ثم إني توغلت في اتباع سيرة السلف الصالح، وكرهت ما شاهدته من البدع والأهواء، ونفر قلبي منها كل النفور، حتى إني منذ صغري كنت أنكر على من يغالي في أهل القبور، وينذر لهم النذور، ثم إني ألفت عدة رسائل في إبطال هذه الخرافات فعاداني كثير من أبناء الوطن، وشرعوا يغيرون على ولاة البلد، ويحرضونهم على كتابة ما يستوجب غضب السلطان علي وفعلوا ذلك مرارا حتى ألجأوا بعض الولاة أن يكتب للسلطان بأن الأمر خطر إن لم يتداركه، وأن العراق يخرج من البلد بسبب تغير عقائد الأعراب إلى ما يخالف ما عليه الجمهور من العوام ولم يزل يلح حتى ورد الأمر بإبعادي إلى جهة ديار بكر
فلما وصلت إلى الموصل قام رجالها على ساق، ومنعوني أن أتجاوز بلدتهم وكتبوا كتابات شديدة اللهجة إلي السلطان فجاء الأمر بعد أيام بعودي إلى بغداد مع مزيد الاحترام والإكرام وسقط في أيدي الأعداء ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله
وحيث أني قد بلغت اليوم ما بلغت تذكرت قول بعضهم:
أعيني لم لا تبكيان على عمري تناثر عمري من يدي ولا أدري
إذا كنت قد جاوزت ستين حجة ولم أتأهب للمعاد، فما عذري
وقد وفقني الله تعالى لتأايف عدة كتب ورسائل، تتجاوز خمسين مؤلفا ما بين مختصر ومطول ومنها ما قد طبع ونشر ومنها ما لم يزل في زوايا الخمول والنسيان وقد نظم في مدائحي شعراء العصر على اختلاف بلادهم وتباين أقطارهم - أشهرهم – أديب بغداد أخي فقي الله أحمد بن عبد الحميد الشاوي الحميري مفتي البصرة رحمه الله تعالى
فتوفرت على درس ألقيه وكتاب أنظر فيه وفرض أؤديه وتفريط في جنب الله أسعى في تلافيه، لا يشغلني عن ذلك شغل شاغل، ولا يكف كفي عن مثابرتي في نشر الفضائل لعل الله سبحانه وتعالى يدخلني دار رحمته، ويسكنني مع من سبقت له الحسنى في جنته، فإن الرحيل قريب، وكأني للنداء مجيب وما أحسن قول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وإن امرأ قد سار خمسين حجة إلى منهل، من ورده لقريبُ
هذا ملخص حالي، وما جرى علي من حوادث الليالي، ونسأل الله حسن العواقب)) إ. هـ من كتاب أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث لأحمد تيمور باشا ص 311
توفي العلامة الألوسي رحمه الله سنة 1342
مصادر الترجمة
1. – الدر المنتثر ص 38
2. _ لب الألباب 2/ 318
3. _ محمود شكري وآراؤه اللغوية ص 28
4. _ أعلام العراق ص 85، 341
5. أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث لأحمد تيمور باشا ص 311
رابط الموضوع الأصلي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=17032&highlight=%22%D4%D1%CD+%E3%D3%C7%C6%E1+%C7%E1%CC%C 7%E5%E1%ED%C9
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[14 - 03 - 06, 03:57 ص]ـ
قال الإمام أبو الفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني رحمه الله تعالى عن "روح المعاني" للألوسي و"نيل الأوطار" للشوكاني في كتابه في رفع اليدين في الصلاة:
"وقد ورد علينا تفسير من قِبَل بغداد؛ اسمه: "روح المعاني"، واسم مؤلفه: محمود الألوسي البغدادي، في تسعة أجزاء. ما ساعدني القلم والإملاء الروحي إلا أن أسميه: عالم المشرقين والمغربين، لا المغرب ولا المشرق، ولا المشرقين، ولا المغربين، ولو شئت أن أقول: عالم المشارق والمغارب لصدقني من مارسه وخالطه وكانت له ممارسة كبيرة قبل بمجموع التفاسير الموجودة والخفية، فهناك ربما يشهد بمثل ما شهدت. وإن وقعت له غفلات؛ فسبحان من لا يغفل، ولو ادعى الإجتهاد لما نازعته فيه! ".
"وكذا شرح "منتقى الأخبار" لابن تيمية، للحافظ المتقن المتبحر محمد بن علي الشوكاني الصنعاني اليمني، سماه: "نيل الأوطار"، لو ادعاه؛ لسُلم له أيضا، كما يُعلم بمراجعته، مع يد بيضاء في العلوم، وذهن وقاد، وقلب يقظان، وهمة عُليا. وهذان الإمامان الجليلان مما يضِن وجودهما آخر الزمان. والألوسي الألوسي؛ فلله النوع الإنساني حيث كان هو منه، ولله التدبير الإلهي حيث استخلف سيدنا آدم في الأرض حتى استخرج من ظهره أمثاله، {وكان الله على كل شيء مقتدرا}. [الكهف: 45] ".
وكان لما توصل بنسخ منهما اقام حفلا كبيرا بفاس، ودعا فيه العلماء ليقتدوا بمصنفيهما في العمل بالدليل، ومراعاة فقه السلف. كما ألمح لذلك شيخنا الإمام محمد المنوني رحمه الله تعالى في الجزء الثاني من "مظاهر يقظة المغرب الحديث".
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[14 - 03 - 06, 04:05 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا حمزة، و نفعنا بدررك كالعادة ...
ـ[رعد السامرائي]ــــــــ[15 - 03 - 06, 11:50 ص]ـ
لم اعلم الى ماذا توصلتم الى كم آلوسي؟؟؟؟