وهذه مقدمة الشيخ الدكتور أحمد معبد - حفظه الله - لتحقيق الشيخ صلاح هلل - وفقه الله - لتأريخ ابن أبي خيثمة:
lبسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد:
فإِنَّ كتاب ((التاريخ الكبير)) للإمام أبي بكر أحمد بن زهير بن حرب، المعروف بابن أبي خيثمة المتوفى سنة 279هـ، وهو إمام ناقد، ابن إمام ناقد، وكلاهما معتدٌّ بقوله ورأيه في نقد الرواة والمرويات، وهذا الكتاب لا تخفى أهميته وأصالته، فهو كبير حجمًا ومعنًى، ولكن المفتقد منه حتى الآن، ما يزال كبيرًا، ونضرع إلى الله تعالى أن يُقَيِّضَ له من الباحثين والمعاونين من يقف على بقاياه، ويتوافر على نشرها نشرًا علميًّا مُحَقَّقًا، ولاسيما الأخ المُحَقِّق وإخوانه وأمثالهم مِن طلبةِ العلم المُجِدِّين.
ولقد سبق للأخ الشيخ صلاح فتحى هلل أن حقق ما يمثل السفر الثالث من الكتاب، وذلك في أربعة أجزاء، بما فيها الفهارس، ونشرته دار الفاروق الحديثة للطباعة والنشر بالقاهرة، فجزى الله الجمع خيرًا، وأدام توفيقهم لما فيه الخير.
ثم وَفَّقَ الله تعالى الأخَ الشيخ صلاح لتحقيق هذا السفر الثانى من كتاب ابن أبي خيثمة هذا، وأبدى رغبته في أن أُقَدِّمَ عمله هذا بكلمة يسيرة، فطلبت منه أُنموذجًا للعمل في صورته النهائية، فأرسل إليَّ - مشكورًا – قسمًا غير قليل من أوله، وهو عبارة عن مقدمة التحقيق، ومائة صفحة من بداية النص المُحَقَّق، مع تقرير مُقَيَّد عن طبعة السفر الثالث من الكتاب، بتحقيق الأخ الشيخ صلاح أيضًا.
وقد يسر الله تعالى لي النظر التفصيلي في هذا كله، كما أنه سبق لي التعامل تفصيلا، مع طبعة السفر الثالث، وظهر لي من خلال ذلك، أهمية الكتاب المشهود بها، وفوائده الكثيرة، من توثيق وتصويب ومعارضة لدقائق النقول والروايات الواردة في الكتاب، والمنتشرة عنه في مصادر علم الرجال، ومصطلح الحديث وعلله، وكتب الرواية والتخريج، ما بين متزامن مع الكتاب، ومتأخِّر عنه، مثل مؤلفات ومرويات الإمام البخاري، وأبي القاسم البغوي، وابن أبي حاتم الرازي، ثم من بعدهم حتى الأئمة: المزي ومغلطاي وابن حجر العسقلاني، والسخاوي وغيرهم.
فكم من كتاب في مصطلح الحديث ذكر قول ابن معين في وصف الراوي بأنه لا بأس به، وبيانه أن مقصوده الاصطلاحي بتلك العبارة: أنه ثقة؟ مع عزو هذه الرواية عن ابن معين إلى ابن أبي خيثمة. ولم نجد مُحَقِّقًا، ولا مُؤَلِّفًا معاصرًا وَثَّقَ هذه الرواية بعزوها إلى موضعها في المصدر الأصلي لها، وهو تاريخ ابن أبي خيثمة هذا، لافتقاده، فلما طبع السفر الثالث وقفنا على الرواية فيه (1/ 227) بتحقيق الأخ صلاح فتحي.
ومن أبرز مميزات هذا الكتاب ما نجده خلاله من نقول مؤلفه بالسماع لأقوال وآراء والده الإمام الناقد: زهير بن حرب المعروف بأبي خيثمة النسائي، والمعدود من أئمة النقد والمعتد بقولهم وآرائهم النقدية، وقد قال الذهبي: له كلام كثير، يأثره عنه ولده أحمد في تاريخه/ ذكر من يعتمد قوله للذهبي – ضمن أربع رسائل/172.
أما جهد الأخ المحقق، فهو متعدد، فقد لاحظت عنايته الحذرة في تحقيق وضبط نصوص الكتاب، واستدراك السقط، وتوثيق الروايات وتصويبها، ومعارضة بعضها، مستندا في ذلك على ما أتيح له من مصادر موازية أو لاحقة، أصلية، وفرعية، كما أبدى استعداده الطيب لقبول التصويب والتسديد لعمله، ممن يقف على ما لا يسلم منه جهد باحث، مهما كانت خبرته، وحرصه.
فأسأل الله تعالى لنا وله، ولكل المساهمين في خدمة السنة النبوية، ونشر علومها، كل توفيق ومثوبة من الله عز وجل، إنه سميع مجيب.
وكتب ا. د/ أحمد معبد عبد الكريم
أستاذ الحديث بجامعة الأزهر
في 26 ذي القعدة سنة 1426هـ
28/ 12/2005م
ـ[ابن السائح]ــــــــ[01 - 03 - 06, 01:43 ص]ـ
أخي عبد الله، هل سيَنشر السفر الثاني فقط، أم ينشر معه السفر الثالث الذي سبق طبعُه، وفي كم مجلّداً سيصدر؟
أرجو أن تفيدني، جزاك الله خيرا.