الأمر الثاني: ذهاب الكتب من هذه الديار، وتفرق أصول هذا الكتاب في الأنجاد والأمصار، فسارعت إلى جمعه، وكنت عند الشروع أرى نفسي حقيرةً لمثل التصدي لهذا الخطب، ورأيت أن الترك لذلك أقرب، فرغَّبَني بعضُ مشايخي الأعلام، وقال لي: هذه طريقة مُدَّخرة لدار السلام، ولا زال يحثني على تمام ما وقع به الشروع .. ).
• ثم قال في بيان مصادر كتابه:
(وعمدتُ إلى أجمعِ كتابٍ للأحكام، وأنفع تأليفٍ تداولته الأئمة الأعلام، وهو "المنتقى" فجعلته أصلًا لهذا الكتاب ... وزدت عليه الجمَّ الغفير من "جامع الأصول"، و"بلوغ المرام"، و"مجمع الزوائد"، و"الترغيب والترهيب" للحافظ المنذري، ومن "الجامع الصغير وذيله"، ومن "الجامع الكبير"، ومن "البدر المنير"، و"جامع المسانيد"، و"المستدرك" للحاكم، و"تلخيص الحافظ ابن حجر"، و"فتح الباري"، و"خلاصة البدر المنير"، وغير ذلك من الكتب، وراجعت تلك الأصول، ونسبت كل حديث إلى أصله المنقول ... ).
• ثم بين طريقة تأليفه وترتيبه ومنهجه فيه بقوله:
(ورتبته – أي "المنتقى" - أحسن ترتيب، وهذَّبته أبلغ تهذيب، وحذفت منه أشياء تكررت، وأبدلت منه تراجم صُدِّرَت، وقدمت ما يحتاج إلى التقديم، وأخرت ما تقدمَ ورُتْبَتُه التأخير، وجعلت كل حديث حيث يستحق التصدير ...
وأتْبَعْتُ كل حديث ما عليه من الكلام من تصحيح وتحسين، أو تضعيف وتهوين ()، وعزوت كل شيء إلى قائله حسبما وجدته في هذه المصنفات، وإن لم أجد كلامًا لأحد من الأئمة على الحديث نقلت من كتب الرجال ما قيل في راويهِ من التوثيق والتضعيف، وبالغت في العناية في البحث لِمَا يحتاج إليه، وإن بَعُدَت طريق الوصول إلا بعد أيامٍ إليه ... )
ثم حضه بعضُ شيوخه أن يُتْبِعَ كلَّ حديث بما يحتاج إلى تفسيره من الغريب، حتى لا يحتاج إلى شرح، وتكمل به فائدة الكتاب قال: فامتثلت أمره، وأتْبَعتُ كلَّ بابٍ ما يحتاج إليه نقلًا من شروح الحديث، و"غريب جامع الأصول"، و"مختصر نهاية ابن الأثير"، و"المُغْرِب"، و"صحاح الجوهري"، و"القاموس"، و"مجمع البحار" وغير ذلك.
ثم إني أتبعتُ هذا الكتاب كتابَ الجامع، اشتمل على عدة أبواب مهمة لا يُستغنى عنها.
وقد أكرر الحديث الواحد في مواضع من هذا الكتاب لِمَا فيه من الأحكام المتعددة.
واقتديت بأصل هذا الكتاب – أي " المنتقى" - في جعل العلامة لِمَا رواه البخاري ومسلم: أخرجاه، ولما رواه أحمد وأصحاب السنن: رواه الخمسة، ولهم جميعًا: رواه الجماعة، ولأحمد والبخاري ومسلم: متفق عليه، وما سوى ذلك أذكر من أخرجه باسمه).
• ولأهمية الكتاب وقيمته العلمية كَتَبَ العلامة محمد بهجة البيطار مقالاً في التعريف به وبيان مميزاته أولَ ما طُبِع المجلد الأول منه عام 1390، وذلك في (مجلة المجمع العلمي العربي) بدمشق: (34/ 515 - 517).
فأهم مميزات الكتاب:
1 - أنه من أجمع كتب أحاديث الأحكام إن لم يكن أجمعها، فقد بلغ عدد أحاديثه (6535 حديثًا) عدا الزيادات والألفاظ المختلفة للحديث الواحد، فبها يزيد العدد إلى الضعف.
2 - أنه لتأخره استوعب الكتب المؤلفة في الأحكام، وضم إليها ما وجده في الكتب الجامعة للأحاديث مما تقدم ذكره قريبًا.
3 - أنه يتبع كل حديث بما قيل فيه من تصحيح وتضعيف، وهذه ميزة كبيرة خاصة للفقيه التي ليست صناعته الحديث.
4 - شرحه لغريب ألفاظ الحديث من كتب الشروح المعتمدة.
* ملخص العمل في الكتاب
- اشترك في العمل مجموعة من طلاب العلم في المقابلة والتصحيح والعزو والتخريج بإشراف الشيخ علي بن محمد العمران. وقد ذكرناهم في صدر الكتاب.
- اعتمدنا النسخةَ الثانيةَ وهي نسخةٌ جيدة قليلة الخطأ يُعْتَمَد عليها في إخراج الكتاب؛ إذ هي منقولة من خط المصنف، وناسخها أحمد بن علي الطير عالم معروف، اعتنى بها وقابلها مرَّة أخرى.
- صححنا ما وقع في النسخة من وهم أو سبق قلم – وهو قليل – خاصة إذا كان في ألفاظ الأحاديث النبوية دون إشارةٍ إلى ذلك.
- أثبتنا ما كان على حواشي النسخة من تعليقات منسوبة إلى المؤلف – رحمه الله – أو لم تُنْسَب – وهي قليلة - إذا كانت تفيد غرض الكتاب.
- اعتنينا بتفقير الكتاب، ووضع علامات الترقيم اللازمة، وجعلنا نصوص الأحاديث بخط أثخن تمييزًا له.
- رقمنا جميع الكتب الواردة فبلغت (39) كتابًا، ثم رقَّمْنا الأبواب داخل كل كتاب فوضعنا رقم الكتاب أولاً ويليه رقم الباب هكذا [1/ 20] يعني: الباب رقم عشرين من الكتاب الأول وهكذا.
- ثم رقمنا الأحاديث رقمًا تسلسليًّا، فبلغ مجموع الأحاديث بحسب ترقيمنا (6535). ولم نرقم ألفاظ الحديث ورواياته المختلفة وإلا لتضاعف العدد.
- أحَلْنا على جميع الكتب الحديثية التي عزا إليها المؤلف بالجزء والصفحة أو بالرقم، وما لم نقف عليه من عزو المؤلف أو كان الكتاب المحال إليه غير مطبوع أغفلنا الإشارة إليه.ونشير هنا إلى أن بعض الكتب لم يكتمل طبعها حال عملنا على الكتاب من أكثر سنتين مثل ((مسند البزار))، و ((المختارة)) للضياء فلم تحصل الإحالة إليها.
- قد نحيل على عدد من المصادر التي لم يعزُ لها المصنف تكميلاً للفائدة.
- ما وجدناه من أوهام المؤلف في العزو أو غيره، فما جزمنا به علقناه في الهامش، وما كان محتملاً صنعنا له ملحقًا خاصًّا، فذكرنا ما وقع عند المصنف ثم أتبعناه بالإيراد على كلامه. وكثير من هذه المواضع يكون فيها المؤلف تابعًا لغيره من المخَرِّجين، كصاحب ((المنتقى))، أو ابن حجر في ((التلخيص))، أو الشوكاني في ((النَّيْل)).
- ختمنا العمل بفهرس للأحاديث والمراجع وفهرس للكتب والأبواب.
¥