ثم قوله: "ثم قال في آخر كتابه الخرافي (كذا): الفصل العاشر: في تحريم العمل بكتاب الله وحديث رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ... إلخ. هكذا يصرح بالتحريم بكل جرأة ووقاحة (كذا) " ...
قلت: قوله الخرافي، على عهدته ...
وقوله: الفصل العاشر .... إلخ .. هو كفر بواح يكفر به شيخ شيوخه، فقول ذلك كفر بلا شك، وكلامه مردود من وجوه:
الأول: أن الكتاب مكون من مقدمة، وسبعة فصول، وخاتمة ... فمن أين أتى بالفصل العاشر؟.
الثاني: أن العنوان المذكور غير موجود بذلك اللفظ في الكتاب، إنما اللفظ المذكور مغاير له تماما، وهو قوله رحمه الله: الفصل الثالث: في أنه يحرم علينا الاستدلال بالكتاب والسنة على حكم من أحكام الدين وفروعه، لجهلنا بطريق الاستدلال، وعجزنا عن تحصيل شروطه" ...
قلت وتوضيح هذا بأمور: أن الاستدلال بالشيء غير العمل به، والله تعالى لم يتعبدنا إلا بكلامه وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم.
الأمر الثاني: أن الرسالة في معرض الحديث إلى طلبة العلم لا إلى العلماء، وإلا فإن المؤلف ملأها استدلالا بالكتاب والسنة، ولكنه قارن حرمة الاستنباط والاستدلال لمن ليست له الأهلية بقوله: لجهلنا بطريق الاستدلال وعجزنا عن تحصيل شروطه ...
الأمر الثالث: أنه فصّل ضمن الفصل نفسه، شروط الاستنباط والاجتهاد، ومتى تصح ومتى لا تصح ... فليس الأمر كما أراد تصويره السيد الغماري غفر الله لنا وله ... وقلب اللفظ ليوافق ما فهمه.
الأمر الرابع: أن من راجع مؤلفات الشيخ جعفر رحمه الله تعالى، أذكر مما طبع منها: "الدواهي المدهية للفرق المحمية"، و"أحكام أهل الذمة"، و"الدراك في أحكام السواك"، علاوة على ما لم يطبع منها كحواشيه على الصحيحين التي ملأها فقها محررا كما في ترجكته من "فهرس الفهارس"، أي: فقها مدللا .... أقول: من راجع ذلك علم يقينا أن المؤلف نفسه كان ينحو في جميع مؤلفاته إلى الاستدلال والاستنباط، بل يخالف المذهب أحيانا إذا ترجح الدليل كما تجده في كتابه "الدراك" ....
فالمؤلف - رحمه الله تعالى - كان يخاطب بذلك الطلبة وصغار هل العلم الذين لما تتهيأ لهم ملكة الاستدلال والاستنباط، لأن المستنبط موقع عن الله تعالى كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى، وإذا لم تتهيأ له شروط ذلك، فسيصير متأليا على الله تعالى، والتألي على الله حرام بالإجماع ...
الأمر الرابع: أن جميع من ترجم للشيخ جعفر الكتاني - رحمه الله تعالى - كما سيأتي لاحقا إن شاء الله تعالى، ذكروا اعتناءه بعلوم الحديث والأثر، حتى إنه ترك في النصف الثاني من عمره التدريس إلا تدريس كتب الحديث والسنة، حتى إن نجله الإمام محمد بن جعفر الكتاني ذكر في فهرسته المطبوعة أنه قرأ عليه الصحيحين كل واحد منهما أكثر من عشرين مرة ...
فكيف يتفق هذا مع دعوته لتحريم الأخذ بالكتاب والسنة؟، هذا لا يفوه به عاقل ....
وقد كتبت هذا التوضيح للتنبيه، وحتى لا يظن البعض الظنون الخاطئة، وأدهى من ذلك أن الشيخ الغماري غفر الله لنا وله اتهم الشيخ علامة تونس حمدان الونيسي - كما في كتابه "التصور والتصديق" - بأنه قال بأن مختصر الشيخ خليل فوق رأسه، والكتاب والسنة تحت قدميه، والعياذ بالله تعالى، وتناقل ذلك جل من تحدث عن دعوة الغماري للاجتهاد، وأنا أستبعد ذلك جدا جدا، لأنه فوق الكفر بمراحل .... وهذا كثير في كتابات السيد الغماري وفي نقوله.
وقد كنت دعوت محبيه مرارا إلى تصحيح ذلك، وحذف طعونه في الناس، لأن جل طعونه لا ترتكز إلا على أوهام غير صحيحة البتة، غير أننا نجد طائفة من المبرسمين المعاصرين صاروا لا يعرفون من علمه سوى الشطحات، والطعون في الناس، ويعتمدون ذلك على أنه حق لا يقبل الباطل ... وقد خبرت - شخصيا - الكثير من ذلك فوجدت لا يخلو أن يكون مناقضا للواقع تماما تماما، بأمر يبعث على الذهول .... ولذلك وجب التنبيه .... والسلام ...
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[10 - 04 - 06, 05:38 ص]ـ
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه ...
وبعد؛ فقد وقفت في مقدمة "عواطف اللطائف من أحاديث عوارف المعارف"، للشيخ البحاثة الناقد أحمد بن محمد بن الصديق الغماري رحمه الله وغفر لنا وله، بقلم أخينا الشيخ محمود سعيد ممدوح، على نقل ص103 عن كتاب جؤنة العطار، للسيد أحمد الغماري نفسه، جاء فيه:
¥