تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمما لاشك فيه أن مطبعة بولاق لعبت دور البطل في النقلة الفكرية والحضارية لمصر في بداية القرن التاسع عشر، ومن هنا تكمن أهمية المعرض الذي تقيمه مكتبة الإسكندرية في 2 يونيو القادم باعتباره أول معرض لتاريخ الطباعة في مصر والعالم العربي، حيث يحكي قصة بداية أول مطبعة تستخدم لأغراض الطباعة والنشر، فلم يعرف وادي النيل المطابع إلا مع قدوم الحملة الفرنسية علي مصر عام 1798، حيث حمل نابليون بونابرت معه ثلاث مطابع مجهزة بحروف عربية ويونانية وفرنسية، وكان الهدف الأساسي لهذه المطابع هو طباعة المنشورات والأوامر، وكانت تقوم بعملها في عرض البحر، حتي دخلت الحملة الفرنسية القاهرة، فنقلت إليها، وعرفت بالمطبعة الأهلية توقفت عن العمل بانتهاء الحملة الفرنسية عام 1801، وعندما تولي محمد علي حكم مصر سعي إلي إنشاء مطبعة بالقاهرة وكان هذا التفكير جزءا من مشروع سياسي كبير، فالدولة الحديثة التي طمح محمد علي في تأسيسها تحتاج لطبع القوانين واللوائح والمنشورات بهدف تنظيم الإدارة المصرية، وتزويد الجيش بما يحتاجه من كتب وقوانين وكذلك خدمة التعليم والمدارس.

هكذا حملت المطبعة الكثير من الدلالات المهمة في حياة المصريين، ومن هذا المنطلق سعت مكتبة الإسكندرية إلي البحث عن كل ما يتصل بمطبعة بولاق لتقديمه في هذا المعرض، باعتبارها­ علي حد تعبير د. إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية­ رمزا حيا علي مرحلة فاصلة في تاريخ مصر، فالمطبعة بآلاتها الحديدية وملحقاتها الجامدة شاهد صدق علي التحول الكبير الذي بدأت معه مصر مرحلة جديدة نحو النهوض والتقدم، بل إن مطبعة بولاق كانت السبب الرئيسي في ذلك التحول، إذ خرجت مصر بسببها من عصور مظلمة تغلها قيود الجهل والتخلف التي بذل الأتراك جهدهم حتي تظل العيون مغلقة، والعقول مكبلة والإرادات مغلولة والألسنة معقودة .. خرجت مصر من كل ذلك إلي نور المعرفة والحرية والوعي، وكان كل هذا بسبب مطبعة بولاق التي قدمت للمصريين زادا كانوا في حاجة إليه، قدمت إليهم المعرفة في وعاء جديد عليهم هو الكتاب المطبوع.

يروي هذا المعرض من خلال مقتنياته والكتاب الذي صدر مواكبا له،من اعداد د. خالد عزب والباحث أحمد منصور 'تاريخ مطبعة بولاق'.

لماذا المطبعة؟

يسرد الكتاب المصاحب للمعرض الآراء المختلفة في تفسير سبب إنشاء هذه المطبعة ولكن الأرجح هو ما ذكره أبوالفتوح رضوان في كتابه 'تاريخ مطبعة بولاق'، فهو يري أن المطبعة لم تنشأ بمفردها مستقلة عن بقية مشروعات محمد علي، بل كانت جزءا من مشروع كبير وكانت كأي مؤسسة أخري من مؤسساته يرجي منها أن تسهم في إنجاح جانب من المشروع الكبير الذي استند فيه إلي تأسيس جيش قوي جعله يسعي إلي إنشاء هذه المطبعة والدليل علي ذلك أن تاريخ تكوين الجيش هو تاريخ إنشاء المطبعة، ففكرة تكوين جيش جديد لاحت في ذهن محمد علي في سنة 1815 وهي السنة التي أوفد فيها بعثة من المصريين إلي إيطاليا لتعلم فن الطباعة، كما أن حركة الترجمة اتي بدأت في عصر محمد علي، كانت باكورتها ترجمة الكتب الخاصة بالحربية، بالإضافة إلي أن أول الكتب والمطبوعات التي أصدرتها المطبعة كلها خاصة بالجيش وما يتعلق بعساكره من قوانين وتعليمات، وهذا يؤكد أن مطبعة بولاق لم تنشأ مستقلة بذاتها وإنما كانت جزءا من مشروع كبير يرمي إلي خلق مدينة مصرية جديدة تقوم بعيدا عن عصور الظلام التي غرقت فيها مصر أثناء حكم المماليك، فكان لابد من طبع كتب الفن الحربي والعلوم الحديثة لتحديث البلاد.

تاريخ الإنشاء

اختلف كثير من المؤرخين حول تاريخ إنشاء مطبعة بولاق، لكن اللوحة التذكارية (المعروضة في المعرض) التي علقت علي باب المطبعة وتتضمن ثلاثة أبيات من الشعر، يتضمن الشطر الأخير منها بحساب الجمل تاريخا نقش صراحة في أسفلها يثبت أنه تم البدء في إنشاء المطبعة في سنة 1235ه­1820م، ولم يأت شهر ذي الحجة من سنة 1235ه وشهر سبتمبر من سنة 1820م إلا وكان البناء قد تم تشييده.

تواريخ مهمة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير