الكتب منسوبة خطأً أو مسماة خطأً
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[19 - 02 - 06, 10:03 ص]ـ
بسم الله والحمد لله
من حسن طريقة طالب العلم أن يُعنى بمعرفة الكتب ومؤلفيها، وأن يكون حسَنَ التمييز بين متشابهاتها، حسَنَ التفريق بين متقارباتها، وأن يُحسن في الجملة تقييم المتداول من الكتب وطبعاتها.
ومن ذلك أن يعرف ما نُسب من الكتب إلى غير مؤلفه، وما سمي منها بغير اسمه أو وصف بغير وصفه، فأردت أن أفتح هنا صفحة لهذا الموضوع، وإن كانت جعبتي الآن تكاد تكون فارغة منه ووقتي يكاد يضيق عنه، ولكن عندي أمل غير قليل أن يثري إخواننا في الملتقى هذا الموضوع المهم الطريف اللطيف، ومن الله العون والتوفيق.
وهذا أوان البدء:
1 - أخبار النساء
طبع هذا الكتاب منسوباً لابن قيم الجوزية رحمه الله، ونسبته إليه خطأ قطعاً؛ وقد أنكر نسبته إليه أو تردد فيها كثير من أهل العلم،، منهم محمد منير الدمشقي وعبد الغني عبد الخالق وأحمد عبيد والزركلي والعلامة بكر أبو زيد، وقد فصل الكلام على هذه القضية في كتابه الممتع القيم (ابن قيم الجوزية: حياته، آثاره، موارده) ص202 - 208 وخلص إلى الجزم بأن الكتاب ليس لابن القيم.
ومنشأ هذا الوهم إنما هو بعض عبث الوراقين أو خلطهم بين ابن قيم الجوزية وابن الجوزي؛ ومع ذلك فالكتاب الذي ثبتت نسبته لابن الجوزي في هذا الباب إنما هو (أحكام النساء) وهو كتاب جيد؛ وأما (أخبار النساء) فكتاب سيئ وفي ثبوت نسبته إلى ابن الجوزي نظر لا يخفى بل شكٌّ غير قليل. والله أعلم.
2 - الفوائد المشوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان
هذا الكتاب طبع منسوباً إلى ابن القيم أيضاً، وليس هو من كتبه بل لا يليق بمنهجه رحمه الله. وقد ظل مؤلفه الحقيقي مجهولاً عند الباحثين الشاكين في نسبته إلى ابن القيم إلى أن عرفه بعد تتبع عجيب الدكتور زكريا سعيد علي في كتابه (بلاغة القرآن عند المفسرين حتى نهاية القرنن السادس) والذي نال به درجة الدكتوراه؛ فقد هداه الله تعالى في أثناء بحثه واستقرائه إلى أن مؤلف ذلك الكتاب إنما هو ابن النقيب شيخ أبي حيان الأندلسي.
3 - التاريخ الصغير
الكتاب المطبوع بإسم (التاريخ الصغير) منسوباً للإمام البخاري إنما هو في الحقيقة (التأريخ الأوسط) للإمام البخاري، وقد جزم بذلك عدد من المعاصرين؛ بل أثبته بأدلة قاطعة أبو عبد الله محمود بن محمد الحداد في (فهرس مصنفات الإمام البخاري) ص28 - 29.
وأما التاريخ الصغير للبخاري فهو كتابه المطبوع بإسم (الضعفاء الصغير). فإذن تواريخ البخاري الثلاثة قد وصلت وطبعت، والتاريخ الأوسط غير مفقود لا كله ولا بعضه كما كان يظن بعض أهل العلم والبحث؛ والحمد لله.
4 - رسالة الذهبي إلى ابن تيمية
هذه الرسالة نسبت إلى الإمام الذهبي قديماً، وهي - بحسب ما فيها - موجهة إلى شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية ينصحه فيها ويعاتبه في بعض تصرفاته ويحذره من أصحابه ويذمهم ذماً سيئاً!! ولا شك أنها من تزوير بعض أعداء أهل السنة ممن له قدرة على التزوير والمحاكاة؛ وقد رد هذه النسبة جماعة من الباحثين مثل عبد الستار الشيخ في كتابه (الحافظ الذهبي مؤرخ الاسلام ناقد المحدثين إمام المعدلين والمجرحين) ص350 - 352؛ وسليم الهلالي في (كفاية الحفظة شرح المقدمة الموقظة) ص17 - 28؛ بل أفرد لنقض ونقد هذه الرسالة المزعومة كتاباً مختصاً: الشيخ محمد بن ابراهيم الشيباني.
5 - الحسن البصري: آدابه، حِكمه، نشأته
هذا الكتاب طبع بمصر سنة 1350هـ، بمطبعة الخانجي، وصُدِّر بمقدمة لحسن السندوبي، وذُكر على غلافه أنه تصنيف ابن الجوزي؛ فشاع بين الناس منسوباً لابن الجوزي ولكن هذه النسبة لا تصح. نعم لابن الجوزي (مناقب الحسن) ولكنه غير هذا الكتاب؛ وهو فيما أعلم لم يطبع إلى هذا الوقت، ولا أدري إن كانت مخطوطته موجودة أو مفقودة؛ وأما هذا المطبوع فيظهر أنه لبعض المتأخرين. وانظر ما كتبه في هذه المسألة حاتم بن عارف العونني في (المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس) 1/ 251 - 254.
6 - السنن الصغرى للنسائي
قال الذهبي في السير (14/ 131): (قال ابن الأثير: وسأل أميرٌ أبا عبد الرحمن [النسائي] عن سننه، أصحيح كله؟ قال: لا، قال: فاكتب منه الصحيح، فجرد منه المجتنى؛ قلت: هذا لم يصح، بل المجتنى اختيار ابن السني).
¥