٍ لا يخشع ودعوة لا تسمع.
وصل اللهم وسلم وبارك على محمد وعل آله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.